كتب عيسى يحيى،
تزدحم يوميات البقاعيين بالهموم جراء الأزمة الاقتصادية التي يرزحون تحتها، وتتكشف أحوالهم عند مطلع كل عيد حيث يعجزون عن تأمين متطلباتهم وما يشتهيه أولادهم من ملبس ومأكل حتى باتوا يحسبون لحبة الشوكولا ألف حساب.
لا همّ يعلو على تأمين لقمة العيش، ولا برامج انتخابية تعني معظم البقاعيين ليتناقشوا بها، ويختاروا على أساسها ممثليهم في البرلمان المقبل، فحساب بيدر معيشتهم يختلف عن حساب حقل السياسيين الذين يتناسون عن قصد الأسباب التي أوصلت الناس إلى هذه الحال، ويسعون الى حلول موضعية ومرحلية عبر مساعدات عينية وغذائية للوقوف الى جانبهم ومرور قطوع الاستحقاق على خير، وبأكثر نسبة تصويت واقتراع وأصوات تفضيلية.
لا أجواء عيد أو زحمة أمام المحال التجارية وفي السوق داخل مدينة بعلبك، شوارع شبه خالية تخرقها السيارات من دون أن تتوقف بسبب ازدحام السير والزحمة، لتبدأ طلائع الناس بالظهور في السوق وتزاحم الأقدام في فترة ما بعد الظهر، حيث تعج المحال ذات الأسعار المقبولة، وأمام بسطات الحلويات وملبّس العيد للشراء وفق الامكانيات المتاحة بين ايديهم من أموال، لا سيما الموظفين منهم وذوي الدخل المحدود الذين أصبحت معاشاتهم لا تساوي ثمن أقراص العيد.
فرحة العيد والاحتفال به يتغاضى عنها الكبار ولا يعيرونها أي اهتمام، لكن انتظار الأولاد للاعياد لشراء الثياب ودخول البهجة والسرور الى قلوبهم في ظل كل ما نعانيه هو ما لا يمكن اغفاله، بهذه الكلمات تشير السيدة أم علي لـ»نداء الوطن» خلال جولةٍ لها في سوق بعلبك لشراء الثياب لاولادها، تتنقل من محل الى آخر، تبحث عن الأرخص والأوفر لتستطيع تأمين مستلزمات ثلاثة أطفال بين عمر الثالثة والثامنة، وتضيف بأن معاش زوجها وهو أحد افراد مؤسسة عسكرية لا يكاد يكفي لشراء الاحذية للاولاد في ظل الغلاء الحاصل، فكل ولد يحتاج الى ما فوق الـ600 ألف ليرة لبنانية لنستطيع شراء قطعة تكون مقبولة يلبسها على العيد، ولكن لا نستطيع تأمين المبلغ الكامل للأولاد الثلاثة، لذلك أتجوّل باحثةً عن الأرخص، ولا يزال هناك أولاد حلال يرأفون بأوضاع الناس ويعرضون بضائع بسعر مقبول.
وعلى المقلب الآخر، يتنقل الخمسيني أحمد من بسطة لبيع الحلويات الى آخر لشراء ملّبس العيد، ويقول لـ»نداء الوطن»: «الدخول الى المحلات والشراء نسيناه منذ ثلاث سنوات، فالأسعار لا نستطيع مجاراتها، ولا يمكن أن نُغيّب أجواء العيد عن المنزل رغم كل الظروف، فلا يزال الكثير من الناس يجولون على بعضهم صباحاً للتهنئة بالعيد، وأقل الواجب القيام بالضيافة، وأشتري اليوم على قدر إستطاعتي، ففي حين يصل الكيلو الى أكثر من 250 ألف ليرة، أشتري من البسطات 5 كيلو بهذا السعر. الناس التي تعيش تحت خط الفقر لا يمر عليها فرح العيد، وآمل أن تتحسن الظروف الاقتصادية وتعود كما كانت في السابق».
أصحاب المحال التجارية في السوق التجاري ينتظرون كل عام منذ بدء الأزمة الاقتصادية كي يعوضوا خسائر العام، غير أن الأوضاع الى تراجع دائم والقدرة الشرائية الى انخفاض، ويلفت أحدهم الى أن الزحمة في السوق أغلبها من النازحين السوريين الذين يقبضون مساعدات بالدولار، اما المحال الفخمة فلا يقصدها الا أشخاص يعرف الجميع ماذا يعملون ومن أين تأتي أموالهم، وهم في اغلب الاوقات الذين يحركون الدورة الاقتصادية في السوق وفي المدينة بأكملها عبر البناء وغيره.
#نداء الوطن