ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم صلاة الجناز عن نفس جوزفين موسى قيماز والدة راعي ابرشية قيصرية فبيلبّس ومرجعيون للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج حداد، ومدير كلية الآداب الفرع الرابع في الجامعة اللبنانية الدكتور ايلي حداد. وشارك المطران إبراهيم السادة الأساقفة: ادوار ضاهر، ميخائيل ابرص، الياس رحال ولفيف الإكليروس، بحضور المتروبوليت انطونيوس الصوري، المطران جوزف معوض ممثلاً بالأب ايلي صادر، المطران يوسف كلاس، رئيس عام الرهبانية الباسيلية الشويرية الأرشمندريت برنار توما، النائب سليم عون، عائلة الفقيدة والأصدقاء. وقد غصّت مقاعد كنيسة دير مار الياس الطوق بالزحليين الذين قدموا للمشاركة في وداع قيماز.
بعد الإنجيل المقدس تلا المطران الياس رحال رسالة تعزية من غبطة البطريرك يوسف العبسي جاء فيها:
“الى سيادة المتروبوليت جاورجيوس، رئيس اساقفة قيصرية فيلبّس ومرجعيون الجزيل الوقار.
المسيح قام!
بهذا السلام الفصحي أصافحك أيها الأخ المحبوب جاورجيوس، معزياً بوالدتك الكريمة التي انتقلت البارحة الى السماء وانضمت الى “محفل القديسين الذين وجدوا ينبوع الحياة وباب الفردوس” لتحتفل معهم في تسبيح الله وتمجيده، في عيدهم يوم غد الأحد.
في الأمهات شيء من قداسة الله وجماله ومن محبته وجنانه، يستحقُّ لهنّ أكليل البرّ يتوجن به حياتهن. رجاؤنا بأن الذي ” يدبّر كل شيء بعمق حكمته ومحبته للبشر” قد كلّلها اليوم بهذا الإكليل الذي لا يذوي وفتح لها ابواب الفردوس وأسمعها صوته العذب منادياً ” أدخلي الى فرح ربّك”.
اسأل الروح القدس المعزّي أن يعزّي قلبك وقلوب اخوتك والعائلة الكريمة بتعزية الله التي تفوق كل تعزية بشرية وأن يريح فقيدتنا الغالية مع القديسين، وأن يجعل ذكرها مؤبداً.”
كما رثا المطران ابراهيم الفقيدة بكلمات مؤثرة فقال:
“وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».” رؤيا 14/13
طوبى لجوزفين موسى قيماز، أرملة المرحوم نقولا جورج حداد، التي صار مقامُها أمام الله وقد لبست المسيح، ووُلدت من فوق، لحياة الكمال مع يسوع الذي أحبته.
وتابع: “الراقدون بيسوع، كما يصفهم القديس بولس، هم قديسو الرب يسوع، صاروا في يديه في الحياة كما في الموت، يتركون أجسادهم خلفهم بمعرفة سيدهم، أي أن الرب يسوع هو الذي يُسلمهم للرُقاد مثل أم تحضُن طفلها بكل حنان حتى ينام، كذلك الرب يسوع يجعلهم ينامون ويستريحون إلى صباح يوم القيامة المجيد عندما يوقظهم بسماع صوته ليأخذهم إليه بالأجساد الممجدة. أحضرهم الله أيضا معه ماسحا من عيونهم هموم هذا العالم الذي عنه فُصلوا بعد انطلاق أرواحهم من دنيا كانوا فيها غُرباء ونزلاء إلى السماء التي نظروا اليها من بعيد وصدّقوها وحيوها بالإيمان”.
وأضاف “جوزفين اليوم تتوجت بتاج مجد الأبرار في السماء وهو نصيبُها الملوكي مع المسيح الذي أحبها فأحبته واشتاقت اليه نفسُها الظمأى التي لن تكتئب بعدُ إلى الأبد. مُطوبةٌ أنتِ يا جوزفين، فلكِ الغبطة والسعادة لأنكِ مع المسيح وذاك أفضلُ جداً. لقد استرحتِ من أتعابكِ وأعمالُكِ تتبعُكِ إلى بيت الآب”.
وأردف: “عمِلتِ كل حياتك على إرضاء ربّك. عشتِ في التقوى والفضيلة. سلكتِ من دون ملل دروب المحبّة. كنتِ الأم المربّية بحب وإخلاص والزوجة الوفيّة. حياتكِ كانت كتلك التي للرهبان والراهبات إذ نهضتي كل يوم إلى الصلاة لمدة تقارب الساعة خاشعة أمام أيقونة السيدة العذراء تتلين لها العديد من الصلوات والابتهالات. كنتي امرأة متحفّظة في كلامها وجدّية في علاقاتها وصلبة في مواقفها. وقتُها من ذهب بيتُها وزوجها وأولادها هم الأهم في حياتها. لا ثرثرة عندها ولا مضيعة للوقت، فالوقت بنظرها لا يُثمن. رصينةٌ في كلامها ومعاطاتها مع الآخرين. تغار على مصلحة بيتها وعائلتها. أفنت حياتها في الاهتمام بتربية أولادها إن في مرافقتهم في دروسهم وواجباتهم المدرسية أو في نشاطاتهم. وبقيت تهتمّ بكل واحد شخصيّا، ساهرة على كل فرد منهم حتى ساعة مماتها”.
