في سابقة من نوعها شهدها لبنان، قامت المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب بتوقيف رجل دين بتهمة التدخّل بجرم الاستغلال الجنسي وتسهيل مجامعة فتاة تبلغ من العمر 15 سنة ونصف بالخداع، وذلك عبر قيامه بعقد قرانها على شخص دون موافقة ولي أمرها، وذلك بحسب ما نشرت منظمة “كفى” عبر صفحتها على “فيسبوك”.
وأحيل رجل الدين أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان، وأكدت مديرة “كفى” زويا روحانا لموقع “الحرة” أن “الشيخ خالف القوانين بتزويجه قاصر من دون موافقة ولي أمرها” مشددة على أن “منظمة كفى تدعو إلى ضرورة إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية، يوحد سن الزواج بـ18 عاماً، لكن التدخلات السياسية إلى جانب المرجعيات الدينية تحول حتى الآن دون الوصول إلى ذلك”.
من جانبه قال المحامي زكريا الغول لموقع “الحرة” إنه “على الرغم من أن الدولة اللبنانية صادقت على اتفاقيتين تمنعان زواج القاصرات هما اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أنها في ذات الوقت تسمح بمثل هذا الزواج”.
وشرح الغول “كل طائفة في لبنان تحدد سن زواج الفتاة وفق قوانينها الشرعية” مذكراً أن “المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وافق العام الماضي وبالأكثرية على تعديل نظام أحكام الأسرة رقم رقم 2011/46 حيث رفع سن الزواج إلى 15 عاماً”.
وبحسب ما ذكرته كفى في صفحتها على “فيسبوك” ” يسمح للفتاة لدى الطائفة السنية بالزواج عندما تبلغ الـ18 عاماً ويمكن إعطاء الإذن لمن بلغت الـ15 من عمرها، في حين تسمح طائفة الدروز للفتاة بالزواج عندما تبلغ الـ 16 سنة، أما الطائفة الشيعية فتسمح للفتاة بالزواج عندما تبلغ الـ9 من عمرها، وسن زواج الفتاة لدى الأرمن الأرثوذوكس 15 عاماً ولدى الطائفة الكاثوليكية 14 عاماً، و18 عاماً لدى طائفة الروم الأرثوذوكس ويمكن إعطاء الاذن لمن بلغت الـ15 من العمر”.
وسبق أن قدمت عدة جمعيات كما قال الغول “مشاريع قوانين إما لتنظيم الزواج المبكر أو لتحديد السن الأدنى للزواج في سن الـ18 عاماً لجميع الطوائف، مع ملاحقة المخالفين، لكن إلى حد الآن لا تزال كل طائفة متمسكة بسن الزواج الذي حددته في أحوالها الشخصية”.
ومنذ سنوات يحارب “التجمع النسائي الديمقراطي” لتجريم زواج القاصرات وبحسب ما قالته رئيسة التجمع الدكتورة، كارولين صليبي، لموقع “الحرة” “سبق أن قدمنا مشروع قانون سنة 2017 إلى مجلس النواب من خلال النائب إيلي كيروز يحظر زواج الفتيات تحت سن الـ18، ويعاقب كل من يساعد ويسهل تزويج قاصر، وقمنا بجولة على النواب والمرجعيات الدينية لكن جوبهنا برفض بعض الطوائف والأحزاب التي تعتبر أنه يمكن للفتاة الزواج متى تمتعت بنضوج جسدي، لكن هناك لغط بين النضوج البيولوجي للفتاة وبين نموها الذهني والرشد الاجتماعي وإدراكها الصحيح لموضوع الزواج”.
وأجرى “التجمع النسائي الديمقراطي” كما قالت صليبي دراسة توضح مدى خطورة زواج القاصرات على صحتهن، منها “الاجهاض، الولادات غير الطبيعية، النزيف، أمراض الحمل المبكر، عدا عن أنها تحرم من طفولتها ومن التعليم ومن اكتساب مهنة تؤهلها للعمل، كذلك أجرينا استطلاع رأي في لبنان أظهر أن غالبية اللبنانيين لا يشجعون الزواج المبكر”.
ولفتت صليبي إلى أن “اللجوء السوري إلى لبنان رفع من عدد زواج القاصرات، حيث استغل عدد من اللبنانيين الوضع المادي لعائلات بعض الفتيات للموافقة على تزويج بناتهم على الرغم من فارق السن وغيره”.
الحملات ضد الزواج المبكر كما أشارت صليبي مستمرة مشددة “سنبقى مستمرين في مسيرتنا حتى تحقيق الهدف، وبعد أن أقرت معظم الدول العربية قوانيناً منعت من خلالها التزويج المبكر، حان الوقت للبنان أن يتخذ الخطوة نفسها”.