كتبت آمال خليل،
يوماً بعد يوم، توغل الأزمة الاقتصادية تعطيلاً في بنية الإدارات والمرافق العامة. آخر الضحايا منظومتا تكرير الصرف الصحي في جب جنين وصغبين. إذ أعلن نزيه البريدي، المتعهد المكلف بتشغيل محطتي الصرف الصحي والضخ في البلدتين في البقاع الغربي، عن توقفه عن عمله بدءاً من 12 نيسان الجاري. وفي كتاب وجّهه إلى مؤسسة مياه البقاع لفت إلى أن مدة تكليفه انتهت في 28 شباط الماضي وكان من المفترض بأن تنتقل إدارة المحطتين إلى المؤسسة بموجب قرار الحكومة القاضي بتكليف مؤسسات المياه بإدارة قطاع الصرف الصحي. لكن «مياه البقاع» لم تتمكن من تسلّم المحطتين لعوائق عدة تشوب عملها. مديرها العام رزق رزق استقال أخيراً بسبب إفلاس المؤسسة نتيجة انهيار سعر صرف الليرة وارتباط مختلف التكاليف التشغيلية بسعر صرف الدولار في السوق الموازية. وكانت المؤسسة قد وجهت كتباً إلى وزارة الطاقة والمياه تشرح أسباب عدم قدرتها على تولي إدارة القطاع. في هذا الظرف الصعب، قرّر البريدي ترك العمل. هو بدوره قدم تبريرات منها أنه «مدّد مدة التشغيل حفاظاً على المصلحة العامة، لكنه تكبد خسائر باهظة بسبب ارتفاع سعر المازوت اللازم لتشغيل الآلات في ظل انقطاع الكهرباء شبه الدائم». وربط إمكانية عودته عن قراره «بتأمين مبلغ خمسة آلاف دولار لشراء المازوت وإلا سيبدأ برمي المياه المبتذلة في النهر».
استباقاً للموعد الذي هدّد به البريدي، وجّهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني كتباً إلى مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والمياه يطلب «تغذية محطة جبّ جنين بخط خاص خدمات من محطة جب جنين لأنها محطة أساسية للأمن الصحي والبيئي في البقاع الغربي». علماً بأن محطة التكرير تتغذى من محطة الكهرباء لكنها تراجعت أخيراً بسبب الانقطاع شبه الدائم. ولفتت المصلحة في كتابها إلى أن «مؤسسة مياه البقاع عاجزة عن تأمين مادة المازوت للمولدات في هذه المحطة. في حين أن معامل توليد الطاقة الكهرومائية التابعة للمصلحة تنتج أكثر من 80 ميغاوات وبإمكانها تغذية محطة جب جنين بـ 66 ك.ف».
وزير البيئة سيطرح القضية على جدول أعمال مجلس الوزراء اليوم
وفي حال تم «ترقيع» أزمة جب جنين وصغبين مؤقتاً، إلا أن نموذج البريدي قابل للتكرار يومياً في المرافق العامة. علماً بأن الحكومة وفي إطار مواجهة «تداعيات الأزمة المالية على العقود في القطاع العام»، شكلت لجنة وزارية مكلفة بمعالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرافق العامة ومنها محاسبة الملتزم في أوقات دورية قصيرة ومتتابعة في العقود الجارية من شأنه تخفيف وقع التقلبات المستمرة في أسعار الصرف.
وفي اتصال مع «الأخبار»، حذّر وزير البيئة ناصر ياسين من تداعيات توقف المحطتين عن العمل ورمي المياه المبتذلة في الليطاني من دون معالجة. فالمحطتان واقعتان ضمن نطاق يشكل ثلثي المساحات الزراعية والمروية في لبنان. ولفت إلى أنه سيطرح الأزمة على جدول أعمال مجلس الوزراء اليوم، مشدّداً على «ضرورة تأمين التمويل لتشغيلها لأن كلفة التشغيل أقلّ بكثير من كلفة رفع التلوّث على الليطاني». يقرّ ياسين بالتعثّر المالي في الدولة. وهنا يتوقع بأن «تحلّ الأزمة عبر المانحين كما فعلنا ضمان استمرار تشغيل محطة زحلة». ياسين استعرض خطة استراتيجية المياه التي تضعها «الطاقة» ومجلس الإنماء والإعمار بالتنسيق مع «البيئة»، وتشمل إدارة قطاع الصرف الصحي. لكنه أوصى بأن تتسلّمها البلديات وليس مؤسسات المياه على أن تنشأ محطات صغيرة بمواصفات صديقة للبيئة على مستوى كل ضيعة باستخدام الطاقة الشمسية أو تقنية التصفية بالقصب.
الأخبار