إختلف المشهد أمام قصر عدل زحلة الذي غالباً ما يشهد حركة إستثنائية كل يوم خميس من الأسبوع بالتزامن مع انعقاد الجلسات القضائية. ففي حين استمر غياب القضاة المعتكفين عن العمل إلى حين تحسين أوضاعهم المعيشية، إحتل عدد من المعتصمين درج قصر العدل، والمواقف المخصصة للقضاة بعدما خلت من سياراتهم، ليطالبوا بصوت عال بإطلاق عجلة القضاء مجدداً ووقف المماطلات. ومع أن المعتصمين جاؤوا نصرة لملف خالد المجذوب الموقوف على ذمة التحقيق منذ ثلاثة عشر شهراً، فإن الأخير بدا كنموذج فقط للثمن الذي يدفعه كل مواطن من إنسانيته أولاً، كنتيجة لتداعيات الأزمة اللبنانية التي تلحق الشلل بكافة مؤسسات الدولة وصولاً الى قضائها.
بصوت يملأه غضب عارم صرخ علي شقيق المجذوب «أريد أخي فكيف تقتلون رجلاً حياً أمامنا؟» الشقيق الاصغر لعلي كما علم كان في زيارة استجمام الى لبنان خلال شهر آب من سنة 2021 حيث حضر مع زوجته من البرازيل التي أمضى فيها خالد نحو 35 سنة، وأسس فيها أعمالاً تجارية جعلته من الشخصيات المعروفة في الإغتراب.
مشكلة خالد انه تورط في مشكلة وضعته في مرمى عملية تصفية وقعت في ذلك الوقت على طريق معمل البصل في منطقة مجدل عنجر، بينما كان وزوجته في سيارة، تتبعها سيارة سيدة سورية كانا قد أمضيا معها وقتاً في البقاع، فقضت برصاص المعتدين، وذكر أنها المقصودة بعملية التصفية.
أدلى خالد بإفادته حول الحادثة بعدما نجا وزوجته من الطلقات النارية التي أصابت سيارته أيضا. وفيما كان يفترض أن يؤخذ كلامه كشاهد، صدرت بحقه مذكرة توقيف على ذمة التحقيق، بعدما ادعى عليه أولاً محامي السيدة التي قُتلت ومن ثم تراجعت عائلتها عن الإدعاء كما ذكرت مصادر مطلعة على الملف. ومنذ ذلك الوقت تقول زوجة خالد أن «جرمه الذي ارتكبه انه لم يمت في الكمين».
منذ شهر شباط الماضي كان يفترض بالقضاء أن ينظر بقضيته إما ليخلي سبيله أو لإصدار قرار ظني بإدانته. إلا أن أي من الإحتمالين لم يحصل، ليس بسبب أولويات الملفات القضائية العالقة منذ سنوات في القضاء، وإنما بسبب ظروف البلد الغارق بين الإعتصامات والإعتكافات وشح الموارد المطلوبة لتسيير عمل المحاكم والأجهزة الأمنية في سوق الموقوفين وغيرها من العقبات.
إلا أن سوء طالع خالد الذي خضع لعملية إستئصال ورم خبيث قبل توقيفه، جعله يصاب خلال فترة توقيفة بداء التشمع الكبدي وفقا للتقارير الطبية التي عرضها شقيقه علي أمام الإعلام. وبالتالي تم نقله من سجن جب جنين الى مستشفى تعنايل، حيث لم تتمكن إدارة السجن من تأمين سيارة عسكرية تنقله الى مستشفى أوتيل ديو لإجراء الفحوصات اللازمة له، فاستعان أهله بتجهيزات المستشفى وأحضروها على نفقتهم الى تعنايل، لتثبت إصابته بالمرض.
خالد الذي يلازم الفراش في المستشفى يحتاج حالياً لدواء يصل ثمنه وفقا لعائلته الى 26 الف دولار، فيما جواب وزارة الصحة على طلب تأمينه عبرها جاء بكتاب يؤكد عدم توفر الدواء، الأمر الذي جوبهت به العائلة ايضاً لدى محاولتها تأمين الدواء من الصيدليات.
لا تريد عائلة خالد في المقابل أن تجعل من مرضه ذريعة لإطلاق سراحه أو الضغط على القضاء كما تؤكد وإنما تريد العدالة وأبسط العدالة برأيها أن يخضع لمحاكمة تراعي وضعه الصحي، وفقا للأصول ومن دون مماطلات إضافية، خصوصا ان الموضوع بات حاليا يتعلق بحياته أو وفاته، علما أن زوجته تؤكد أنه منذ توقيفه قبل 13 شهراً، لم ينظر بملف خالد سوى خمس مرات، وهو قد مثل مرة واحدة أمام قاضي التحقيق.
وتضيف زوجته أن «خالد من الأشخاص الذين تكرمهم البرازيل فهل أتى الى لبنان ليهان في وطنه؟» وتتساءل «اين العدالة وأين الانسانية؟ لا عدالة ولا إنسانية في لبنان».
#نداء الوطن