قبلَ النُطقِ بما انتهـت إليهِ المُداولة، تُقدمْ المَحكمةُ بكلمَةٍ إلى المجتمعْ، تَـراها في هذا المَقامِ واجبة:
– دُنيا مُقـبلةٌ بزخَارفِها، وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها.
– ماديةٌ سَيطرَت، فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة.
– يَــقينٌ غابَ، وباطلٌ بالـزَّيف يَحيَا، وتَــفاهاتٌ بالجَهر تَتــواتَــر.
– وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر.
– والمؤنسِاتُ الغالياتُ صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة، والقواريرُ فَـواخــير.
– ونَــفـسٌ تَــدثـَـرت بــرداءِ حُــبٍ زائفٍ مَكذوب. تأثرت بثقافةِ عَـصر اختَـلطت فيه المَفاهيمُ.
– الـرغبةُ صَارت حُبًا، والقتلُ لأجلهِ انتصارًا، والانتقامٌ شَجاعةً، والجُرأةَ على قِـيَم المُجتمع وفُحشِ القَـولِ والعلاقاتُ المُحـرَّمةُ، تُسمَّى حُـريةً مَكفولة.
– ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا.
– وَقُـودُ الأمَّةِ صارَ حَطبَها.
– باتَ النشءُ ضَحيةَ قُــدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ، مَسمُوعةٍ ومَرئيٍّةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها.
– ومن فَــرْطِ شُــيوعــهِ، واعتباره
من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع، زُيِّـنَ لهم فَـرأَوهُ حَسنًا، فكان جُـرمِ اليوم له نِتاجَا.
– أفَـَـتــذهبُ نَـفسُنا عليهم حسَـرات؟!
– إنَّ هذا الخَـللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَـلَ ضَرَرُه، وعَـزَّ اتقاءُ شَـرِّه، واتسَع الـرَّتقُ على الـراتق.
– ولكلِّ ما تَقدمَ
تُطلِـقُ المَحكمةُ صَيحَة:
– يَا كُلَّ فِـئاتِ المُجتمعِ لابُـدَّ مِن وَقفَـة.
– يا كُلَّ مَن يَقْـدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا.
– اِعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُـوَى الإنسانِ المُتابينةْ، لنُنَـمِّيَ فيهِ أجـملَ ما فيه.
– أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية.
– عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَـرينُ السلامْ، قَـرينُ السَكينةِ والأمانْ، لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء.
– إنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ، وليس وَهَجًا من الجَحيم.
– لا تُشوهوا القُــدوةَ في مَعناها فـتَنحلَّ الأخلاقْ.
– عَظِمُوها تَنهضُ الأمَّة.
– هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحَسنَةِ، بالثقافةِ، بالفَـنِون، بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه، والتَسامُحُ صِفتَه، والـرُشدُ غايَتَه.
– وإلى الآباء والأمهات نقول:
– لا تُضيِّعوا من تَعُــولون.
– صَاحِبُوهم، ناقِـشُوهُم، غُوصُوا في تفكيرهم.
– لا تتركُوهُم لأوهامِهم. اغــرسُــوا فيهم القِـيَم.
*
– وإلى القاتلِ نقول:
– جـئتَ بفعلٍ خَسيس هــزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس.
– أَهــرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَـناتِ غَـدرٍ جَـريئة.
– ذبَحتَ الإنسانيةَ كلها، يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة.
– إنَّ مَثَـلَكَ كمَثلِ نَـبتٍ سامٍ في أرضٍ طيبة.
– كُلما عَاجَـلَـهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتـدَ، كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَـبتَ فيها