كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
سلِمَت فروع المصارف اللبنانية في محافظة بعلبك الهرمل، رغم قلّتها، من إقتحام المودعين لاسترجاع أموالهم، اسوةً بما يحصل في مختلف المناطق، ورغم توافر كل الظروف لا سيما طبيعة المنطقة وأجوائها المشحونة دائماً، إلا أنها بقيت بعيدة من مسلسل الاقتحامات وما رافقه من أحداث.
تسبق بعلبك الهرمل باقي المحافظات دائماً بخطوة الى الوراء على صعيد المشاكل وما يعانيه الناس من نقصٍ في الخدمات والحاجات، والتي لم تكن مقرونةً بأزمة اقتصادية أو انهيار. وفيما أرخت الأزمة بأوزارها على اللبنانيين بدرجاتٍ مختلفة ومتفاوتة، وبدأت ظلالها تخيم باكراً على البقاعيين وتنعكس تراجعاً على المستويات كافة وطالت شظاياها الكثيرين، وتُرجمت عذابات وأكلاف إضافية على تكاليف الأمور الحياتية.
وكأنه لا يكفي البنوك انها سرقت أموال الناس بالتواطؤ مع من يعنيهم الأمر، وأضاعت جنى أعمارهم لترفع فئات وتنزل أخرى إلى قعر الفقر، حتى استكملت أسلوب ذلّهم لا سيما البقاعيين منهم. فبعد السرقة والوقوف في طوابير للحصول على كميات محددة من الدولار «فريش» أو الليرة اللبنانية شهرياً، كبّد عدد من البنوك أبناء البقاع الشمالي عناء مشقّة التنقّل من الهرمل الى زحلة كأقرب نقطة ليتسنّى لهم سحب رواتبهم، بعدما أقفل بعضها فروعه في بعلبك الهرمل.
ففي خطوةٍ مستهجنة ومن دون سابق انذار، أقفلت المصارف كافة فروعها في مدينة الهرمل وجوارها مع بدء الازمة، وأبقى مصرف BLC على الصرّاف الآلي لسحب رواتب الموظفين قبل أن تنقطع الاموال منه منذ أشهر، وفي وقت كان لبعض المصارف فروع في بعلبك والهرمل، وأقفلت فرعاً وأبقت على آخر كـ»فرنسبنك». وكان ختام مسلسل الاقفال مع اتخاذ «فرست ناشيونال بنك» قراره بالاقفال في فرعه الوحيد في بعلبك. ومع سلسلة الاقفالات يبقى 3 فروع لمصارف لبنانية عاملة على مساحة بعلبك الهرمل بأكملها.
وتتحدث مصادر خاصة لـ»نداء الوطن» عن عملية اقفال منظّم للمصارف في المنطقة ضمن خطة استباقية تفادياً لما يحدث الآن مع بعض المودعين الذين يضطرون إلى اقتحام المصارف لتحصيل ودائعهم. وتضيف بأن واقع المنطقة والوضع الأمني المتوتر فيها، وغلبة السلاح والفوضى التي لم تتمكّن الدولة من ضبطها طوال السنين الماضية، دفع المصارف إلى سلوك درب الاقفال النهائي كون المنطقة خصبة للاقتحامات وبالسلاح الحي الذي يمكن أن يوقع ضحايا، ولأن معظم أهالي المنطقة قد يلجأون الى ذلك لاسترجاع أموالهم. فكان القرار بالاقفال وهو ما أثبت صوابيته بعد ما جرى ويجري وفق ما تقول المصادر»، وأضافت أنّ «الحل كان إجبارياً»، متناسية أوضاع الناس وتسيير شؤونهم.
«استلشاء» المصارف في التعاطي مع أهالي بعلبك الهرمل نتيجة الوقفات الاحتجاجية التي نفذت أمامها مع بدء الثورة، وغياب نواب المنطقة وأحزابها عن المطالبة بإعادتها الى العمل لتخفيف عذابات الناس مع التعهد بتأمين الحماية لها، أسبابٌ تدفع البقاعيين الى اطلاق الصرخة بعد تدني قيمة الرواتب وارتفاع كلفة التنقل بالسيارة أو بالفان.
ويضطر العديد من العسكريين والموظفين المدنيين الى التوجه اكثر من مرة الى زحلة او أحد الفروع المتبقية في بعلبك للحصول على رواتبهم، كذلك من لديه حساب او يريد اتمام عمليات مصرفية او شراء الدولار عبر منصة صيرفة.