بقلم رضوان السيد،
الزيارة الكويتية والورقة الخليجية ذواتا شقّين كبيرين، وهناك قسمٌ أخيرٌ ليس مهمّاً أو أنّه غير أساسي:
– الشقّ الكبير الأوّل تعبيرٌ عن خيبة الأمل باعتبار أنّ دول الخليج تعرّضت وتتعرّض للأذى من حزب الله الذي يعمل من لبنان على إيذاء دول الخليج، من خلال التعامل بالسلاح من اليمن، ومن خلال تصدير المخدِّرات، والتعاملات الماليّة غير المشروعة التي اتّخذت الكويت بشأنها إجراءات معلنة.
– والشقّ الكبير الثاني مطالبة لبنان بالتعامل اتّجاه نفسه وأشقّائه بمقتضى الدستور أو اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية، وبخاصّةٍ القراران 1559 و1701. وفي هذا القسم الحديثُ عن النأي بالنفس، وهو قرارٌ اتّخذه اللبنانيون أيّام رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وفي عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي آنذاك، وقد وقّع عليه جميع الفرقاء السياسيّين، ثمّ تنكّر له حزب الله وقال أمينه العامّ إنّه لا يساوي الحبر ولا الورق الذي كُتب به وعليه!
– أمّا القسم الأخير، وهو ليس جديداً، فيتحدّث عن الإصلاحات الضرورية التي ينبغي أن يقوم بها لبنان لكي يحصل على المساعدات التي تُوقف الانهيار. وهذا شرطٌ فرنسيٌّ ودوليٌّ وعربيّ.
قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصّباح إنّ ورقته عربية ودولية، وليست كويتية وحسْب. وقال إنّ العرب يحبّون لبنان، ولا يتدخّلون في أموره الداخلية، ولا يطالبونه إلّا بما يقتضيه دستوره وقوانينه.
ماذا يستطيع لبنان أن يفعل في وجه هذا الإنذار العربي والدولي الذي حمله الوزير الكويتي؟
لنبدأْ بالقسم الأخير الذي ذهبتُ إلى أنّه ليس مهمّاً ولا أساسيّاً. وأعني بذلك الإصلاحات التي ينبغي القيام بها. هذا الشرط، كما سبق القول، يعرفه كلّ اللبنانيين منذ أكثر من سنتين. وحكومة ميقاتي تتفاوض مع صندوق النقد الدولي منذ أسابيع أو أشهر، وهي تعرض ما تريده، لكنّها لم تستطع أن تنفّذ شيئاً من الإصلاحات المطلوبة، والمفروض أنّ عليها اتّفاقاً بين أطراف النظام، فكيف بالأمور الأخرى التي وردت في الشقّين الأساسيّين من الورقة الكويتية العربية والدولية.
لا يلاحق الحزبَ المسلَّحَ حتى الآن إلّا الولايات المتحدة التي تتوالى عقوبات وزارة خزانتها على أفراد وشركات تعمل لمصلحة الحزب، وآخِرتُها قبل يومين على أفراد وشركات تعمل عند الحزب انطلاقاً من لبنان وزامبيا.
الأمور الأسهل التي تتعلّق بصلاحيّات الحكومة القائمة ما تزال عصيّةً على الإنفاذ، فكيف بشقّيْ الورقة الرئيسيّين؟
الشقّ الأوّل يتعلّق بالإيذاء المستمرّ لدول الخليج العربية من جانب الحزب وسلاحه غير الشرعي، وتجاراته غير المشروعة. ولا تطلب دول الخليج في هذا الصدد الكثير، بل النأي بالنفس عن الإيذاء الذي يقوم به الحزب من لبنان ولا رادع له. والورقة، كما سبق القول، تطالب لبنان بتطبيق دستوره وقوانينه وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهي قراراتٌ اُتُّخذت من أجل استعادة الدولة اللبنانية، سواء لجهة نزع سلاح الميليشيات، ولا ميليشيا غير الحزب المسلَّح، أو لجهة فكّ سيطرة الحزب على مرافق الدولة وحدودها.
ما قال المسؤولون اللبنانيون للمسؤول الكويتي الكبير غير العواطف، وأنّهم حريصون على أمن الدول العربية الشقيقة؟ وعندما وصل الأمر إلى الإجابة على مطلب كفّ الأذى، أجاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أنّهما سيُجريان “مشاورات” فيما بينهما ومع المسيطرين بالسلاح.
الردّ بالغارات فجر أمس
وبالطبع فإنّ هذه المشاورات لن تنتج شيئاً، فقد قام الميليشياويّون المتأيرنون في الأيّام الأخيرة وفجر أمس بالإغارة والاعتداء على دول الخليج، وعلى العرب بعامّة. هناك، كما قلنا من قبل، انفصال بين الانفراج الذي يسعى إليه الإيرانيون في مفاوضات فيينا، والحرب التي تشنّها الميليشيات على المملكة وعلى دولة الإمارات. والله يستر، فربّما سيُغيرون أيضاً على الكويت بعد الزيارة الإنذارية لوزير خارجية دولة الكويت.