وقال: “خلال حياتها لم تكن تتغيّب عن الاشتراك في قداس الأحد إلا نادرا، وطبعا خلال مرضها. حينما كان سيدنا جورج يقيم الذبيحة الإلهيّة في كابيلا البيت كانت هي التي تخدم له القداس بكامله. تحب الصلاة وتتمتّع بها. نالت منه مسحة المرضى قبل وفاتها بأيام. وقد حمل لها دوما القربان المقدّس الذي كانت تفرح بتناوله وهي تتلو صلوات المناولة غيبا ” أنا أؤمن يا رب … واقبلني اليوم … ولا يكن لي تناول أسرارك …” وقد واظبت على ذلك حتى يومين من وفاتها. تخاطب يسوع بحب كبير ولها تعبّد خاصّ لوالدة الإله.”
وتابع: “كانت دومًا تعلّم أبناءها أن يثقوا بتدبير الله وعنايته بهم في حياتهم. كانت تطلب منهم أن يتوكلوا على عناية الله الأبويّة التي لا تهمل أحدًا والتي ترزق الطيور عيشها. سهرت على تعليم أبنائها وكانت تعتذر من صديقاتها لعدم استقبالهم أثناء درسهم لأنها أرادت أن تلقّنهم العلوم ساهرة على حُسن أدائهم في الدراسة. كانت تقدّس الوقت وتعتبره أغلى ما في الدّنيا فلكلّ شيء وقته في الحياة”.
ونادى الفقيدة: “يا جوزفين! كم نشكرَكِ اليوم أيتها الامرأة المضيافة الكريمة المُحبّة لكل النّاس المتعاطفة مع الكبير والصغير، المهتمة بكل إنسان، الفرِحةُ مع الفرحين الباكية مع الباكين، الفاضلة التي عرفت ما هو دورها في هذه الحياة الدنيا. لقد كنتِ للجميع تلك السيّدة اللطيفة، الناعمة، الجميلة، الممتلئة فضيلة، وحنانا، وأناقة. مميّزة في جماعتها وأهل بيتها، لم تعش لنفسها بل لغيرها، تضحّي بنفسها من أجل عائلتها والآخرين. بيتها ديرها وغرفتها قلّايتها، تحافظ على قدسيّته. منشغلةٌ دومًا داخل هذه الصومعة التي جعلت أبناءَها حيارى فيما يَروا فيها من سعادة وهناء ورِضوان”.
وشدد أن “هذه الأم التي لا تتكرر أنجبت أبناء نبلاء صار للكنيسة منهم أسقفا عظيما على رتبة البطن الذي حمله ونعمة الله التي انتدبته. سيدنا جورج وشقيقه الدكتور ايلي وشقيقتاه ماري ولودي عرفوا على مثال أمهم كيف يوجهون حياتهم إلى الأمثل والأفضل والأقرب إلى الله لأن إيمانهم الكبير بالله جعلهم يرتقون إليه دون سواه.”
واضاف: “أيها الأحباء أشاطركم الحزن ورجاء القيامة، لأن خسارة الأم جمرة حارقة. لكن هذه الجمرة وإن صارت كالحجر على باب القبر، إلاّ أن الإيمان يدحرج لنا الحجر فنرى أنوار القيامة تُشرق من قبر جوزفين الخالي وقد قامت مع يسوع المنتصر على الموت والمانح لها القيامة”.
وختم المطران ابراهيم: “باسمي وباسم صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسي الكلي الطوبى وباسم أصحاب السيادة آباء السينودس المقدس وأساقفة هذه المدينة المحبوبة زحلة وكل الكهنة الآباء الأفاضل أتقدم من أخي صاحب السيادة المطران جورج حداد، رئيس أساقفة قيصرية فيلبس ومرجعيون للروم الملكيين الكاثوليك، وشقيقه الدكتور ايلي، مدير كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وشقيقتيه ماري ولودي وعائلاتهم، ومن أشقاء جوزفين وشقيقاتها وعائلاتهم وعموم الأقارب والأصدقاء، بأحر التعازي القلبية، ونضمكم إلينا بعاطفة الإخوة والصداقة والمحبة الفائقة.
وليكن ذكرها مؤبدا.
المسيح قام… حقا قام…”
وبعد صلاة الجناز ووري جثمان الفقيدة في مدافن العائلة، وتقبلت العائلة التعازي من الحضور.