احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بعيد القديس يوسف في كنيسة القديس يوسف حوش الأمراء، حيث اصطف اولاد ميداد حاملين في ايديهم زنبقة مار يوسف، والشبيبة ومجلس الرعية والوكلاء والجوقة مرحبين بسيادته.
واحتفل المطران ابراهيم بالذبيحة الإلهية بمشاركة كاهن الرعية الأرشمندريت عبدالله حميدية، والأبوان اومير عبيدي وشربل راشد بحضور المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس كانت كلمة ترحيب من كاهن الرعية الأرشمندريت حميدية بسياته،كما كانت للمطران ابراهيم عظة توجه فيها بالتهنئة لكل الذين يحتفلون بالعيد فقال :
” كل عيد وانتم بألف خير، خصوصاً الذين يحملون اسم جوزف، جوزفين، يوسف وكل مشتقات الإسم .
هذه الكنيسة غالية بالنسبة لي لأني خدمت فيها فترة قصيرة عام 1990 لمدة ثلاثة أشهر وأحببت الرعية جداً . ام اكن كاهناً للرعية انما حللت مكان سيدنا عصام الذي كان خادماً للرعية في ذلك الوقت. واليوم انا سعيد جداً بالإستقبال العفوي الذي قام به الشباب والصغار، وهذا يقوي ايماننا ورجاءنا وأملنا بأن الغد هو لنا. نحن ممتلئين بالأمل بأن كل المصاعب المحيطة بنا والتي تشبه المصاعب التي عاشها مار يوسف، لن تستطيع ان توقف مخطط الله الخلاصي في حياتنا ولن تبعدنا عن ايماننا او تقاليدنا وتعلقنا بأرضنا وبلادنا.”
وأضاف ” الكثير من الشباب لديهم حلم الهجرة، ولكن بعد 35 سنة خدمة في الإغتراب اقول لهم بأنه لا يوجد بلد في العالم مثل لبنان. اسسوا حياتكم هنا، ركزوا على وجودكم هنا لأن ارضنا مقدسة وطأتها اقدام السيد المسيح، تقدست من حضوره ومن لاهوته، تقدست من فرحه لأنه كلما كان متعباً كان يتوجه الى ارضنا لكي يرتاح، ومنذ ذلك الوقت ارضنا هي ارض مريحة، وأنا اكيد ان شعبنا ولو كانوا في ذلك الوتن اوثاناً انما كانت لديهم روح خاصة بهم يحبها يسوع، لم يكن ليخاف منهم ومن وثنيتهم بالعكس كان يتلاقى معهم ويتعامل معهم كأشخاص لهم قيمة، لأن قيمة الإنسان لا تأتي فقط من معتقده الديني لكنها تأتي بنوع خاص من عظمة انسانيته. نحن تعاطينا مع ناس شبه ملحدين او ملحدين عمليين كان لديهم احترام للشجرة والحيوان اكثر مما نحن أحياناً لدينا احترام للإنسان. لماذا رخص الإنسان لدينا ؟ لأن نظرتنا تجاه الآخر أصبحت رخيصة .”
وتابع سيادته ” ومار يوسف هو مثال كبير لنا خاصة في هذا الزمن الصعب، زمن المحنة التي نمر بها، لأن روح الصفاء والسلام الداخلي الذي كان يتمتع بهما القديس يوسف جعلوه في اعلى مراتب القداسة والطهارة . وهنا اذكر مقطعاً من الإنجيل يتحدث عن يسوع ومريم عندما اضاعا يسوع لمدة ثلاثة ايام. هل تتخيلون هذه المحنة الكبيرة بأن يضيع الأهل ولدهم؟ يوسف ومريم عاشوا ازمة عميقة وقلقاً عميقاً جداً لأنهم فقدوا طفلاً وهذه معاناة ما بعدها معاناة. كان لديهم سؤالاً مخيفاً لهم عما اذا كانوا يعتبرون انفسهم قد فشلوا بإعطاء الإنتباه ليسوع والا يدعوه يضيع. كان لديهم هذا الشك بذاتهم بأنهم قد قصّروا مع يسوع لأن المسؤولية عظيمة جداً، مسؤولية جسيمة، وهذا جرح عميق وحزين ان يعيش الأهل هذه التجربة التي لم تدم طويلاً ويسوع وضعهم على الخط الصحيح عندما وجدوه فقال لهم ” عليّان اعمل ما هو لأبي ” أي انه افهمهم بأن هناك مخطط الهي له ينفذه.