لا تستطيع بقايا الدولة اللبنانية أن تمنع الحزب من الاستمرار في استهداف دول الخليج. ويقول مراقبون غربيون إنّ دور الحزب المسلَّح في اليمن سيتعاظم بعد ذهاب المندوب الإيراني حسن إيرلو ووفاته. الحزب ومن لبنان هو الذي صار يقود الحرب من اليمن، فيما يبدو. وإذا كان لا بدّ من تضييع للانتباه أو التركيز فلننظر إلى ما يفعله الدواعش أو سواهم في هذه الأثناء في سورية والعراق.
الحرب على عرب الخليج من جانب إيران وأدواتها تتّسع. و”الاستجابة” الخليجية تظهر في مواجهة تلك الهجمات إلى أن يتوقّف سيل المسيَّرات والصواريخ على أمن البلدان ومؤسّساتها. أمّا حملة “حرّيّة اليمن السعيد” فيقوم بها الجيش الوطني اليمني وقوات العمالقة، وقد حرّروا محافظة شبوة، ويقاتلون (بمساعدة طائرات التحالف) لتحرير مأرب والجوف والمضيّ باتّجاه محافظة البيضاء.
لقد أنذر الوزير الكويتي المسؤولين اللبنانيّين أنّ الزمن تغيّر. وما عاد مقبولاً أن يقاتل الحزب المسلَّح العرب، وأن يدفن المسؤولون اللبنانيون رؤوسهم في الرمال، ولا رمال في هذا الشتاء القارس البارد
قال الوزير الكويتي: “لقد أُعذِر من أنذر”. وقال المسؤولون اللبنانيون: “نتشاور ونجيب”.
الزيارة الكويتية والورقة الخليجية ذواتا شقّين كبيرين، وهناك قسمٌ أخيرٌ ليس مهمّاً أو أنّه غير أساسي:
– الشقّ الكبير الأوّل تعبيرٌ عن خيبة الأمل باعتبار أنّ دول الخليج تعرّضت وتتعرّض للأذى من حزب الله الذي يعمل من لبنان على إيذاء دول الخليج، من خلال التعامل بالسلاح من اليمن، ومن خلال تصدير المخدِّرات، والتعاملات الماليّة غير المشروعة التي اتّخذت الكويت بشأنها إجراءات معلنة.
– والشقّ الكبير الثاني مطالبة لبنان بالتعامل اتّجاه نفسه وأشقّائه بمقتضى الدستور أو اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية، وبخاصّةٍ القراران 1559 و1701. وفي هذا القسم الحديثُ عن النأي بالنفس، وهو قرارٌ اتّخذه اللبنانيون أيّام رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وفي عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي آنذاك، وقد وقّع عليه جميع الفرقاء السياسيّين، ثمّ تنكّر له حزب الله وقال أمينه العامّ إنّه لا يساوي الحبر ولا الورق الذي كُتب به وعليه!
– أمّا القسم الأخير، وهو ليس جديداً، فيتحدّث عن الإصلاحات الضرورية التي ينبغي أن يقوم بها لبنان لكي يحصل على المساعدات التي تُوقف الانهيار. وهذا شرطٌ فرنسيٌّ ودوليٌّ وعربيّ.
قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصّباح إنّ ورقته عربية ودولية، وليست كويتية وحسْب. وقال إنّ العرب يحبّون لبنان، ولا يتدخّلون في أموره الداخلية، ولا يطالبونه إلّا بما يقتضيه دستوره وقوانينه.
ماذا يستطيع لبنان أن يفعل في وجه هذا الإنذار العربي والدولي الذي حمله الوزير الكويتي؟
لنبدأْ بالقسم الأخير الذي ذهبتُ إلى أنّه ليس مهمّاً ولا أساسيّاً. وأعني بذلك الإصلاحات التي ينبغي القيام بها. هذا الشرط، كما سبق القول، يعرفه كلّ اللبنانيين منذ أكثر من سنتين. وحكومة ميقاتي تتفاوض مع صندوق النقد الدولي منذ أسابيع أو أشهر، وهي تعرض ما تريده، لكنّها لم تستطع أن تنفّذ شيئاً من الإصلاحات المطلوبة، والمفروض أنّ عليها اتّفاقاً بين أطراف النظام، فكيف بالأمور الأخرى التي وردت في الشقّين الأساسيّين من الورقة الكويتية العربية والدولية!
لا يلاحق الحزبَ المسلَّحَ حتى الآن إلّا الولايات المتحدة التي تتوالى عقوبات وزارة خزانتها على أفراد وشركات تعمل لمصلحة الحزب، وآخِرتُها قبل يومين على أفراد وشركات تعمل عند الحزب انطلاقاً من لبنان وزامبيا.
