بعلبك-الهرمل… المال الانتخابي إلى العلن وصورة أوليّة للتحالفات والتكتيكات

الكلّ يترقب ما ستؤول إليه الخيارات الانتخابية في دائرة #بعلبك الهرمل بعد انطلاق عجلة التمهيد لتشكيل اللوائح واختيار المرشحين الذين سيتنافسون على عشرة مقاعد نيابية: 6 منها للشيعة، 2 للسنة، بالإضافة إلى مقعد واحد لكلّ من الكاثوليك والموارنة.

التحضيرات بدأت مبكراً من الأفرقاء كافة لهذا الاستحقاق الذي يعد فرصة كبيرة للتغيير، أو لتحقيق المزيد من المكاسب، في منطقة ذات ثقل شيعي غالبيته موالية للثنائي “أمل” و “حزب الله” اللذين استكملا تشكيل وتنظيم ماكينتيهما الانتخابيّتين عدّة وعديداً، تقابلهما بعد غياب تيار المستقبل عن الساحة السياسية وعن الاستحقاق القادم ترشيحاً، ماكينة القوات اللبنانية التي أثبتت فعاليتها خلال الاستحقاق النيابي السابق في عرينها في محور منطقة دير الأحمر بصورة خاصة وفي سائر القرى ذات الغالبية المسيحية بصورة عامة، ونتج عنها وصول نائب ماروني وآخر سني جراء التحالف مع تيار المستقبل.

قد يكون من المبكر الحديث عن الصورة الكاملة لما ستؤول إليه الأمور في الدائرة الثالثة (بعلبك- الهرمل) ومعركتها الانتخابية، ولكنها ستتضح أكثر فأكثر كلما اقتربنا من شهر أيار.

ولأنها معركة ذات دلالات في المشهد الوطني، دون نكران امتداداتها الإقليمية، وحتى الدولية أحياناً، لذا يبدو الحذر والتأني في اختيار المرشحين لدى جميع الأطراف المتنافسة، سواء لدى الثنائي الشيعي، أو القوات اللبنانية التي تتزعم اللائحة المنافسة التي ستضم بالتأكيد شخصيات شيعية معارضة للثنائي، وإن ترك في الواجهة أحد المرشحين الشيعة الأقوياء ليترأس اللائحة نظراً لخصوصية المنطقة ذات الغالبية الشيعية، فيما يبقى الصوت السني الذي يتلمس حاضنة جديدة ترث ساحة “المستقبل” هو بيضة القبان التي تشكل الرافعة الأساس لأي حلم بالتغيير. ويراهن معارضو ثنائي “أمل” و”حزب الله” على بهاء الحريري في استقطاب الشارع السني عبر مشاركته بقوة سواء بالتحالف مع “القوات اللبنانية” أو عبر لائحة مستقلة (سوا لبنان) تلبي طموح الثوار.

ثلاث لوائح أساسية واضحة المعالم والأهداف حتى الساعة سيشهدها البقاع الشمالي، الأولى لائحة “حزب الله” و حركة “أمل” التي حسمت خيارها بالإبقاء على النائب الحالي غازي زعيتر ممثلاً لها، في حين أن حزب الله اعتاد عدم تسمية مرشحيه إلا قبل ساعات قليلة من إعلان اللوائح، على ضوء ما سينتج عن اتصالاته ومشاوراته لاختيار تحالفاته في مختلف الدوائر، سواء مع التيار الوطني الحر أو جمعية المشاريع، أو مع حزبي السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث، ومن حصة الحلفاء المرشحين السنيين والمرشحين المسيحيين، وقد يستدل من تحرك ماكينة “حزب الله” باتجاه بلدة عرسال القاعدة السنية الأكبر، أنه قد تكون من خياراته أن تضم لائحته مرشحاً من البلدة ذات الثقل السني الأكبر في المنطقة.

في المقابل الرهان لدى اللوائح المنافسة بإحداث خرق في المشهد، تكمن في نجاح الشيعة المعارضين من رفع الحاصل الانتخابي للائحة، وقد مدت القوات اللبنانية يدها إلى الشيخ عباس الجوهري (شيعي) الذي بات المرشح الأول على لائحتها، على أن يلي ذلك تأمين مرشحين معارضين من الطائفة الشيعية يتمتعون بثقل تمثيلي بين العائلات والعشائر، ولهم القدرة على خرق الخطوط الحمر لدى “حزب الله” و”أمل” بعد أن اثبت الثنائي قدرته على رص الصفوف الشيعية خلال كافة الاستحقاقات السابقة، وهنا يكمن التحدي في نجاح مساعي “الجوهري” فيما الحظ الأوفر للمرشحين السنيين على اللائحة لكل من سميح عز الدين من بلدة عرسال والدكتور صالح الشل من مدينة بعلبك، فيما المقعد الماروني ستبقي فيه القوات على مرشحها النائب الحالي انطوان حبشي على أن تتريث في تسمية المرشح الكاثوليكي، بانتظار كشف “حزب الله” عن مرشحه، فاختيار المرشح الكاثوليكي وحساسية موقعه الجغرافي والسياسي يمكن أن يساهم في تغيير مزاج الناخب المسيحي وهو ما يدركه الجميع.

