الأزمة تغيّب أجواء الميلاد بقاعاً… توحّش الدولار لم يُبقِ للفرح مكاناً

بقلم عيسى يحيى،

تطلّ الأعياد للعام الثاني على التوالي تحت ضغط الأوضاع المعيشية وازدياد مآسي المواطنين ومعاناتهم، وترخي الأزمة الإقتصادية بظلالها على الأجواء الاحتفالية في بعلبك الهرمل، وترفع منسوب الفقر المثقل بعجزهم عن تأمين أبسط مقومات العيد وادخال السرور الى قلوب أطفالهم.

سلبت الأزمة الاقتصادية ومن خلفها الطبقة السياسية فرحة الأعياد وبهجتها من أمام الناس، وخيمت أجواء البؤس والتفكير في سوء الأيام القادمة، والتي لا تحمل معها سوى مزيد من التدهور على كافة المستويات، وارتفاع منسوب القلق المصحوب بجنون سعر صرف الدولار من دون اي ضوابط، ومعه يدفع المواطن الثمن من جيبٍ خاوية لا تستطيع تأمين المتطلبات اليومية، أو مائدة عشاء احتفالاً بميلاد المخلص الذي يناديه أبناء الوطن لينشلهم من قاع جهنم المفروض عليهم قسراً، أو زينة شجرة تضيء عليهم عتمة الأيام التي يمرون بها.

لم يكن عيد الميلاد في بعلبك يوماً يقتصر على طائفة او مذهب، ينتظره المسلمون كسائر اخوانهم المسيحيين، ويقصدون المغارة التي كانت تقام كل عام في كنيسة سيدة المعونات قرب قلعة بعلبك، يجهد خلالها الأب الياس غاريوس مع مجموعةٍ من المؤمنين في تزيينها تجسيداً لولادة السيد المسيح، وتكون مقصداً أشبه بالحج، وتعكس وجه المدينة الحقيقي المبني على المحبة والتسامح، غير أن الأزمة انعكست على مختلف الجوانب الحياتية، فغابت الزينة عن المغارة، وشجرة الميلاد عن ساحة المطران حيث كانت توضع كل عام، وانطفأت أنوار بركة البياضة، ليقتصر المشهد على أجواء احتفالية داخل الكنائس، وتنفق تكاليف الزينة في مساعدة الفقراء والمحتاجين.

 

على غير عادتها كل عام تجنبت السيدة ماري القاطنة في حي المسيحيين في بعلبك شراء مستلزمات العيد والعشاء الذي كانت تقيمه للعائلة، وقالت لـ”نداء الوطن”: “إن الكثير من العادات والتقاليد تبدلت هذا العام زيادةً عن العام الفائت، فتوحش الدولار لم يبقِ لنا ما نفرح به، استغنينا عن الكثير من الأطباق التي نعدّها في عيدي الميلاد ورأس السنة، فالمعاش لا يكفي لشراء زجاجة مشروب أو اعداد طبق رئيسي، واستعضنا عن ذلك بما تيسر لقضاء أجواء العيد. زينة الميلاد داخل المنزل كانت بسيطة جداً ومن دون تكاليف، واستعملتُ شجرة الزينة من السنة الماضية”.

بدوره، يفتقد طارق صاحب أحد محال الزينة الى أجواء العيد في بعلبك ويؤكد لـ”نداء الوطن”، “أن المدينة اعتادت لسنوات انتظار الأجواء الميلادية التي كان يحضّرها رهبان بيت مارون، حيث يجوبون الشوارع ايذاناً بالعيد، يوزعون الهدايا على الأطفال، ويرتدون زي بابا نويل على وقع ترانيم وأغاني الميلاد، ويشاركهم أبناء المدينة جميعاً من دون تمييز. الضائقة هذا العام انعكست على الاجواء وحركة البيع والشراء، فالذين اشتروا شجرة الميلاد قليلون جداً من المسلمين والمسيحيين، ومن الطبيعي ان ترتفع الأسعار تزامناً مع تحليق الدولار وبقاء المعاشات كما هي، وتراجع القدرة الشرائية”.

وعلى وقع أجراس الكنائس في بلدات دير الأحمر وشليفا ودورس قبيل الميلاد بأيام، تزامن العيد مع وصول ذخائر الطوباوي الايطالي كارلوس اكويس المكرم من البابا فرنسيس في العامين 2018 و 2020 الى بلدة نبحا في البقاع الشمالي، حيث استقبلت الرعية الذخائر بالزغاريد ونثر الارز بحضور فاعليات دينية وسياسية، ونظم المستقبلون مسيرة جابت شوارع البلدة وصولاً الى أمام المسجد ومنه الى كنيسة مار مطانيوس للموارنة.

المصدر:نداء الوطن

Exit mobile version