اللواء: الاستعدادات المطلوبة من الأسرة لشهر رمضان: تجهيز النفوس لإصلاح النوايا والأعمال

لا شك أن الجميع يفرح ويسعد بقدوم شهر رمضان، ذلك الشهر الكريم الذي يهلُّ علينا كل عام في موعده دون تقدّم أو تأخّر، غير أن هذه السعادة تتباين أسبابها من شخص لآخر؛ فالمؤمنون يبتهجون لأنه أتيحت لهم فرصة إدراك هذا الشهر الكريم الذي هو شهر التوبة والمغفرة والعتق من النار، فيجهّزون أنفسهم ويعدّونها للعبادة والطاعة والتزوّد من الهدى والتقوى، فيما آخرون لا يرون في رمضان إلّا شهر تسلية وتكاسل عن العمل وأكل وشرب، فيمرُّ عليهم الشهر مرور الكرام لم يخرجوا منه إلّا وقد ثقلت أجسادهم وقَسَتْ قلوبهم واسودَّت وجوههم، وقد ضيّعوا فرصة ربما لا تأتيهم مرة أخرى. وحال الناس في رمضان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما قبله؛ فرمضان ليس ضيفاً عادياً يمكن أن نستقبله دون إعداد واستعداد، بل يجب أن نحسن الاستقبال حتى يمكن أن يعمّ علينا خيره فيغادرنا وقد عزّ علينا ذهابه، فتمتلئ نفوسنا شوقاً لمجيئه العام المقبل.

فماذا ينبغي على الأسرة المسلمة فعله للاستعداد لشهر رمضان؟
خطاب
بداية قال الشيخ علي خطاب، إمام وخطيب مسجد عبد الرحمن بن عوف، أنه حتى يمكن لنا الاستفادة من شهر رمضان يجب على الأسرة المسلمة أن تستعد لاستقبال شهر رمضان على مستويات عدة منها ما هو إيماني ومنها الاجتماعي ومنها الاقتصادي. فأما الإيماني فيجب عليهم الإكثار من الصيام في شهر شعبان والتعاهد مع القرآن وشحذ الهمّة واستحضار النيّة للخروج بأقصى زاد ممكن من الشهر الفضيل، وأما الجانب الاجتماعي فبتهنئة الأقارب والجيران وإظهار البهجة بتعليق الزهور والورود لكي يدرك الأطفال أننا مقبلون على شيء مبهج وكريم، وأما على المستوى الاقتصادي فإنه يجب ألّا تجعل الأسرة من شهر رمضان مأكلة ومشربة بل المفروض أن يقلّ الطعام والشراب لتتهيّأ النفس لتلقّي الفيوضات والبركات، إذ كثرة الطعام والشراب تثقل النفس وتقسي القلب وتظلم النفس.
وينبّه إلى أهمية أن لا تقع الأسرة فريسة الاستهلاك المسرف التي يقدّمها بعض التجار للناس فيشترون ما لا يحتاجون، إذ الواجب أن يكون ضابطهم في هذا الأمر هو مدى حاجتهم لا ما يعرض عليهم من تخفيضات وعروض، وليسأل كل منّا نفسه: هل أنا بحاجة إلى هذه البضاعة أم لا؟ فإن كان يحتاجها اشتراها وإلّا  فلا.
ويضيف إن الأسرة المسلمة يحسن أن تبادر قبل دخول الشهر الفضيل بالاستعداد له حتى يتسنّى لها الاستفادة منه على أكمل وجه.
وقال: الاستعداد هنا يكون من ناحيتين: الاستعداد المادي والاستعداد الإيماني، ونقصد بالاستعداد المادي أن توفّر ما قد تحتاجه من مستلزمات خلال الشهر الكريم بدون إسراف ولا تقتير حتى يتسنّى لها الحفاظ على أوقاتها في هذا الشهر من الضياع، أما الاستعداد الإيماني فيكون بالتدرّب على العبادات والمواظبة عليها بحيث تلين القلوب وتتحقق الاستفادة الكاملة بإذن الله خلال شهر رمضان الكريم.
ويوضح أن أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني هو قراءة القرآن الكريم فيكون لها ورد يوميا من القراءة والإقبال على كتاب الله عزّ وجلّ بحيث تنتهي منه ولو مرة واحدة قبل دخول الشهر الفضيل.
