بقلم عيسى يحيى،
تحطُ رحال مراقبي مديرية حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد في مختلف المناطق اللبنانية لمراقبة الأسعار بعد انخفاض سعر صرف الدولار، وتغيب في بعلبك، وحده طمع التجار يتحكم بالأسعار وسط استياء الناس وغياب الرقابة والمحاسبة.
لا سلطة تعلو فوق سلطة جشع التجار في مدينة بعلبك والجوار، لا يمرّ أمامهم إنخفاض سعر صرف الدولار على المنصات ويترقبونها عند الارتفاع لزيادة أسعار السلع، يطبقون سياسة الكيل بمكيالين وفق ما تحدده فرصة الربح لا أوضاع الناس التي تترقب تغير هامش الصرف علّه يخفف عنهم عبء ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
أكثر من مناشدة يطلقها أهالي بعلبك علّها تصل الى مسامع المسؤولين لضبط ولجم الأسعار التي لم تتبدل وتتغير منذ ما يقارب العشرين يوماً، أساليب وابتكارات يبتدعها تجار الأزمات لزيادة أرباحهم على حساب أوجاعهم وفقرهم الذي يزداد يوماً بعد آخر، وآخر تلك الخدع وأساليب السرقات الموصوفة هي زيادة أسعار السلع وفق الدولار عند انخفاضه ونقصانها عند ارتفاعه، وسط غياب رقابة وزارة الاقتصاد وجولاتها على المحال والمؤسسات التجارية حيث أقفلت بعضها في عدد من المناطق وسطرت محاضر ضبط علّها تكون عبرةً لباقي المؤسسات، ولكن مزامير داوود لا تسمعها آذان الكثيرين في بعلبك.
أزمة محروقات وغلاء يضافان الى أزمة ثقة يعيشها أبناء المنطقة من المسؤولين وهم لا يحركون ساكناً جراء ما يحدث، وعود انتخابية تطلق في الهواء الرحب، تحاكي الأزمات والمشاريع الانتخابية التي يعرضها نواب حاليون وسابقون ومرشحون، لكن معالجة أزمات الناس في هذه الأوقات الصعبة منفصلة عن واقع المعنيين. الكهرباء بالقطارة في بعلبك، معاناة قديمة جديدة بلغت ذروتها حداً لا يطاق، ساعات التغذية لا تتعدى الساعة الواحدة في معظم أحياء المدينة، وتغيب عن العديد من القرى والبلدات، ناهيك عن فقدان المازوت في عز البرد والعواصف وعجز الناس عن شرائه في حال توفره، فيما محطات الأمانة التابعة لـ”حزب الله” تبيع المازوت الايراني وفق التسعيرة الرسمية لوزارة الطاقة بعدما توقفت عن تسليمه بسعر مليوني ليرة لبنانية للبرميل كبادرة من الحزب للوقوف الى جانب الناس.
لم يتسنّ للحاجة أم علي شراء كافة حاجاتها من محل الألبان والأجبان، وتقول لـ”نداء الوطن”: “إن الفساد ليس من صفات الطبقة الحاكمة فقط، فمعظم الشعب اللبناني فاسد وتاجر، ينهش بلحم بعضه، وينتظر الفرصة للإنقضاض على أخيه وتحقيق المكاسب، وبدل أن يشعر معه في هذه المحنة، يحاول أن يستولي على راتبه ومدخراته”. مضيفةً أنها تعجز عن شراء الكثير من الأصناف لعائلتها، وكانت قد استبشرت خيراً بعد انخفاض سعر صرف الدولار، “لكن لا شيء تغير، الأسعار بقيت على حالها، حتى الطعام الذي كنا نعدّه في الشهر مرة تخلينا عنه”.
معاناة أم علي تعبّر عن حال كثيرين من أبناء بعلبك ممن فقدوا قدرتهم الشرائية، وتمرّ رواتبهم على مقاصل التجار الذين يتفنّنون في نهب الناس، وعلى أمل أن تلفح رياح مداهمات وزارة الاقتصاد مدينة بعلبك والجوار، تبقى مناشدة مقاطعة الشراء لحين خفض الأسعار هي الوسيلة الأسلم.