ابراهيم في قداس شهداء زحلة: ما يريدونه منا هو أن نحافظ على السلام الذي عمد تراب زحلة

ترأس راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في مقام سيدة والبقاع القداس السنوي لراحة انفس شهداء زحلة الذي دعت اليه منسقية زحلة والبقاع الأوسط في القوات اللبنانية بمشاركة لفيف من الأساقفة والكهنة، وحضرته شخصيات سياسية وفاعليات وحشد من أبناء المدينة. وبعد الإنجيل المقدس الذي تلاه المطران جوزف معوض، كانت للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن معاني الشهادة فقال:
 
“إنه لشرف كبير لي أن أقف أمامكم في هذا اليوم الخاص الذي نستذكر فيه أولئك الأبطال الشهداء الذين قدموا أسمى التقادم من أجل الحرية، ألا وهي تقدمة الذات، من أجل زحلة ولبنان. إنهم لا يحتاجون إلى مديحنا. عظمتهم لا تأتي من ثنائنا. لأن لا خلود أكثر أمانا من خلودهم. فلنصل اليوم من أجلنا فوق ما نصلي من أجلهم علنا نشرب من نفس ينابيع الإلهام التي شربوا منها أنفسهم. فالشهادة ليست النهاية، إنها مسيرة الجنازة التي اصبحت أنشودة الولادة وأنشودة الحياة. نحن لسنا هنا من أجل رثاء وحزن، فإخوتنا الشهداء ما زالوا أحياء. إنهم أحياء من أجلنا. من أجل زحلة ولبنان وحرية الانسان”.

وتابع: “دفعوا فاتورة الدم وأهدونا السلام. ما يريدونه منا هو أن نحافظ على هذا السلام الذي عمد تراب زحلة وألا نخسره أيا تكن الأسباب. هو ثمن الشهادة وعطيتها التي لا يجوز أبدا أن تفلت من أيدينا. لقد وضعوا لنا مثالا للتضحية بالنفس من أجل كنز الكنوز الذي هو السلام: آخر وأفضل ضمانة للحياة الحرة الكريمة المستقلة على هذه الأرض المصابة بداء الحروب. إذا أضعنا السلام، أضعنا كل شيء. لكن تقديرنا، لا بل تقديسنا للسلام، يبقى مقرونا بالتزامنا في تحمل كل الأعباء والمشقات والمخاطر لضمان صون حريتنا وتسييجها.”
 
واضاف “السلام، أيتها الأخوات والإخوة، لا يأتي فقط لأننا نتمناه. يجب الكفاح من أجله. هو صرح نبنيه مدماكا فوق مدماك. إنه قصر الحرية الذي شيده شهداؤنا بطموح غير أناني وصمود مجبول بالإخلاص لقضيتهم المقدسة رغم الشدائد والمعاناة خلال أحلك ساعات تاريخنا. شهداؤنا ليسوا مجرد لائحة أسماء كما يظن البعض، إنهم رموز حية لعظمة زحلة ولبنان على مر قادم الأزمان. شهداؤنا “قديسون” ختموا شهادتهم للمسيح بالموت. شهادتهم أتت نتيجة حبهم للكنيسة والوطن والحياة الكريمة. فبحسب القديس غريغوريوس النزينزي، “من التهور أن تطلب الموت، لكن من الجبانة أن ترفضه. وكما قال G.K. Chesterton: “المسيحي يجب أن يرغب في الحياة مثل الماء وأن يشرب الموت مثل النبيذ”.”

وشدد قائلا “شهداؤنا ليسوا فقط شهداء زحلة والقوات اللبنانية، إنهم شهداء المسيحية والكنيسة. هم جزء لا يتجزأ من شهادة أول الشهداء استفانوس، وأوائل شهداء الكنيسة الناشئة التي أدت إلى صلب الرسل وكثير من المسيحيين الأوائل، واستمرت عبر الأجيال والفتوحات إلى تاريخنا الحديث الذي حصد ملايين الشهداء في الإبادة الجماعية الأرمنية الأولى ومجازر اليونانيين في آسيا الصغرى والمسيحيين في زمن الشيوعية في روسيا وأوروبا الشرقية وفي زمن النازية البغيضة وداعش وغيرهم في العراق وسوريا وإفريقيا وآسيا. هذه بعض أمثلة من التاريخ والشهادة هي هي في دفاعها عن الايمان والأوطان وكرامة الانسان.”
 
وختم المطران ابراهيم “إلى القوات اللبنانية التي أراها بصدق أحد اشرعة السفينة التي ستوصل لبنان الى بر أمان وإلى أهل الشهداء الذين عاشوا بالحزن والألم شهادة إضافية تخطت الحزن إلى فسحات الفخر بأنهم قدموا الشهداء حبا بلبنان في ماضيه وحاضره ومستقبله. فلتسرتح أنفس شهدائنا في ملكوت الحرية والمجد وقد تكللوا بأكلة الكرامة والشهادة إلى الأبد. المسيح قام!”
 
وبعد القداس انتقل الحضور الى صالون الكنيسة حيث كانت كلمة للدكتور ميشال فتوش وكلمة متلفزة لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. 
 
وزار المطران ابراهيم برفقة أمين عام حزب القوات الدكتور غسان يارد والدكتور فتوش معرض صور شهداء زحلة الذي نظمه جهاز الشهداء والأسرى والمصابين في القوات.

Exit mobile version