عام 2020، شرّع المجلس النيابي زراعة القنب الهندي أو نبتة الحشيش أو كما يعرف بين مزارعي البقاع بـ “الذهب الأخضر”، لأغراض طبية وصناعية، على أمل ان يفتح فرصا ضخمة أمام الاقتصاد اللبناني، ويكافح تجارة المخدرات ويشكل مورد رزق بديلا للمزارعين، خاصة وان دراسة ماكينزي، قدّرت عام 2018 أن لبنان قد يجني مليار دولار سنويا من تشريع زراعة الحشيش.
وتقدر المساحة المزروعة بالحشيشة في منطقة بعلبك والهرمل بنحو خمسة آلاف دونم، وتقع هذه الأراضي ضمن سهل البقاع. ويبلغ إنتاج الدونم الواحد نحو 70 كيلوغراما من القنب الهندي، المادة المخدرة، وهو ما يعادل 10 آلاف دولار أميركي، فيما يعتبر الأغلى عالميا. وتبدأ زراعة هذا المحصول في آذار من كل عام وينتظر المزارعون حتى تشرين الاول لحصاده. وغالباً ما عمدت الدولة إلى إتلاف حقول المزارعين، لكنها سرعان ما اكتشفت أن هذه الوسيلة لم تنفع خصوصا أن عدد الحقول تزايد في لبنان، خاصة وان منطق الإتلاف لا يجدي في دول لا توفر بدائل اقتصادية أو تعويضات للمزارعين، فكان التشريع البديل المنطقي.
في المقابل، برزت مخاوف في حال ضعف آلية تطبيقه من ان يؤدي الى فوضى وازدياد المافيات وتجار المخدرات. فاين سيذهب المزارعون بالقنب الهندي الذي زرعوه؟ اليوم، وبعد سنة على تمرير القانون، فاقت المساحات التي زرعت بالحشيشة هذه السنة بأضعاف المساحات في السنوات الماضية. فقد أقدم المواطنون على زراعتها استنادا الى قانون يجيزها لاغراض طبية من دون مراقبة الدولة. وبدأ موسم الحصاد من دون ان تتخذ الدولة اي اجراء او تدبير لوضع مسار للافادة من الحشيشة لاغراض طبية, ألا يجب ان تضع الدولة خطة تطبيقية لهذا القانون تقوم على الاتفاق مع المزارعين حول الكمية والسعر والضريبة والشركات التي ستتولى التصنيع والتصدير؟
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب انطوان حبشي أكد لـ”المركزية” ان “المساحات التي تمت زراعتها هذه السنة لا علاقة لها بالقانون، لأن القانون لم يدخل بعد حيز التنفيذ، فمراسيمه التطبيقية لم تصدر بعد. وقد ضغطنا كثيرا في هذا الاتجاه، لأن من سيقوم بإصدارها هي الحكومة، وانا في هذا الاتجاه كنت قد التقيت الرئيس السابق للحكومة حسان دياب وحاليا تحدثت مع وزير الزراعة عباس الحاج حسن للذهاب باتجاه اصدار المراسيم، لأن الدولة ليست هي من ستأخذ الانتاج بل الشركات الخاصة التي ستدخل إلى السوق. وأهمية القانون أنه مختلف عن الريجي”.
أضاف حبشي: “وبهذا تكون الدولة قد طيرت موسما، والمزارعون هذه السنة زرعوا في إطار الاتجار غير المشروع وتجارة المخدرات. لهذا فإن المطلوب من الدولة إصدار المراسيم كي تعرف الشركات الاجنبية او المحلية ما الذي يجب ان تفعله للاستثمار في هذا المجال”، لافتا الى ان “هناك الكثير من الشركات العالمية الكبيرة التي تنتظر وتريد ان تستثمر”.
من جهته، اعتبر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي “ان الزراعة التي تتم اليوم ليست مخصصة لأغراض طبية، لأن هناك مواصفات معينة مطلوبة للاستعمالات الطبية”، مشيراً الى ان “القانون أعطى كل مزارع الحق في زراعته بعد الاستحصال على رخصة من هيئة زراعة القنب، لكن برأيي كان الأجدى ان تستأجر الدولة او شركات الادوية الارض والمزارع يزرع فقط تحت إشرافها كي تكون النبتة طبية ولا يحصل أي تسرّب، فيقوم المزارع بالبيع الى أطراف أخرى خارجية”.
وعن مصير المحصول هذه السنة، قال: ليست كل نبتة تتم زراعتها تصلح للاستعمال الطبي، ولطالما كانت تزرع الحشيشة هناك وسيتم التصرف بها كما في كل مرة”.
هل سيتم تلف الموسم، قال: “التلف عملية استعراضية. اذا أرادت الدولة المنع، فعليها منع الزرع من اوله وليس تلفه بعد زراعته، لأن المزارعين يتكلفون عليه ايضا. وبالتالي ما دام هناك قانون فيجب تطبيقه، وقد سمعت انهم بدأوا بتعيين الهيئة الناظمة والتي تنقسم الى هيئتين تقريرية وتنفيذية”.
وقلل عراجي من التوقعات التي تقول بأن هذا المشروع يدرّ الملايين، معتبراً “ان الأمر مبالغ به، خاصة وان استعمالاته الطبية ليست واسعة كما يصورونه، فهو يستعمل لدواعي تخفيف الالم وتشنجات العضل، وليس له استخدامات عديدة”.
وختم: “صحيح انهم يزرعونه في بعض الولايات الاميركية وبعض الدول الاوروبية، لكن هذه الدول لديها اشراف على الزرع وليس كما في لبنان، حيث يعلم الجميع كيف تسير الامور”.
المصدر:المركزية