كتب طوني جبران في “المركزية”:
كشفت مصادر واسعة الاطلاع أن خلف الحراك الديبلوماسي الجاري على أكثر من مستوى ولا سيما تلك الحملات التي اتخذت من واشنطن مسرحا لها، مجموعة من المخاوف التي تحدثت عن إمكان انفجار الوضع في المنطقة ولا سيما في جنوب لبنان في أي لحظة، وخصوصا إن أخطأ أحد الطرفين وارتكب عملية ما، يمكن أن تؤدي إلى إشعال الجبهات الملتهبة أصلا إلى الذروة التي حذّر منها الجميع من دون استثناء، سواء تم ذلك عن قصد أو غير قصد. وقالت هذه المصادر إن هذه المعلومات تسربت على هامش اللقاءات التي شهدتها مباني الكونغرس الاميركي والبيت الابيض ومقرات المخابرات المركزية والامن القومي وحيثما وطأت أرجل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وفي قراءتها لهذه المعادلة، أضافت هذه المصادر بوجوهها السياسية والديبلوماسية والعسكرية أن بعضا مما تسرّب منذ أيام يوحي بالأسوا. وخصوصا عندما تم الربط في الاوساط الاميركية والاقليمية والدولية بين ما هو محتمل و”الصمت المدوي” لنتنياهو تجاه الموقف الاميركي المتقدم الذي حمله الكثير من المسؤوليات تجاه ما حصل حتى اليوم، والتأخير في التوصل إلى وقف لاطلاق النار وفتح الطرق المؤدية الى ادخال المساعدات الانسانية الى غزة. علما أن الادارة الاميركية لم تتردد في الوقوف إلى جانبه ودعمه بكل أنواع الأسلحة ما عدا الحظر الذي فرض أخيراً على أنواع محددة من الصواريخ الثقيلة التي يمكن أن يستخدمها الجيش الاسرائيلي في المناطق السكنية سواء كما جرى في قطاع غزة من قبل، أو في لبنان ان اندلعت الحرب الى جانب رفضها قرارات محكمتي العدل والجنائية الدولية تجاه اسرائيل واي موقف دولي دان معظم ما جرى في مخيمات القطاع والمراكز الانسانية والطبية والتربوية والأمنية ومراكز الإيواء والفرق الانسانية الدولية طيلة الأشهر التسعة الماضية.
وفي موازاة هذه الملاحظات وما حملته من مفارقات، فإن احتفاظ نتنياهو بصمته تجاه الانتقادات الاميركية وخصوصا تلك التي وجهها الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بدأ يقاس قبل أيام قليلة بمعايير مختلفة قادت إلى الخوف من أي حدث مأساوي. قد يعطي نتنياهو حجة ومبررا للرد عليها بخطوات إسرائيلية قد تجعله متفلتا من كل هذه الضوابط والملاحظات.
ولذلك، توجهت الانظار إلى ما يمكن أن يرتكبه اي من طرفي الصراع من خطأ قد يكون مميتا، إلى أن وقعت الواقعة أمس في مدينة مجدل شمس على ساحة الجولان البعيدة عن محاور القتال المباشر ان على الجبهة الشمالية مع لبنان او في غلاف قطاع غزة. ولذلك ارتفع منسوب القلق الى اعلى المستويات المحتملة وخصوصا ان التهمة وجهت مباشرة الى “حزب الله” قبل أي فصيل آخر. وجاءت التدابير الاسرائيلية العاجلة والتي يمكن ان تقود نتنياهو الى قطع زيارته الى الولايات المتحدة الاميركية وحال الاستنفار التي اعلنت على مستوى مختلف الاسلحة الاسرائيلية لتتسبب بحملة ديبلوماسية دولية وإقليمية غير مسبوقة بين العواصم المعنية بالاحداث في محاولة استباقية لتجنب اي رد فعل اسرائيلي محتمل، وخصوصا ان ثبتت التهمة بأن الصاروخ أو المسيرة التي بلغت المدينة الدرزية في عمق الجولان السوري المحتل كانت من لبنان.