القديس يوسف كان وصيّاً على يسوع لم يكن والده، كان حارسه والعاطفة التي تحتضنه، كان معلمه وصديقه. مار يوسف فرح جداً بيسوع المطيع، السريع الفهم والعلم، وقام بحمايته في زمن المذبحة التي قام بها هيرودس ضد الأطفال قي بيت لحم، وقتل جميع الأطفال من عمر سنتين وما دون مما اضطر يوسف ومريم لأخذ يسوع الى مصر. ازمة تلو أزمة عاشها القديس يوسف وكان دائماً مطيعاً لله ومخططه.
تذكرون جميعاً ان القديس يوسف عندما علم بأن مريم حبلى لم يكن يعرف انها حبلى من الروح القدس، عاش هذا الكابوس بأن يعيش مع مريم الحامل ولم يعرف الحقيقة بعد، وشكه هذا لم يبدد الا بعدما ارسل له الله ملاكاً بالحلم وافهمه بأن مريم هي حبلى من الروح القدس، وهكذا مار يوسف اطاع الله وبدد الشك وتحول الى حامٍ وحارس ليسوع المسيح.
في الأزمنة الصعبة لم يستسلم مريم ويوسف للحوار السلبي العقيم حول من يتحمل المسؤولية في ضياع الطفل.”
وختم المطران ابراهيم عظته قائلاً ” زمن الأزمة هو زمن الوحدة المتجددة بين الرجل والمرأة، وهذا ما تحتاجه عائلاتنا اليوم، والا يستسلموا عند اول صعوبة وتتفكك العائلة. مار يوسف فكر بتخلية مريم سراً لأنه كان تحت ضغط المجتمع وليس هذا ما سبب له الخوف، لكن مار يوسف استطاع ان يخرج من الشك أقوى واصبح في اليقين أقوى وهذا هو المطلوب منا عندما نكون في زمن صعب.
وهل هناك اصعب من الزمن الذي نعيش ؟ صحيح ان هيرودس قتل اطفالاً من عمر السنتين وما دون، لكن نحن ايضاً نقتل كل يوم في كرامتنا وحقنا بالعيش الحر ،حقنا بالعيش المزدهر المريح في وطن مستقر مع حكومة واشخص تهتم بنا. نحن ايضاً لدينا هيرودس او اكثر مع الأسف يريدون ان يقتلوا الإنسان فينا الإنسان الذي لديه كرامة زرعها فيه الله والمفترض ان لا أحد يتسطيع ان يسلبها منه. يسوع اوصانا ان نحافظ على كرامات بعضنا البعض.
انشاء الله مار يوسف يكون الى جانبنا في هذا الظرف الصعب الذي نمر به، ويعلمنا كيف نستطيع ان نغلب الكلمة السيئة بالصمت، وبالتواضع نستطيع ان نغلب المتكبرين، وبالإستسلام لإرادة الله نستطيع ان نتخلص من الشك ونتبنى اليقين في حياتنا.
اسأل القديس يوسف ومريم العذراء ان يباركوا عائلاتكم وأفكاركم، وان يلمسوا قلوبكم ويزرعوا فيها الأمل،لا تدعوا اليأس يأكلكم ولا الإحباط يدمركم. ”
بعد العظة كرّس المطران ابراهيم 22 شاباً وشابة من الرعية اقسمواً ووعدوا بالإنتماء الى شبيبة الروم الملكيين الكاثوليك في الأبرشية والرعية بحضور المرشد العام للشبيبة في الأبرشية الأب اومير عبيدي، والبسهم سيادته الوشاح الخاص بالشبيبة وسط تصفيق الحضور.
بعد القداس انتقل الحضور الى صالون الكنيسة حيث تبادلوا التهاني مع المطران ابراهيم وتعرفوا اكثر اليه.