ودّعت زحلة وبلدة وادي العرايش ابنها المدير العام السابق لوزارة الزراعة الدكتور عادل شويري بمأتم رسمي وشعبي، وترأس الصلاة لراحة نفسه في كنيسة مار الياس وادي العرايش رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، بمشاركة المطران جوزف معوض ممثلاً بالأب مروان غانم، النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، رئيس دير مار الياس الطوق الأرشمندريت سابا سعد، رئيس دير مار يوسف للرهبان الأنطونيين الأب شربل داوود، والآباء كابي بعيني، جاورجيوس شبوع وايلي خنيصر.
مثّل فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب سليم عون، ومثّل دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي ومعالي وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود، بحضور العائلة واهالي البلدة.
المطران ابراهيم
بعد الإنجيل المقدس القى سيادة المطران ابراهيم كلمة رثا فيها الدكتور شويري فقال :
” وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».” (رؤ 14: 13)
أيها الأحباء بالمسيح!
بالصبر والمثابرة يستحق القديسون سماع الطوبى إذ يموتون في الرب لأنهم في الرب وللرب عاشوا. يموتون في الطوبى، أي يموتون في الفرح والغِبطة لأنهم لا يَقيسون أمور هذه الدنيا بمقاييسها، بل بمقاييس الإيمان ويدركونها بمنطقه.
نحنُ اليومَ نقف أمام واحدٍ من هذه الطغَمة التي تمنطقت النزاهةَ قولاً وعملا، فاستحقَّ الراحةَ حيثُ أعمالُه تتبعُه. الدكتور عادل شويري مات في الرب لأنه في الرب قضى حياته. أن نقدّم ذواتِنا للمسيح هو خيارٌ ليس للرهبانِ والكهنةِ فحسب، بل هو بكل بساطة أن نُعيد للمسيح عطاياه إذ لا مجدَ لنا ولا حياةَ ولا ميراثَ ولا موهبةً إلاّ من لَدُنِ الله، أبِ الأنوار. هو الذي يعوِّضُنا مجدا ويقاضينا راحةً ويكافئنا بالطوبى.
والحياةُ في الدكتور عادل كانت خدمةً لا تعرف الملل وكرما لا يَنضَبُ وضِعةً لا صِغَرَ فيها. الحياة فيه كانت ثقافةً منفتحة وآدميةً نظيفةً وجِدّيةً نادرة وقلما شيقا وشِعرا مرهفا. لقد أغنى بغناه الإنساني والروحي كل المفتقرين بيننا إلى مَثلٍ به نحتذي وقُدوةٍ بها نقتدي. والحياةُ فيه كانت كرامةً لا تقبلُ المساومة. لا تُشترى ولا تُباع. ثابتٌ في قناعاته، راسخٌ في إيمانه، مُقاومٌ لضَعفِه، متعالٍ عن حاجاته، أمين لعملهِ، وفيٌّ لأصدقائه، نظيفُ الكفّ في عيشه، حافظُ العهودِ في سلوكه، طاهرٌ في نواياه، خاشعٌ في حَرَمِ الطبيعة، محافظٌ على جمالها وبهائِها، محبٌ لزحلة وللبنانَ ولإخوتِه البشر. لقد كان مدركا تماما ما قاله بولس، رسولُ الأمم، في رسالته الى رومة: لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ.
