كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
لم تنعم محافظة بعلبك الهرمل باستقرار أمني ورخاء كالذي شهدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بفضل جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية، ما انعكس نمواً اقتصادياً وسياحياً أعاد ثقة اللبنانيين والأجانب بالمنطقة بعد الصورة النمطية التي لازمتها سابقاً.
يتنفّس أهالي بعلبك الهرمل الصعداء مع بداية كل موسم سياحي، وتباشير فصل الصيف الذي يطلّ معه زوّار الهياكل الرومانية ومحبو السياحة من كل حدبٍ وصوب، ومعهم تغمر أسواق المدينة ومطاعمها وفنادقها الزحمة، وتعلو الفرحة وجوه أصحابها.
وعليه، تطابقت حسابات السنوات الثلاث الأخيرة مع بيدر الأهالي وأصحاب المؤسسات السياحية، ولجان المهرجانات التي تقام في البلدات، ولا سيما في دير الأحمر واليمونة، يسبقها التحضير لمهرجانات بعلبك الدولية بعدما حالت الأحداث الأمنية دون إقامتها على مدى عامين متتاليين قبل سنوات، وذلك كله بفضل الإجراءات غير المسبوقة التي يتّخذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية في سبيل الإمساك بزمام القرار الأمني في المنطقة، وإزالة المحافظة عن القائمة السوداء وحظر السفر إليها، وفرض معادلات جديدة لا مكان فيها لعصابات الخطف والسرقة وظواهر إطلاق النار، بعدما أكدت الأحزاب الفاعلة في المنطقة أن لا غطاء من قبلها على أحد، وكل المناطق مفتوحة أمام الجيش وآلياته.
الهدوء الأمني الذي انعكس نشاطاً على الحركة الاقتصادية والسياحية في بعلبك الهرمل خلال الفترة الماضية، تنغّصه اليوم أجواء الحرب الدائرة في جنوب لبنان، والتي تطال شظاياها بعلبك ومحيطها بين فترة وأخرى، ما يدفع بالسياح واللبنانيين الذين يقصدونها للتنزه والتمتع بجمال القلعة والطبيعة الخلابة، إلى الإحجام خوفاً من أي طارئ قد يحصل. وبعدما كانت قلعة بعلبك وأسواقها تضجّ بالسياح الأجانب والعرب في مثل هذه الأيام، تشهد بعلبك الهرمل حالياً حركة سياحية شبه معدومة سواء أكانت أجنبية أم محلية، نتيجة المعارك الدائرة في الجنوب، والضربات التي تتلقاها المدينة ومحيطها، والأحاديث عن تطوّر الحرب ودخول لبنان في أتونها، الأمر الذي أدّى الى خلوّ القلعة من روّادها إلا في ما ندر من أبناء المدينة أو بعض اللبنانيين من مناطق أخرى، كذلك غياب أي حجوزات في المطاعم أو الفنادق لهذا الموسم، ناهيك بإلغاء مهرجانات بعلبك الدولية أسوةً بشقيقتها مهرجانات بيت الدين، واقتصار الأمر على حركة خجولة للسياحة الدينية الى المقامات ومعظمها من الجنسية العراقية.
رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل أوضح لـ»نداء الوطن» أنّ «الأمر مرتبط بواقع الحرب التي تشنّ على لبنان ويصيب جزءاً منها مدينة بعلبك، والموسم السياحي هو موسم المغتربين الذين يقيّمون الوضع بحسب الواقع الأمني، وبعد الاستقرار الذي شهدناه سابقاً، استجدّ موضوع الحرب الذي يتحكّم بالمجريات ومجيء السيّاح، وما يقام من أنشطة وبرامج سياحية هو في سبيل تشجيع المغترب على قضاء عطلة الصيف في لبنان. وقمنا في بعلبك بعدة نشاطات من إنارة الوسط التجاري وإبقائها حتى عيد الأضحى الى نشاطات أخرى من أجل جذب السياحة الداخلية وهي الى الآن خجولة جداً، والسياحة الأجنبية شبه معدومة».
وأضاف «في وقت كانت الكلفة التشغيلية للبلدية تغطى من مدخول القلعة خلال الموسم السياحي، هذا العام المدخول قليل جداً، والموسم يبدأ عادةً مع بداية الشهر الرابع، ونحن في الشهر السادس ولم نلحظ أي حركة تعطي بوادر إيجابية، فالموسم يرتبط بالاستقرار والواقع الأمني يفرض نفسه على كل شيء».