الجزيرة من العالم : مزحة طالب جامعي تحولت إلى شركة بـ4 مليارات دولار

منذ 6 أعوام، وقبل أن يصبح أحد أصغر المديرين التنفيذيين في التاريخ، كان على الطالب الجامعي أليكس رودريغيز اتخاذ قرار صعب، إما أن يستمر في الدراسة أو ينقطع عنها لتنفيذ مشروعه الطموح مع اثنين من زملائه.

في تقرير نشره موقع “سي إن بي سي” (Cnbc) الأميركي، يقول الكاتب توم هادلستون إن الفكرة التي بدأت كمزحة بين 3 طلاب في اختصاص هندسة “الميكاترونيكس” (Mechatronics)، تطورت لتصبح اليوم شركة عالمية رائدة.

كان رودريغيز الذي يبلغ من العمر حاليا 26 عاما، ينظر إلى فكرة ترك الجامعة على أنها “نوع من المخاطرة”، وحدد مع زميليه في جامعة “واترلو” (Waterloo) الكندية سيناريوهين محتملين لنجاح فكرة مشروعهم لإنتاج سيارات ذاتية القيادة.

يقول رودريغيز عن الاحتمالات التي كان يفكر فيها خلال تلك الفترة “إما أن تتعلم الكثير، ولا ينجح الأمر ثم تعود إلى الدراسة. أو أنه يسير على ما يرام، وينتهي بتحقيق ما كنت تأمل بأن تفعله بعد الدراسة في كل الأحوال، وهو بدء مشروع رائع في قطاع مثير للاهتمام”.

فكرة رائدة

في صيف عام 2015، قرر رودريغيز وزميلاه براندون مواك ومايكل سكوبيان، المؤسسان الآخران لشركة “أمبارك”، صناعة عربة ملعب غولف ذاتية القيادة في مرآب منزل عائلة رودريغيز في كالغاري.

يتذكر رودريغيز أنه كان يمازح زميليه قائلا إن مستقبلهم يمكن أن ينتهي في “واي كومبيناتور”(Y Combinator)، حاضنة المشاريع التكنولوجية الشهيرة في وادي السيليكون، وكان ثلاثتهم يضحكون على الفكرة.

شارك رودريغز منذ صغره في مسابقات صناعة الروبوتات، وحاول في سن الـ14 صناعة جزازة عشب ذاتية القيادة. وفي الجامعة، تعمق فهمه للتكنولوجيا من خلال دراسة الميكاترونيكس، وهو تخصص يتضمن دراسة الهندسة الميكانيكية والإلكترونية والكهربائية.

طوّر الثلاثة أفكارهم بمساعدة عائلاتهم التي قدمت لهم المال لشراء عربة ملعب غولف بقيمة 1800 دولار، ومستشعر “ليدار” (LIDAR) بقيمة 8 آلاف دولار، ومكانا للعمل في مرآب منزل عائلة رودريغيز. وقام الأب الروحي لرودريغيز -وهو موظف سابق في شركة متخصصة في أنظمة تحديد المواقع- بمساعدتهم على استعارة نظام تحديد مواقع بقيمة 30 ألف دولار.

في يوليو/تموز 2015، عرض الثلاثي عربة الغولف التي قاموا بتطويرها في مسابقة بجامعة واترلو وفازوا بالجائزة الأولى، وحصلوا على 25 ألف دولار من صندوق الاستثمار بالجامعة. احتفل الطلاب من خلال جولة بالعربة حول الحرم الجامعي، ووصفت الجامعة الحدث بأنه واحد من أول رحلات القيادة الذاتية في كندا.

قدم الطلاب الثلاثة طلبا لـ”واي كومبيناتور”، وحصلوا على القبول في مركز الرعاية لفئة الشركات الناشئة لعام 2016، وكان عليهم أن يتركوا الجامعة لتنفيذ مشروعهم.

يقول رودريغيز إن ذلك كان “عاديا للغاية” في وادي السيليكون، لكن ليس أمرا معهودا في كالغاري، ويضيف “كان على والديّ أن يشرحوا للناس هناك أنني لم أترك الجامعة”.

أول الطريق

في”واي كومبيناتور”، تحول الثلاثة من إنتاج العربات الصغيرة إلى تطوير برمجيات للشاحنات الكبيرة ذاتية القيادة، وكان قرارا صائبا. في الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني) قدرت شركة “ويدبوش” (Wedbush) أن حجم الإنفاق في هذه الصناعة سيصل إلى أكثر من 750 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.

استطاعت الشركة الناشئة أن تجمع 2.1 مليون دولار من المستثمرين في بداياتها، وقد تطورت خلال السنوات الماضية، لتجمع أكثر من 317 مليون دولار قبل عرضها للاكتتاب العام الشهر الماضي، وفقا لتقديرات موقع “كرونشباس”(Crunchbase).

ساعدت هذه الاستثمارات في تطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية للشاحنات، وفي عام 2018، قامت شاحنة آلية تعتمد على برمجيات “إمبارك” بأول رحلة ذاتية من الساحل إلى الساحل في الولايات المتحدة، وكان على متنها سائق مستعد لاستلام عجلة القيادة إذا لزم الأمر.

ترك سكوبين الشركة عام 2017، بينما يواصل مواك العمل مع رودريغيز في منصب كبير موظفي التكنولوجيا في “إمبارك”. وتبلغ القيمة السوقية الحالية للشركة نحو 4 مليارات دولار، وقد تراجعت أسهمها بنسبة 5% منذ عرضها للاكتتاب العام.

وليست “إمبارك” الشركة الناشئة الوحيدة في هذا القطاع التي ارتفعت قيمتها إلى مليارات الدولارات، فقد حققت شركة “لومينار” (Luminar) التي أسسها أوستن راسل (25 عاما) نجاحا مماثلا.

منافسة شرسة

بعيدا عن النجاح الباهر الذي حققه في ظرف وجيز، من المنتظر أن يواجه رودريغيز منافسة شرسة من شركات رائدة أخرى خلال الفترة القادمة.

أُعلن هذا العام عن طرح شركات أخرى متخصصة في صناعة الشاحنات ذاتية القيادة للاكتتاب العام، من بينها “تو سيمبل” (TuSimple) في أبريل/نيسان الماضي، و”أورورا إينوفيشن” (Aurora Innovation) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.ويعتقد رودريغيز أن “إمبارك” قادرة على التغلب على منافسيها بإطلاق أساطيل من الشاحنات ذاتية القيادة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بحلول عام 2024، والتي لن تحتاج إلى سائق خلف عجلة القيادة.
ومن المنتظر أن تبدأ الشاحنات التي تعمل ببرمجيات “إمبارك” للقيادة الذاتية بعمليات شحن بضائع بين هيوستن وسان أنطونيو العام المقبل.
ويقول رودريغيز إنه لم يندم على ترك الجامعة مبكرا قبل إنهاء دراسته، ويضيف “لقد قلنا لأنفسنا هذه فرصة مذهلة، هذه التكنولوجيا رائعة بشكل لا يصدق. إذا انتظرنا 3 سنوات حتى التخرج، سوف تضيع الفرصة”.

Exit mobile version