كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
عند كل طلوع الفجر، يهنّئ أهالي البقاع بعضهم بالسلامة… كثافة الغارات الإسرائيلية على هذه البقعة من الأراضي اللبنانية، تجعل الحياة مهدَّدة بالأرواح… كما بالمزروعات. فالبقاع يتغنّى بسهوله وبساتينه التي لا تنضب. ما حالها اليوم في ظل هذا التصعيد الأمني الخطير الذي يهدّد شاحنات تصدير المنتجات الزراعية التي تنطلق من البقاع في اتجاه سوريا وعبرها كطريق ترانزيت إلى العراق والأردن؟!
فالمسار البرّي لشاحنات التصدير دونه مخاطر يرتفع منسوبها بين ليلةٍ وضحاها… حتى جاء إقفال طريق المصنع عند الحدود اللبنانية – السورية “ليزيد الطين بلة” بحسب رئيس تجمّع المزارعين في البقاع ابراهيم ترشيشي لاعتباره أن “طريق المصنع هو مِعبَر رئيسي للتصدير إذ 90% من المنتجات الزراعية يتم شحنها برّاً”.
ويوضح لـ”المركزية” أن “طريق المصنع هو المِعبَر الحدودي الوحيد الذي يتمتع بكامل المواصفات التصديريّة المطلوبة، حيث تنتشر الأجهزة كافة من الجمارك إلى الأمن العام فمراكز الحجر الصحي التابعة لوزارة الزراعة وأجهزة الـ”سكانر” لمراقبة البضائع، في مقابل تموضع مخابرات الجيش اللبناني… إنه مِعبَر كامل متكامل على الصعد المختلفة”.
وإذ يرى أن “قصف إسرائيل لمِعبَر المصنع يعود إلى كونه المنفذ الأكثر شرعية في لبنان”، يُشير إلى أن “هذا الاستهداف يُعيق حركة التصدير الزراعي من دون أن يوقفه بشكل نهائي، إذ تم تحويل سير الشاحنات في اتجاه مِعبَر العبوديّة الواقع بين الحدود الشمالية للبنان وسوريا. ومن العبودية تنطلق الشاحنات في اتجاه حمص وتُكمل سيرها نحو 300 و400 كلم وفي بعض الأحيان 500 كلم للوصول إلى وِجهتها، لتعود بعد ذلك إلى الشام… في حين يقتصر سَير الشاحنات عبر المصنع على 50 و60 كلم”.
ويتابع: بالإضافة إلى طول المسافة، هناك عامل الوقت… إذ بدل أن تغادر الشاحنة الأراضي البقاعية لتصل إلى المصنع في غضون ساعة واحدة، أصبحت العملية تستغرق 48 ساعة على الأقل! كما أن مسار الشاحنة من البقاع إلى بيروت فطرابلس وصولاً إلى العبودية دونه مخاطر أمنية كبيرة، حيث لا توجد ضمانات لتأمين سلامة الشاحنات وسائقيها من الغارات الإسرائيلية!
إذاً… “الضرر على ثلاثة مستويات: المسافة، الوقت، وسلامة الطريق” يقول ترشيشي “أما الضرر الرابع فيتعلق بارتفاع كلفة التصدير البرّي بطبيعة الحال في ظل الأوضاع الأمنية القائمة، حيث زادت كلفة النقل كانعكاس تلقائي لارتفاع معدل استهلاك المحروقات عند كل شحنة، معطوفاً على كلفة التأمين على المخاطر…”.
في ظل كل هذه الوقائع، يكشف عن “تصدير نحو 300 طن يومياً عبر مِعبَر المصنع في اتجاه سوريا والعراق والأردن، والكميات الباقية يتم تصديرها عبر البحر”، وهنا يعود بالذاكرة إلى ما قبل العام 2021 “عندما كانت الحدود السعودية مفتوحة أمام المنتجات الزراعية اللبنانية، حيث كان يمرّ عبر مِعبَر المصنع أكثر من 100 شاحنة كناية عن 2500 طن يومياً… في مثل هذه الأيام من تلك السنوات وصلنا إلى ذروة الإنتاج… أما اليوم فنسأل بحسرة إلى متى ستستمر هذه الحرب وهذه الماساة؟ هل مَن يَعلم؟”.