بقلم وسام اسماعيل،
إذا كانت كل الوسائل متاحة للوصول الى الهدف في السياسة، فإن كل الرشاوى الانتخابية للحصول على أصوات الناخبين في دائرة البقاع الثالثة #بعلبك – الهرمل، والمستخدمة في الفترات السابقة للإنتخابات، متاحة اليوم خصوصا منها الهدايا العينية والمادية الإنتخابية التي تتكرر كل أربعة أعوام، والتي تستخدم عاطفة الناس، وتمسّ حاجاتهم المعيشية والاجتماعية والمالية في ظل تدهور إقتصادي لا مثيل له.
وفيما تغيب الحماسة الإنتخابية لدى معظم الناخبين البعلبكيين الذين يرزحون تحت أعباء اقتصادية صعبة، فإن العديد من الرشاوى فرضت نفسها مؤخرا استغلالا لوضعية اجتماعية ودينية راهنة، فيقيم بعض المرشحين موائد افطار في سبيل الدعاية الانتخابية.
فالدائرة التي ستشهد معركة كسر عظم بين “حزب الله” وحلفائه و”القوات اللبنانية” وحلفائها، كالشيخ عباس الجوهري، رئيس لائحة “بناء الدولة”، على نقيض المواسم السابقة، تغيب صور المرشحين واليافطات من على شرفات المنازل أو زجاج السيارات. إلا أن توزيع المال الانتخابي لم يغب، وهو ما يحدث أحد المرشحين من “المشايخ” يستقبل وفوداً معايدة بعيد الفطر، ويتم توزيع المال على الزائرين، تحت عنوان “عيدية” تبدأ من 500 ألف ليرة وتصل أحيانا الى مليوني ليرة لبنانية.
الأمر ذاته يسري على الحزب النافذ الذي ينفق المال الانتخابي تحت عناوين المساعدات الاجتماعية، وهي على شكل مساعدات مالية او غذائية إضافة الى تقديم الخدمات من خلال التكفل باعباء صيانة محولات الكهرباء وابار المياه او تغذيتها بمادة المازوت وهي تطال معظم الأحياء بمختلف القرى والمدن.
هذه الرشوة السياسية رسختها الماراثونات الانتخابية لاستعطاف الناخبين وشراء أصواتهم عبر العديد من الاغراءات الآنية، واستغلال الوضع المعيشي الصعب لحث الناخبين على الإقتراع. وهذا يتطلب من المرشحين كما درجت العادة بذخ أموال هائلة، بشكل علني او خفي، أو عبر وسائل غير مباشرة، تصل كلفة هذه الاموال الى ما يزيد عن 20 مليار ليرة حتى الساعة وهي أرقام غير خافية تم الإعلان عنها خلال الحملات الانتخابية واعلان اللوائح.
وتخطت كلفة التحضيرات لل#انتخابات لهذا العام 2022 اضعاف مضاعفة عن سابقاتها، نظرا لانهيار العملة الوطنية، وإرتفاع سعر صرف الدولار، ورفع الدولة رقم الانفاق الانتخابي المسموح قانونيا والذي فاق على سبيل المثال قدرات المرشحين المستقلين ضمن دائرة بعلبك الهرمل التي يتنافس فيها ستة لوائح، حيث اثنان منها فقط تملكان القدرة على استكمال نشاطها وهي المدعومة من الأحزاب، الاولى وتضم تحالف الثنائي الشيعي وتحالفهما مع التيار الوطني الحر وحزبي البعث والقومي الاجتماعي فيما الثانية تضم حزب القوات اللبنانية وتحالفها مع الشيخ عباس الجوهري.
فالماكينات الانتخابية التابعة لهذه اللوائح بحالة تأهب قصوى تعمل باقصى طاقاتها وكأنها في سباق مع الوقت، حيث تجري عمليات مسح شاملة للعائلات المقيمة خارج أماكن سجلاتهم للإقتراع إن كان في العاصمة بيروت او في مناطق مختلفة يتم التواصل مع الناخبين فيها وحثهم على الحضور يوم الانتخابات مع وعود لتأمين كلفة النقل. ويقدر عدد هؤلاء بـ30 الف ناخب، جٌهزت لهم كل الوسائل اللوجستية من مال ونقل للاقتراع.
ومن يرغب في الانتقال بسيارته يمكنه الاستحصال على “بونات” بنزين. ومعلوم ان كلفة النقل من العاصمة الى مدينة بعلبك على سبيل المثال تتطلب نحو 40 ليترا من البنزين او المازوت وتصل الى 80 ليترا اذا كانت الطريق نحو الهرمل التي تبعد عن العاصمة 143 كلم. ومع احتساب طريق العودة تصبح المسافة 286 اي ضعف المسافة، وبالتالي لا تقل الكلفة عن مليونين ونصف المليون للآلية الواحدة ناهيك عن النقليات الخارجية، وهي تلك التي يقو مناصرو “حزب الله” بتأمين نقل مواطنين من الأراضي السورية للاقتراع في لبنان، وهذا يتطلب طلفة نقل عالية جدا، حيث يوجد ما يزيد عن 8000 ناخب فيها.
مقارنة مع الدورات الانتخابية الماضي، تم رصد ازدياد كبير في وتيرة الرشاوى لهذه الدورة، نظرا لاهميتها السياسية لكلا الطرفين .الأبرز فيها الثنائي الشيعي وحلفائه مقابل القوات اللبنانية. اذ ان كل شيء بات مباحا من أجل الحصول على المقعد في ظل واقع مؤسف نعيشه في كل موسم انتخابي من دفع للمال الانتخابي، تحت مسميات مختلفة كالمساعدات وغيرها التي يحاول المواطن ان يستغلها بدوره لأنه لن يحصل عليها في فترات عادية أخرى.
#النهار