أكد سماحة مفتي زحلة والبقاع، الدكتور الشيخ علي الغزاوي، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في بلدة السلطان يعقوب التحتا، أن لا نجاة لهذه الأمة، سواء كان فرداً أو أسرة أو حاكماً أو محكوماً، إلا بالصدق مفتتحا خطابه بقوله تعالى : ( ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذاباً أليماً ) وبقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الصدق يهدي إلى البر ).
وشدّد سماحته على ضرورة استنهاض معاني الصدق في مختلف جوانب حياتنا، بدءاً من العبادة وصولاً إلى المعاملة والحكم والاحتكام، مستعرضاً أهمية الصدق في الحفاظ على المجتمع وقيمه.
وفي حديثه عن السياسة والحكم، أشار المفتي الغزاوي إلى التحولات السلبية التي شهدتها السياسة من طمع وجشع، مما أدى إلى تدهور النظام وضياع المجتمع. وقال: “إن الحكم هو إتقان فن الممكن في سياسة البلاد والعباد، إذ بهم يُبدّلون حال السياسة إلى إتقان فن الكذب على على حساب البلاد والعباد.”
وأكد أن “السياسي الحق لا يعرف طريقاً للكذب، بل هو الطريق الذي يلتزم فيه بالصدق في القول والعمل، وهو ما يجب أن يسير عليه كل قائد أو مسؤول.”
وأوضح المفتي الغزاوي أن كل فرد، سواء كان حاكماً أو محكوماً، سيُسأل عن أفعاله يوم الحساب. كما لفت إلى أن الصدق ليس مجرد شعارات تُرفع أو إعلانات تُستخدم أو عنتريات تستعرض، بل هو حركة حياة يجب أن تُمارس في كل لحظة. وقال: “عندما يعيش الإنسان حروف الصدق في حياته، سيكون الضياء الذي تستمد الأرض كلها من أنواره.”
وتطرّق سماحته إلى عموم الشريعة الإسلامية ودعا إلى الالتزام بكامل تعاليمها دون انتقاء، مؤكداً أن الشريعة ليست محصورة في جدران المساجد بل هي منهج حياة كامل. وقال: “الشريعة ارتقاء وليست انتقاء. لا ينبغي أن تختار ما تهواه نفسك منها، بل يجب أن تذيب نفسك وتلتزم بها لتسمو وتعلو مراتبك.”
واستذكر المفتي الغزاوي معاناة أهل فل،،،طين، وأشاد بصبرهم وثباتهم أمام التحديات والمحن، وقال: “ما زال أهل فل،،،طين مع القرآن حاضرين، وبشريعة الله متمسكين، ما خابوا وما خسروا لأنهم اتكلوا على ربهم جل جلاله وصدقوا الله ما عاهدوا عليه.”
وتساءل: “هل نحن نساندهم ونمدهم فعلاً؟ هل نؤازرهم بالدعاء بالحد الأدنى؟ هل نلتزم بتعاليم شريعتنا في حياتنا اليومية؟ إذا كنا نريد أن نكون صادقين في دعواتنا، علينا أن نعيش الصدق في أعمالنا كما في أقوالنا.”
وختم سماحته بالقول: “إذا صدقنا في إيماننا، سنجد في حياتنا الطمأنينة. تعالوا نعمل معاً بصدق الحاكم والمحكوم، الراعي والرعية، لنحقق الاستقرار والسلام في وطننا الذي هو أحوج ما يكون إلى الصادقين.”