فكيف نحزنُ، أيها الأحباء، على من له نصيبٌ في قيامة السيد فإنه: مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ، كما يصفه سفر الرؤيا. هُناك في استقبالِهِ وَجهُ ربِّهِ الذي أحبَّ، ووجوهُ مَن سبقوهُ ممَّنَ أَحبُّوهُ وأحبهم. وَهَلْ أَلذُّ مِن مَساكِنِ ربِّ الأَكوانِ حَيثُ يدومُ النهارُ وليسَ لليلِ وجودٌ؟
أمَّا عائلتُه وأصدقاؤه، فَيَحْرِقُهم الفِراقُ على قَدْرِ ما يحبونه، لكنَّهم لا يرغبون أَن يُبقوه في أَلمٍ؛ والموتُ حقٌّ، لا بَل أَجْرَأُ ُ الأصدقاءِ. إنَّهُ صديقٌ يحمِلُنا إلى بَرِّ أمانٍ؛ إلى عالَمٍ لا حَرْبَ فيه وَلَا مرضٌ، لا خوفَ فيه ولا ضَجَرٌ. هناكَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ بيتًا يُجاوِرُ السلامَ؛ لا تَهجُرُهً الراحةُ ولا تَنْفَدُ مِنه خَوابي الأَمانِ. أمّا على الأرضِ فلن يكونَ حكايةً مَنسيَّةً، بل قِصَّةٌ فيها الكثيرُ مِن الإباءِ والكرَمِ، مِن الوفاءِ والصفاءِ، مِن الشجاعةِ والعطاءِ، مِن الفرحِ والسناءِ.
لقد انقضى زمنُ انتظاره ولعلّهُ سَئِمَ الانتظارَ، ونحنُ سَنَسأمُهُ أيضا، ولن يهدأَ قلبٌ لنا إلَّا في الله، كما رَدَّد دومًا القديسُ أُوغسطينوس. في قَلْبِ الله نلتقي من جديدٍ، فلا نعودُ نعِرفُ طعمًا للسأَمِ أو الانتظارِ. هناكَ، مدينتُنا الباقيةُ، كما يقولُ القدِّيس بولس، فليسَ لنا هَهُنا مدينةٌ باقيَةٌ، بل نطلبُ الآتيَةَ. وَأنت يا دكتور عادل صِرْتَ هناكَ؛ في بلدةِ الأَحياءِ؛ في المدينةِ الباقِيَةِ.
لكِنَّ مدينتَنا الزائلَة، ما دُمنا نحنُ بِبِقاءٍ فيها، ستذكرُ سنينَ عَبَرتْ وَجلْساتٍ وسهراتٍ وبيادرَ من ذكرياتٍ تَيْنعُ ولا تُحصَد، تُعدُّ ولا تُحصى.
لقد كنتَ مليئا بالحياة والفرح. منكَ سالتِ الكلماتُ في بحرٍ من حكمة وبلاغة وقلبُكَ كان خَزَّانَ محبَّةٍ وفرحٍ. لَبِقَتْ بكَ الأمورُ ما عدا السكوتُ. لا تَسكُتْ يا فارس الإدارة اللبنانية. الموتُ ليسَ صمتًا. القبورُ صامتَةٌ، أَمَّا الأَمواتُ فَأَحياءٌ لهم الحياةُ الوافِرَةُ. إنجيلُنا علَّمنا أَنَّ المسيحَ جاءَ “لِتكونَ لنا الحياةُ، وَتكونَ لنا بِوَفْرَةٍ.” حَدِّثنا يا دكتور بلسان ذِكراكَ المؤبَّدة، بروحِك التي لا تعرفُ الموتَ، فالقلوبُ تَهمِسُ من دونِ حروفٍ إلى القلوبِ.
السعادةُ عندكَ كانتِ العطاءَ من وقتِكَ والاهتمامَ بالطبيعةِ وبالإنسانِ. وَلأنَّك هكذا كنتَ صِرتَ أثمَنَ من كلِّ مالِ الأرضِ وغِناها لأنَّ لكَ المجدَ والكرامَةَ والبهاءَ الحقيقي الذي يليقُ بالإنسانِ.
أُعزَّي اليومَ باسمي واسم أصحاب السيادة أساقفة زحلة وباسم جميع الآباء الحاضرين زوجةَ الفقيد السيدة الفاضلة زينة وأولادَه رشيد وسلمى وسمر وأشقاءَه وجميعَ الأقارب والأصدقاء؛ مُصلِّيًا أَن يَمُنَّ الربُّ القديرُ عليهمِ بالسِلوانِ. وأَخْتِم هاتِفًا نشيدَ الانتصارِ:
المسيحُ قامَ! حقًّا قامَ!”
