بقلم لوسي بارسخيان،
على رغم ما يحكى عن حماوة إنتخابية مرتقبة في دائرة زحلة الإنتخابية خلال شهر أيار المقبل، لا يبدي “الزحليون” حماسة لاي من الإستحقاقين المفترضين لهذه السنة، أي الإنتخابات النيابية والإنتخابات البلدية.
وإذا كان البعض يعيد سبب غياب الحماس للإستحقاق الأول، الى كون ناخبي المدينة غير مقتنعين بإمكان تحقيق تغيير ما من خلال الإنتخابات النيابية، فإن إنعدام “حتى النقاش” بالإنتخابات البلدية تعززه القناعات بأن هذه الإنتخابات لن تجري في ربيع 2022، خصوصاً أن أحداً لم يدع حتى الآن لإجراء هذه الإنتخابات على رغم مشارفة ولاية المجالس البلدية على نهايتها.
يكشف مرجع بلدي مسؤول في مدينة زحلة عن قناعته بأن الأحزاب السياسية تسعى لتأجيل هذا الإستحقاق، لأن لا مصلحة لها بتزامنه مع الإنتخابات النيابية. وبرأيه الإستحقاق البلدي والإختياري يتعلق بخصوصيات كل منطقة، وأي دخول بعملية إختيار المرشحين من بين قواعد الأحزاب الملتزمة أو المؤيدة، قد يؤدي الى خلافات داخلية، تشرذم هذه القواعد، الأمر الذي يمكن أن ينعكس سلباً على نتائجها في الإنتخابات النيابية. في تجاهل الاطراف السياسية البحث بموضوع الترشيحات للمجالس البلدية والإختيارية، ما يعكس هذا القلق. في وقت يتوقع أعضاء مجالس البلدية تمديد ولايتها لسنة واحدة على الاقل، متحملة مخاطر التداعيات التي ستخلفها معارك الإنتخابات النيابية على وحدتها، وخصوصاً في مدينة زحلة، حيث يشكل المجلس البلدي نسيجاً متنوعاً، يجمع ثلاثة أحزاب مسيحية غير متوافقة سياسياً، على طاولة واحدة مع رئيس البلدية وفريقه المستقلين بإنتماءاتهم.
شكل مجلس بلدية زحلة تجربة نموذجية في تجسيد وحدة الصف المسيحي بعد تسوية “أوعا خيك” التي نسجتها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وبقي أعضاؤها حريصين على وحدة صف المجلس، حتى بعد إنحلال “التسوية”، على رغم الخروقات الطفيفة التي أدت الى إستقالة عضوين من أعضاء المجلس المنتمين لحزب الكتائب اللبنانية.
في مجالسه الخاصة يبدي رئيس البلدية أسعد زغيب إعتزازاً بهذه الوحدة للمجلس البلدي، ويعيد ذلك أولاً لكون أعضاء المجلس، يقدمون إنتماءهم الى المدينة ومنسجمين في تقديم مصلحتها الإنمائية على أي حسابات أخرى، وهو ما جعل المجلس البلدي بمنأى عن أي من التجاذبات السياسية التي كان يمكن أن تؤثر على أدائه. إلا أن ذلك لا ينفي إمكانية وقوع بلدية زحلة تحديداً في دائرة التشنجات التي يتوقع أن تتسبب بها حملات الإنتخابات النيابية متى إحتدمت. وخصوصاً عندما يتوجه كل فريق الى إستخدام كل الأسلحة التي من شأنها أن تشد عصب جمهوره، ما سيضع هذا المجلس حتماً أمام مخاطر الألغام التي إما أن يجتازها بسلام، فينأى أعضاء المجلس بأنفسهم عن كل الخلافات التي يمكن أن تذكيها حماوة الإنتخابات النيابية، وبالتالي يتحاشون إمكانية إستخدامهم وقوداً فيها، أو يكمل هذا المجلس مرحلة ولايته التي تتجه الى تمديد حتمي، بتشققات داخلية تنسف كل الجهود التي بذلت سابقاً للحفاظ على وحدة الصف في سبيل مصلحة المدينة الإنمائية.
يعول الكثير من الاطراف السياسية على هذه التشققات في المقابل، ليس فقط لكسب معاركهم النيابية، وإنما إستعداداً للإستحقاق البلدي، ولو بعد حين. خصوصاً أن مجلس بلدية زحلة الحالي وإن كان قد جمع التيارات الحزبية المختلفة على طاولة واحدة، فهو أخرجه من تحت سيطرة القوى السياسية التقليدية، ولا سيما الكتلة الشعبية التي ستخوض الإنتخابات النيابية المقبلة بوجه الأحزاب، وبالتالي فإن أي إخفاق في الحفاظ على وحدة صف المجلس البلدي، سيقدم لها هدية مجانية تستخدم في عناوين معركتها النيابية.
علماً أن الإنتخابات النيابية المرتقبة في شهر أيار، ونتائجها، ستشكل أيضاً بوصلة للإنتخابات البلدية التي ستعقبها. وهي في زحلة ستأخذ طابعاً أكثر إحتداماً من إستحقاقها السابق، بعد أن محت التجاذبات السياسية المتجددة بنود “إتفاق معراب”. وهي ستأخذ حتماً طابع المواجهة الشرسة بين الأحزاب المسيحية في مدينة زحلة، وبينها وبين القوى التقليدية في المدينة، منهية عهد “التجربة الإستثنائية” التي إختبرتها بلدية زحلة- معلقة وتعنايل في ولاية مجلسها الحالية.
المصدر:نداء الوطن