بعد آخر اعتداء نفّذه عامل «ديليفري» في أيلول الفائت، برز أمس، تطوّر أمني خطير يُضاف إلى رزمة التحديات على الساحة اللبنانية، حيث تعرّضت السفارة الأميركية في عوكر إلى إطلاق نار من قبل شخص يحمل الجنسية السورية، فردّ عناصر الجيش اللبناني المنتشرون في المنطقة على مصادر النيران ما أسفر عن إصابة مطلق النار، وتم توقيفه ونقله إلى أحد المستشفيات للمعالجة.
وأعلنت السفارة الأميركية في بيان أنه «بفضل التدخل السريع للجيش وفريق أمن السفارة، لم يتم تسجيل أي إصابات بين موظفي السفارة». وأشارت إلى أن «التحقيقات جارية والإتصالات مستمرّة مع السلطات اللبنانية بشأن أي جديد. وأوصت مواطنيها بتجنب السفر إلى حدود لبنان مع إسرائيل وسوريا ومخيمات اللاجئين وتجنب التظاهرات وأي تجمعات». وأبقت أبوابها مغلقة أمس أمام الجمهور، لكنها تعتزم فتح أبوابها اليوم.
على اثر كشف هوية مطلق النار على السفارة الأميركية، والذي تبيّن أنه سوري الجنسية يقطن في منطقة الصويري عقارياً بشقة مستأجرة من أحد أبناء مجدل عنجر في منطقة البقاع، نفّذت مداهمات أمنية وعسكرية توسّعت إلى اكثر من بلدة بين البقاعين الغربي والأوسط، وأسفرت عن توقيف عدد من الأشخاص، بين لبنانيين وسوريين، يشتبه أنهم كانوا على علاقة بمنفذ الهجوم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن أبرز الموقوفين إمام مسجد أبو بكر م.ج. سوري الجنسية، ذكر أنه إلتجأ الى أزهر البقاع لتسليم نفسه، ولم تتضح بعد طبيعة العلاقة التي تربطه بمطلق النيران، بانتظار إكتمال التحقيقات، وأفادت معلومات عن توقيف مالك الشقة التي كان يقطنها.
إلى ذلك، أكّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، بسام مولوي، «أننا نحقق بالهجوم على السفارة الأميركية ويتم إيقاف أي شخص له صلة». وقال في حديث لـ»العربية»، أن «مهاجم السفارة نقل متفجرات من مجدل عنجر إلى عوكر»، لافتاً إلى أنّ المهاجم «اجتاز حواجز عدّة وهذا مستغرب». وأضاف «أننا نبحث عن الجهات التي تقف خلف الهجوم على السفارة الأميركية». في السياق، أفاد مصدر قضائي وكالة الصحافة الفرنسية بأن مطلق النار، قال إنه «نفّذ العملية نصرة لغزة».
عقب هذه الحادثة، توالت المواقف السياسية المستنكرة للإعتداء. إذ تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي موضوع إطلاق النار على السفارة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الوطني موريس سليم، وأجرى سلسلة اتصالات مع قائد الجيش العماد جوزاف عون وقادة الأجهزة الأمنية. وتبلّغ من المعنيين «أنّ الوضع مستتبّ وأن التحقيقات المكثفة بوشرت لجلاء ملابسات الحادث وتوقيف جميع المتورطين». كما اتصل بالمعنيين في السفارة للإطمئنان الى الوضع والى العاملين فيها نظراً لوجود السفيرة ليزا جونسون خارج لبنان.
في السياق، دان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب الإعتداء وقد أجرى إتصالات هاتفية عدّة لمتابعة الحادثة والوقوف على تفاصيلها مع الأطراف المعنية، مؤكّداً إلتزام لبنان بحماية مقرّات البعثات الدبلوماسية العاملة في بيروت وفقاً لإلتزاماتنا واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
من جهته، اتّصل وزير الدفاع موريس سليم بالمعنيين في السفارة، مستنكراً الإعتداء ومطمئنّاً إلى سلامة العاملين فيها. وأكّد أنّ القوى العسكرية والأمنية تواصل عملها لكشف ملابسات الإعتداء والجهات التي تقف وراء هذا العمل، مشدّداً على جهوزية الأجهزة الأمنية لحماية البعثات والمقرّات الدبلوماسية.
أمّا رئيس «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل، فرأى أن «الوضع الأمني متفلت في لبنان جراء تفشي ظاهرة السلاح غير الشرعي وبسبب حزب الله وحلفائه الذين أرسوا شريعة الغاب فيه»، وقال: «كل من يقف بوجه سياسة حزب الله مهدّد في لبنان ولا أستغرب أن تكون هذه الحادثة بمثابة رسالة، ونحن نعيش هذا التهديد يوميّاً منذ سنوات».
وأعلن «التيّار الوطني الحرّ» أنه ينظر ببالغ القلق إلى هذا الاعتداء، وحضّ القوى الأمنية والعسكرية «على استكمال عملية الملاحقة وتبيان الملابسات وحقيقة ما حدث شكلاً وتوقيتاً»، مجدّداً «رفضه المطلق لأن يكون لبنان ساحة اختبار أو صندوق رسائل لأي جهة كانت، في الداخل أم في الخارج».
من جهته، توقّف «حزب الوطنيين الأحرار» عند «الوقاحة اللافتة في أسلوب وشكل تنفيذ هذه المؤامرة من قبل أيادٍ مُتطرفة»، مُكرّراً رفضه بـ»أن يتحوّل لبنان إلى صندوق بريد موّجه إلى الولايات المتحدة الأميركية أو غيرها».
#نداء الوطن