على وقع الحرب… ماذا ينتظر العام الدراسي المقبل؟

كتب داود رمّال في “أخبار اليوم”:

مع بداية العام الدراسي الجديد في لبنان، يواجه القطاع التربوي تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد. هذه التحديات لا تقتصر فقط على ما هو تقليدي الذي عرفه القطاع على مدى السنوات الماضية، بل تضاعفت بشكل كبير بسبب الظروف الاستثنائية التي يعيشها البلد. وفي مقدمة هذه الظروف، تأتي الحرب الإسرائيلية المستمرة على لبنان لا سيما الجنوب وخصوصا منطقة جنوب الليطاني، التي أدت إلى نزوح واسع النطاق للسكان من المناطق الحدودية إلى مناطق أكثر أمناً، مما أثر بشكل مباشر على العملية التعليمية في تلك المناطق.

تحدث مصدر مسؤول لوكالة “اخبار اليوم” عن تأثير الحرب والنزوح على التعليم، فقال: “النزوح الجماعي للعديد من الأسر من المناطق الحدودية باتجاه المناطق الداخلية أدى إلى تعطيل العام الدراسي في تلك المناطق، حيث أصبحت العديد من المدارس غير قادرة على فتح أبوابها. وهذا النزوح لا يشمل فقط الطلاب، بل أيضاً المدرسين والإداريين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لمغادرة أماكن إقامتهم بحثاً عن الأمان، مما يعرقل قدرة المؤسسات التعليمية على العمل بشكل طبيعي. إضافة إلى ذلك، تتعاظم الضغوط على المدارس في المناطق التي استقبلت النازحين، حيث تواجه اكتظاظاً شديداً يضعف من قدرة المدارس على تقديم تعليم جيد”.


اما عن تأثير الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على التعليم، اوضح المصدر ان “الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان تلقي بظلالها الثقيلة على كافة القطاعات، والتعليم ليس استثناءً. ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض قيمة العملة المحلية جعلا من التعليم عبئاً كبيراً على الأسر اللبنانية. تكاليف الرسوم الدراسية، شراء الكتب والقرطاسية، والنقل أصبحت تعجيزية للكثيرين، مما دفع ببعض العائلات إلى اتخاذ قرارات مؤلمة، كإخراج أبنائهم من المدارس الخاصة ونقلهم إلى المدارس الحكومية، التي تعاني بدورها من نقص في التمويل والموارد. كما أن العديد من المعلمين اضطروا إلى البحث عن وظائف إضافية أو حتى مغادرة المهنة بسبب تدهور قيمة رواتبهم، مما يزيد من تدهور جودة التعليم”.


حول مخاطر العودة إلى التدريس عن بعد، اشار المصدر الى انه “مع تفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية، باتت العودة إلى التدريس عن بعد أحد الخيارات المطروحة لضمان استمرارية التعليم. ورغم أن التعليم عن بعد كان حلاً ضرورياً في ظل جائحة كورونا، إلا أنه كشف عن عيوب كبيرة في النظام التعليمي اللبناني. الطلاب، وخاصة في المناطق النائية أو الفقيرة، عانوا من نقص في البنية التحتية التكنولوجية، مثل الحواسيب والإنترنت، مما أثر سلباً على تحصيلهم العلمي. كما أن غياب التواصل المباشر بين المعلمين والطلاب أدى إلى انخفاض مستوى الفهم والمشاركة، وزيادة نسبة التسرب الدراسي”.


تابع ان “إحدى القضايا الرئيسية التي تثير القلق هي مصداقية الشهادات الرسمية في حال استمرار التدريس عن بعد. فقد بات من السهل على الطلاب الغش أو الحصول على مساعدات خارجية أثناء الامتحانات، مما يهدد جودة التعليم ويضعف من مكانة الشهادات اللبنانية. هذا التحدي يضاف إلى التحديات الأخرى، مثل الاعتراف الدولي بالشهادات اللبنانية في ظل التراجع المستمر في جودة التعليم”.


وخلص الى التأكيد على انه “في ضوء هذه التحديات الهائلة، بات من الضروري أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات عاجلة لدعم القطاع التعليمي. ويجب أن يكون هناك تعاون وثيق بين وزارة التربية، المدارس، والمجتمع المدني لإيجاد حلول مبتكرة تضمن استمرارية التعليم بجودة مقبولة.

كما يجب أن تحظى المدارس في المناطق المتضررة بالدعم اللازم لإعادة فتح أبوابها، وتوفير الأدوات التكنولوجية اللازمة للتعليم عن بعد في حال كان هو الخيار الوحيد.


إن التعليم هو حق أساسي لكل طفل لبناني، ومستقبل البلاد يعتمد بشكل كبير على نجاح هذه الأجيال في تجاوز هذه الأزمات”.

Exit mobile version