كما يجدر بها وهي بين يدي شهر شعبان أن تغتنم الفرصة وتكثر من الصيام التزاما بهدي النبي صلى الله عليه وسلم  والذي كما أخبرت عائشة – رضي الله عنها -  كان يصوم أكثر شهر شعبان ويقول: هو شهر بين رجب ورمضان يغفل عنه كثير من الناس.
ومن بين الاستعداد الإيماني كذلك إحياء شعيرة قيام الليل ولو بركعتين فقط يوميا تركعهما الأسرة في جماعة قبل النوم فتكتب عند الله من القائمين ويسهل عليها بعد ذلك القيام في رمضان.
وحول مواجهة مغريات الإعلام الذي يشغل الأوقات ببرامح أكثرها لا يفيد، يقول أن على الأسرة المسلمة في رمضان وغير رمضان ألّا تقبل إلّا على الطيب من البرامج ومن ثم لا تقع فريسة تلك البرامج التي تضيّع أوقاتها في غير ما يفيدها، فالأسرة المسلمة الحقيقية لا تشغل أوقاتها إلا بالنافع والمفيد من البرامج التي ترشدها إلى ما ينفعها في أمر دينها ودنياها، وهي على يقين من أن تلك المسلسلات والإعلانات تلهيها عن ذكر الله تبارك وتعالى  وتسرق أعمارها التي ستسأل عنها يوم القيامة.
عبد الله
من جهتها، قالت المتخصصة في علم الاجتماع والتربية ندى عبد الله أن الأسرة هي المحضن الأول لنشأة الصغار.. وسعادتهم مقصد كل أب وأم، ولا بد للأسرة من التكاتف والتعاون على البرّ والخير وطلب العلم واغتنام الخيرات وترك المنكرات. ومما ينبغي على الأسرة أن تقوم به استعداداً لدخول الأيام المباركة أن تتطلّع لرؤية الهلال، وأن يهنئ الأب والأم الأبناء والأقارب، وأن تظهر الأسرة سعادة لدخول أيام الخير ليغرس في نفس الصغار حب هذا الشهر والتطلّع إليه، وكذا لا بد للأبوين من إرشاد الأولاد وتذكير الشريك الآخر بفضائل الشهر الكريم، ومن أهم ما ينبغي على الأسرة فعله:
1. الاهتمام بالتربية الإيمانية للأبناء وشريك الحياة: كالحرص على المحافظة على الصلاة من قبل دخول الشهر ومراجعة فقه الصيام. والحرص على ختم القرآن في رمضان والحفاظ على صلاة التراويح وتعويد الصغار على الصيام.
2. تنمية العلاقات بين الأرحام والأقارب: بصلة الرحم ودعوتهم للإفطار ونصحهم والإهداء لهم.
3. متابعة الأبناء: متابعتهم في تأدية الصلاة وختم القرآن وتعليمهم المعلومات المهمة في فقه الصيام.
4. الإفادة في نشر الخير ودعوة المسلمين لأعمال البرّ: مثل دعوة الأصدقاء أو الزملاء في الدراسة لصلاة التراويح مثلاً أو الحرص على تلاوة القرآن أو الاستفادة من قناة فضائية أو موقع على شبكة الإنترنت.
. تنسيق وتوزيع الأدوار بين أعضاء الأسرة في الخدمة والمساهمة في أعباء ومسؤوليات المنزل والهدف هو إعطاء المرأة حقها في العبادة.
6. اغتنام الأوقات المباركة واستشعار حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك».
7. التخفيف من مشاهدة التلفزيون وخاصة القنوات والإقبال على القرآن العظيم تلاوة وتدبّرا وسماعا وحفظا.
كما تلفت النظر إلى مشكلة هامة وهو ما يتعلق بالمرأة المسلمة في رمضان إذ أن بعض النساء تريد في شهر رمضان أن تتفرغ للعبادة وتستغل كل الوقت للتزوّد من الطاعات، ولكنها في حقيقة الأمر تجد نفسها في مشاكل كثيرة، حيث تتكاثر عليها الأعباء المنزلية والوقوف في المطبخ وعمل أنواع مختلفة من الأطعمة والمشروبات ثم تأتي العزومات والزيارات، وما أدراك ما العزومات والزيارات، فقد لا تستطيع المواظبة على صلاة القيام وقراءة الورد اليومي من القرآن. لذا ينبغي على المرأة أن تنتبه ولا يضيع منها رمضان، بل تبخل بوقتها ودينها أن يزول.
منى توتنجي
Exit mobile version