سليم عون
في نهاية الصلاة الجنائزية تحدث النائب سليم عون بإسم فخامة رئيس الجمهورية فقال: ” ايها الفقيد الغالي. تقديراً لفيض عطاءاتك النوعية التي أسديتها للقطاع العام، وإعلاء شأن الإدارة اللبنانية في المجالات الإدارية والإجتماعية والصحية التي تجلّت في مسيرتكم في وزارة الزراعة وفي المركز الصحي الإجتماعي في زحلة وادي العرائش، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منحك وسام الإستحقاق اللبناني الفضي وكلّفني وشرّفني أن اضعه على نعشك في يوم وداعك وأن أتقدم من عائلتك بأحر التعازي”
ووضع الوسام على نعش الفقيد
لويس لحود
مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود نقل تعازي دولة الرئيس نبيه بري ودولة الرئيس نجيب ميقاتي ومعالي وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن الى العائلة وكانت له كلمة قال فيها
” اليوم قدّمت وادي العرائش راهباً لكل لبنان، لأن الدكتور عادل شويري كان في عمله الإداري راهباً وأنا شاهد على ذلك. عام 1996 كنت تلميذاً في السنة الأولى هندسة زراعية عندما تعرفت اليه، قصدته في وزارة الزراعة بهدف اتمام دورة تدريبية فاستقبلني برحابة صدر، وكان بابه مفتوحاً لكل العالم، كان التواضع سمة عمله، كانت البسمة لا تفارق وجهه وكانت الآدمية مدرسة بقيت في الإدارة اللبنانية لليوم. وكان لي الشرف عام 1999 – 2000 انه كان مشرفاً مع المرحوم الدكتور نبيه غانم على اطروحتي ” السياسة الزراعية في خدمة الزراعة اللبنانية ” وناقش اطروحتي في جامعة القديس يوسف في تعنايل وحصلت حينها على شهادة الهندسة الزراعية.
عام 2002 ظُلم الدكتور عادل، وضع بالتصرف بقرار جائر، وربح حكم مجلس شورى الدولة عام 2004، ما زلنا في وزارة الزراعة لغاية اليوم نشهد من مشاريع وبرامج ومحطات عادل شويري.
عادل شويري الآدمي، كان منفتحاً على كل مزارع من كل الطوائف والمذاهب وكل المناطق اللبنانية دون اي تمييز. عادل شويري كان يقول لا وهذه ال “لا” لا يزال صداها موجوداً في الإدارة اللبنانية ووزارة الزراعة .
اليوم في يوم وداع الدكتور عادل شويري سيبقى القطاع الزراعي في لبنان يذكره بالخير، سيذكره في كل المواسم وكل المحطات وكل الفصول. هذا العنقود من عناقيد وادي العرايش سيذكر دائماً في مواسم التصدير ومواسم الإستيراد، في مواسم الزرع ومواسم الحصاد، سيذكر في كل تفاوض نقوم به مع البدان الشقيقة والأوروبية لناحية المنتج المحلي. سنذكره عندما نقول ” لا ” لأي معاملة غير قانونية، سيذكر كلما شهدنا انماءً زراعياً.
تعزيتنا لزوجته الثكلى واولاده، تعزيتنا للعائلة الكريمة وكل اهالي وادي العرايش، سيبقى ذكر عادل شويري دائماً في الإدارة اللبنانية، في وزارة الزراعة ومع كل مزارع لبناني.
نحن كوزارة زراعة سنقيم قداساً وجنازاً لراحة نفس فقيدنا الكبير يوم الأربعاء 23 شباط في الجامعة الأنطونية في بعبدا الساعة الثالثة بعد الظهر.
سيبقى عادل شويري ايقونة في وزارة الزراعة والقطاع الزاعي . ”
وليد سابا
والقى السيد وليد سابا كلمة بإسم العائلة شكر فيها كل من واساهم في مصابهم الجلل.
ووري جثمان الفقيد في مدافن العائلة في وادي العرايش.