أما حركة بهاء الحريري وطموحه تحت مظلة الحراك المدني، فتركز انظارها على بلدة بريتال الشيعية ذات الـ13 الف صوت شيعي، وقد يتم اختيار اكثر من مرشح منها ومن محيطها، على اعتبار وجود قاعدة خصبة معارضة للثنائي الشيعي فيها، وقد شهدت البلدة عبر أحد ابرز فاعلياتها توزيع كميات كبيرة من مادة المازوت المجاني للأهالي، على غرار ما فعله “حزب الله” طوال الفترة الماضية بتكثيف خدماته التي شملت معظم البلدات، وتوزيعه المازوت والحصص التموينية وغيرها.

ولا بد من الإشارة إلى أن المال الانتخابي بات واضح المعالم في دائرة بعلبك الهرمل من جميع الأطراف تحت عناوين مختلفة، حتى إن الأعداد الكبيرة التي بدأت تظهر من مرشحين داخل الدائرة يصب معظمهم في إطار الاستفادة المالية اللاحقة، إن كان بالمشاركة أو بالانسحاب من المعركة أو بالمبايعة، كذلك هناك الكثير من المرشحين الذين اعتادت المنطقة على صورهم عند كل استحقاق انتخابي، لا تزال تراودهم أحلام الندوة البرلمانية، رغم أن بعضهم لم يحصل على أكثر من 50 صوتاً عام 2018، ومنهم من نال أقل من 10 أصوات.

الأصوات المارونية الكاسحة التي تحظى بها “القوات” في البلدات المسيحية، يقابلها التأييد الكاسح “للثنائي” في الدائرة ذات الغالبية الشيعية، ومن هنا تبدأ المعركة الحقيقية فالقوات تسعى جاهدة إلى نسج تحالفات قوية مع القاعدة السنية والشيعية المعارضة ليس فقط لتحافظ على المقعدين النيابيين الحاليين، بل لمحاولة حصد مقعد شيعي يسجل للمرة الأولى، وهو ما يحتاح إلى قاعدة شيعية وازنة، تزامنا مع المتغيرات في المنطقة وظروفها الاقتصادية، وهنا تكمن الصعوبة الأكبر فخلال الاستحقاق السابق تمكنت من انتزاع حاصلين، مستفيدة من أصوات مرشحين أقوياء على لائحتها أمثال النائب السابق يحي شمص الذي حصل على 2000 صوت شيعي، وصبت الأصوات السنية لمصلحة مرشح تيار المستقبل على اللائحة النائب الحالي بكر الحجيري والمرشح حسين صلح.

وفي المقابل يجهد “حزب الله” لرفع الحاصل الانتخابي عبر عملية استقطاب واسعة بدأ التحضير لها من شأنها رفع نسبة الاقتراع إلى ما يزيد عن 50 بالمئة بعدما وصلت الى 48 خلال الاستحقاق الأخير، وهذا ما أكده مصدر معني لـ”النهار”، لأن الحزب يعتبر أن رفع عدد المقترعين من 80 ألفاً إلى مئة ألف هو ركيزة معركته لتغيير المعادلات ولتحصين حصته وزيادة مقعد نيابي عليها، وقد يعقد “حزب الله” في البقاع مؤتمرًا صحافيًا عمّا قريب يعرض فيه الانجازات والخدمات التي قدمها خلال السنوات الأربع الماضية، كذلك يعتبر “المصدر” أن العديد التنظيمي للحزب في المنطقة قد ارتفع مؤخرًا بنسبة 10 بالمئة، ويبلغ عديد ماكينته الانتخابية في الدائرة 10 آلاف شخص، ناهيك عن معالجته أخطاء سابقة في ال#انتخابات الماضية، ومنها على سبيل المثال تسجيل 3000 ورقة ملغاة لجهل البعض بطريقة الاقتراع، كذلك آلية توزيع الاسم التفضيلي بشكل متوازن ومدروس بدقة على مقترعي البلدات.

إعلامياً، سجل أول إطلالة انتخابية لطلال المقدسي وتأكيده خلال مؤتمر صحفي في دارته في شليفا ترشّحه ضمن لائحة تضم مستقلين من خارج الطبقة السياسية مع عرض برنامجه الانتخابي.

Exit mobile version