بقلم لوسي بارسخيان،
ما كادت مؤسسة كهرباء لبنان تعلن توقف العمل في معمل دير عمار الحراري، الوحيد الذي كان لا يزال يغذي الشبكة، حتى صدر بيان عن شركة كهرباء زحلة يعلن زيادة ساعات التقنين في المدينة و17 قرية تتغذى من شبكتها، ورفعها الى 8 ساعات يومياً.
القرار طبق فور إصدار البيان، فيما الناس لا تزال تشكو من فواتير الكهرباء «الملعلعة» شهرياً، يكاد أدناها يلامس المليون ليرة، نتيجة لإعتماد الشركة كليا على مادة المازوت لتشغيل مولداتها. وقد باتت هذه الفواتير الحديث المتكرر في نهاية كل شهر، بعد أن أسقطت الأزمة الإقتصادية العامة خصوصيات المناطق، ولا سيما في زحلة، التي لطالما شكلت شركة كهربائها مضرب مثل بتغذيتها المتواصلة، وفواتيرها الأدنى بنسبة 40 بالمئة عن باقي المناطق.
فأصاب الزحليين ما أصاب اللبنانيين عموماً من سهام التقنين وغلاء الفاتورة، بعدما وصلت الأخيرة الى مستويات لم يكن أحد يحسب أنها ستبلغه. وهو ما يولد غلياناً إستشعرته شركة كهرباء زحلة التي قالت في بيان زيادة التقنين الذي أصدرته «نتفهم غضب الناس لأننا أول الغاضبين من الحالة التي وصلنا اليها، ونضم صوتنا إلى صوتكم لنوجه صرخة ألم للدولة اللبنانية وجميع المسؤولين» وحمّلت الشركة المسؤولية كاملة الى الدولة «لكونها لم تأخذ أية تدابير أو تضع خطة إنقاذية للتعافي». وعلى طريقة «لا تشكيلي ببكيلك» تابع بيان الشركة مخاطبا الدولة بالقول «إرحمونا وارحموا هذا الشعب المنهك من سياساتكم التي أوصلتنا إلى الانهيار. فشعوب أعظم دول العالم لا يمكنها تحمّل تدهور العملة الوطنية بهذا الشكل، فماذا عن اللبنانيين المنهكين منذ سنين والذين سُرق جنى عمرهم في المصارف».
إلا أن الزحليين توجسوا من صرخة الشركة، وقد قرأوا فيها إستباقاً لما بات متوقعاً من زيادة على فواتير الكهرباء، حيث بدأت الشركة تسوق لدولار بسعر 35 الف ليرة قبل يومين على الأقل من بلوغه هذا المستوى، قائلة «في ظلّ هذه الظروف لا يمكن لأي شركة أو مؤسسة الاستمرار بتأدية واجبها والقيام بعملها. فكيف يمكن لشركة تسدد جميع مصاريفها بالدولار الأميركي، أبرزها المازوت، وجبايتها بالليرة اللبنانية، تأمين توازنها المالي وتلبية حاجات الناس. وكيف يمكن للمواطنين تسديد فواتيرهم في ظل ارتفاع مستمر في الأسعار؟». علماً ان الأخطر الذي تضمنه بيان الشركة هو ما وضعته من إحتمال لخيارات صعبة قد توصلنا إلى كارثة العتمة في حال استمرار الإنهيار الحاصل.
وهذا البيان الأوضح بتوجيه اللوم الى الدولة من قبل شركة كهرباء زحلة، قرئ أيضا على انه محاولة للتنصل من مسؤوليات مستقبلية، يعتقد البعض أنها قد تصل الى حد قطع الكهرباء لساعات أطول، أو تخلي الإدارة الحالية عن عقدها التشغيلي مع مؤسسة كهرباء لبنان، خصوصا أن هذا العقد شارف على نهايته في نهاية العام الجاري، وسط إنعدام الرؤية حول كيفية تأمين ديمومة تشغيل الشركة، بعدما قصر المعنيون مجدداً بوضع دفاتر الشروط وإجراء المناقصات لتلزيم الشركة لجهة مشغلة. الأمر الذي كان يفترض أن يجرى منذ اكثر من ثلاث سنوات، مع دخول الشركة بعد إنتهاء إمتيازها في مرحلة تلزيمها لمشغلين.
واقتراب عقد مشغلي الشركة من النهاية، يترافق هذه المرة مع غياب الحماس لدى المواطنين لإدارتها التي اكتسبت سمعتها منذ أيام العز الكهربائي في المدينة. فتلاشى جزء من تأييد الناس لها، أمام فقدان ميزات التغذية والفواتير المنخفضة السابقة، من دون أن يعني ذلك إستعداد الزحليين للدخول في المجهول. وإذا كان تجديد عقد الإدارة الحالية هو المتوقع مجدداً في ظل غياب الحلول المستدامة، فإن الهواجس بدأت تطرق أبواب الزحليين حول ما إذا كانت الإدارة الحالية راغبة فعلياً بهذا التجديد. وبيانها الاخير يخفي مثل هذا الأمر، وهذا ما يمكن أن يوقع الشركة في فراغ غير محمود، خصوصا ان إنتهاء عقد الشركة يترافق هذه المرة مع مرحلة سياسية ضبابية، يخشى اللبنانيون مما قد تؤدي اليه من فراغ على جميع المستويات، ويحمل معه إنهيار مزيد من المؤسسات، ومن بينها إنهيار شركة كهرباء زحلة.
ومن هنا قد تبدو مسألة البحث في كيفية تشغيل شركة كهرباء زحلة بعد انتهاء عقدها في نهاية العام الجاري، البند الأول الذي على نواب زحلة البدء بمناقشته مجتمعين، كما وعد كل منهم رداً على دعوة رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب الى توحيد جهودهم إنمائياً إذا لم يكن ذلك ممكناً سياسياً. والمسؤولية هنا مشتركة بين جميع المعنيين من نواب ورؤساء بلديات في زحلة وكل القرى التي تتغذى من نطاق شركة كهرباء زحلة.