الأمور الأسهل التي تتعلّق بصلاحيّات الحكومة القائمة ما تزال عصيّةً على الإنفاذ، فكيف بشقّيْ الورقة الرئيسيّين؟
الشقّ الأوّل يتعلّق بالإيذاء المستمرّ لدول الخليج العربية من جانب الحزب وسلاحه غير الشرعي، وتجاراته غير المشروعة. ولا تطلب دول الخليج في هذا الصدد الكثير، بل النأي بالنفس عن الإيذاء الذي يقوم به الحزب من لبنان ولا رادع له. والورقة، كما سبق القول، تطالب لبنان بتطبيق دستوره وقوانينه وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهي قراراتٌ اُتُّخذت من أجل استعادة الدولة اللبنانية، سواء لجهة نزع سلاح الميليشيات، ولا ميليشيا غير الحزب المسلَّح، أو لجهة فكّ سيطرة الحزب على مرافق الدولة وحدودها.
ما قال المسؤولون اللبنانيون للمسؤول الكويتي الكبير غير العواطف، وأنّهم حريصون على أمن الدول العربية الشقيقة؟ وعندما وصل الأمر إلى الإجابة على مطلب كفّ الأذى، أجاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أنّهما سيُجريان “مشاورات” فيما بينهما ومع المسيطرين بالسلاح.
يأسى العرب إذا فقدوا لبنان. لكنّ لبنان ضائعٌ عن نفسه ومواطنيه. والحذرَ الحذرَ من هذا القتل الذي يُمارَس على العرب في ديارهم
الردّ بالغارات فجر أمس
وبالطبع فإنّ هذه المشاورات لن تنتج شيئاً، فقد قام الميليشياويّون المتأيرنون في الأيّام الأخيرة وفجر أمس بالإغارة والاعتداء على دول الخليج، وعلى العرب بعامّة. هناك، كما قلنا من قبل، انفصال بين الانفراج الذي يسعى إليه الإيرانيون في مفاوضات فيينا، والحرب التي تشنّها الميليشيات على المملكة وعلى دولة الإمارات. والله يستر، فربّما سيُغيرون أيضاً على الكويت بعد الزيارة الإنذارية لوزير خارجية دولة الكويت.
لا تستطيع بقايا الدولة اللبنانية أن تمنع الحزب من الاستمرار في استهداف دول الخليج. ويقول مراقبون غربيون إنّ دور الحزب المسلَّح في اليمن سيتعاظم بعد ذهاب المندوب الإيراني حسن إيرلو ووفاته. الحزب ومن لبنان هو الذي صار يقود الحرب من اليمن، فيما يبدو. وإذا كان لا بدّ من تضييع للانتباه أو التركيز فلننظر إلى ما يفعله الدواعش أو سواهم في هذه الأثناء في سورية والعراق.
الحرب على عرب الخليج من جانب إيران وأدواتها تتّسع. و”الاستجابة” الخليجية تظهر في مواجهة تلك الهجمات إلى أن يتوقّف سيل المسيَّرات والصواريخ على أمن البلدان ومؤسّساتها. أمّا حملة “حرّيّة اليمن السعيد” فيقوم بها الجيش الوطني اليمني وقوات العمالقة، وقد حرّروا محافظة شبوة، ويقاتلون (بمساعدة طائرات التحالف) لتحرير مأرب والجوف والمضيّ باتّجاه محافظة البيضاء.
لقد أنذر الوزير الكويتي المسؤولين اللبنانيّين أنّ الزمن تغيّر. وما عاد مقبولاً أن يقاتل الحزب المسلَّح العرب، وأن يدفن المسؤولون اللبنانيون رؤوسهم في الرمال، ولا رمال في هذا الشتاء القارس البرد.
قال الوزير الكويتي: “لقد أُعذِر من أنذر”. وقال المسؤولون اللبنانيون: “نتشاور ونجيب”.
وزير خارجية الكويت في بيروت : دفتر شروط خليجي موحد
ومنذ “النأي بالنفس” قبل أحد عشر عاماً نشبت عشرات المعارك انطلاقاً من لبنان، وعلى وقع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، تسقط البلاد أكثر وأكثر في الوهدة (الحفرة) التي صنعها الحزب المسلَّح وما يزال يوسّعها حتى لا يعود هناك أمل في أيّ حلٍّ أو انفراج.
يأسى العرب إذا فقدوا لبنان. لكنّ لبنان ضائعٌ عن نفسه ومواطنيه. والحذرَ الحذرَ من هذا القتل الذي يُمارَس على العرب في ديارهم.
ولا سكوت ولا قبول ولا تسليم للقاتل مهما كان الثمن.
المصدر:أساس ميديا