كتب عيسى يحيى,
تتقدّم فرضية حصول الإنتخابات النيابية في موعدها على ما عداها من فرضيات، وتتحضر الأحزاب لخوض غمار المعركة بكل ما أوتيت من قوةٍ ومال بعد الهزات المتلاحقة التي أصابت صفوفها وغيّرت صورتها أمام الرأي العام منذ ثورة 17 تشرين وتالياً إنفجار المرفأ.
على مقياس التوقعات والإحصاءات تتقلب حصص القوى السياسية ومقاعدها النيابية بين تراجعٍ وازدياد، وعليه بدأت تلك القوى جردة حسابات واستطلاعات لقواعدها الشعبية التي جرّبت “المجرّب” في إنتخابات العام 2018 من دون أن تلمس أي تغيير، وهي تعيش الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الخانقة منذ سنتين بكل مآسيها وصعابها من دون أن تحرك الأحزاب وممثلوها ساكناً للتخفيف من وطأتها على الناس، وتقف إلى جانبهم في استرداد أموالهم أو رفع الحصانات أو كبح جماح سعر صرف الدولار والولوج في إصلاحات من شأنها أن تعيد الأمور تدريجياً إلى سكّتها الصحيحة.
تقوم معركة الأحزاب في الإنتخابات المقبلة على أسس جديدة تسعى من خلالها إلى تلميع صورتها أمام جمهورها وجذب الأصوات وتحصيل ما أمكن منها للإبقاء على كتلها النيابية، وضمن خريطة الطريق التي ستتبع بالإضافة إلى المال الإنتخابي الذي سيدفع والمقرون بالدولار وتراجع الليرة اللبنانية واحتساب سعر الصوت، تعمل القوى السياسية على اختيار أسماء جديدة للمعركة الإنتخابية تلقى صدى في صفوف القاعدة الشعبية التي ستعتبر تلك الخطوة تغيراً في الإتجاه الصحيح ووقوفاً عند مطالبها التي كانت تقوم دائماً على ضخ دم جديد والإبتعاد عن الأسماء القديمة والمتداولة على دورات عديدة ولم تغيّر شيئاً.
المعركة الأصعب في بعلبك الهرمل يواجهها تيار “المستقبل” الذي حصل في الإنتخابات الأخيرة على مقعد سني من اصل اثنين، وهو اليوم لم يبق له حليف واحد من قوى 14 آذار أصحاب الحضور القوي في المنطقة، فالطلاق الحاصل مع “القوات اللبنانية” التي تحالف معها العام 2018 وحصل على المقعد وكذلك حصلت “القوات” شكل عامل ضعف للتيار الذي لا يمكن تعويضه مع أي جهة سياسية، فتيار “المردة “لا حضور له في المنطقة، و”التيار الوطني الحر” من سابع المستحيلات ان يتم التحالف بينهما، ليبقى أمام تيار “المستقبل” الثنائي الشيعي أو المستقلون والمجتمع المدني.
تشير مصادر خاصة لـ “نداء الوطن” الى أن “المستقبل” يواجه أزمة حقيقية سواء في بعلبك الهرمل أو باقي الدوائر على صعيد لبنان، فالتمويل الإنتخابي اللازم للانتخابات غير موجود والماكينات الانتخابية لا يمكن أن تعمل من دون أي دعم، ليبقى رهان الأزرق اللعب على الوتر الطائفي وتجييش الجمهور تحت مسميات الاغتيال السياسي للحريرية السياسية وتهميش الطائفة السنية ومقام رئاسة الوزراء.
وتضيف المصادر أن على أرض بعلبك الهرمل خسر التيار حليفاً قوياً هو “القوات” بعدما شكلا في الانتخابات الماضية لائحة وصلت الى الحاصل الانتخابي وخرقت لائحة الثنائي الشيعي بمقعدين ( ماروني وسني)، واليوم لا يمكن لأحد الطرفين الحصول على الحاصل لوحده فالسنة والمسيحيون مجتمعين يشكلون ثلث أصوات الناخبين في المنطقة، وعليه سيبحث كل منهما عن حليف قوي. وتابعت المصادر أن “المستقبل” يدرس عدة خيارات ينتظر أن تترجم عند عودة الرئيس الحريري أبرزها عدم خوض المعركة الانتخابية في بعلبك الهرمل نهائياً، أو خوضها بمرشح من بلدة عرسال التي مثلها الدورة الماضية النائب بكر الحجيري وهذا خيار مصيره الفشل لأنه يحتاج حليفاً قوياً ورافعة أصوات توصل الى الحاصل الانتخابي في حال صبّ الأزرق جل أصواته التفضيلية للمرشح، ولكن الانتخابات الأخيرة قسمت جمهوره أيضاً بعد تجيير أصوات الناخبين الى مرشح عرسال وتهميش بعلبك سواء عبر مرشحها أو عدم زيارة الرئيس الحريري لها ونزوله بالمروحية في عرسال في رسالة دعم للمرشح آنذاك النائب الحالي بكر الحجيري.
وتضيف بأن الخيارات المطروحة ايضاً هي خوض المعركة بأسماء جديدة لا خدمات لها على الأرض أو ليس لها سجل حافل في السياسة والمنطقة وهو أمر محكوم بالفشل أيضاً، ليبقى السؤال عن مصير أصوات المستقبليين في حال عدم خوض المعركة، وتجيب المصادر بأن الخيار هنا يترك للقاعدة الشعبية تحديد لمن تنتخب وتعطي صوتها التفضيلي، مع امكانية دعم مرشح حركة “أمل” في المنطقة بعدد من الأصوات التفضيلية كرد جميل للرئيس نبيه بري الذي وقف طويلاً الى جانب الرئيس الحريري، وربما تكون المفاجأة بتحالف “المستقبل” مع الثنائي الشيعي في بعلبك الهرمل.
المصدر:نداء الوطن