كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
بين راغبٍ في العودة إلى بلده الأم سوريا بعد سنوات من النزوح، ورافضٍ يستفيد من تقديمات ومساعدات الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالنازحين السوريين، بدأت طلائع العودة الطوعية الثانية، علّها تثمر تخفيف أعباء عن كاهل الدولة اللبنانية.
حملت بلدة عرسال الواقعة على أطراف سلسلة جبال لبنان الشرقية والمحاذية للحدود السورية لجهة القلمون الغربي، العبء الأكبر من النزوح السوري الذي بدأ منذ عام 2013، فكانت وجهة الهاربين من البارود والنار، وضمّت أكبر عدد من المخيّمات، ووصل عدد النازحين السوريين فيها الى 70 ألفاً، ما يفوق عدد سكّانها الأصليين بضعفين. وأرخى النزوح بسلبياته الإقتصادية والإجتماعية والصحية عليها، حتى وصلت الـ»كوليرا» الى لبنان من خلال هذه المخيّمات، عبر العائدين من زيارة ذويهم في سوريا.
بعد طول انتظار ومرور سنوات على العودة الطوعية الأولى للنازحين، بدأت منذ ساعات الصباح الأولى أمس طلائع قوافل العودة الثانية تشقّ طريقها إلى سوريا من 3 معابر أبرزها بلدة عرسال. فبعدما سجّلت العائلات أسماءها لدى الأمن العام، وقد ناهز عددها المئة (أكثر من 700 شخص) تجمّعت في منطقة وادي حميد في عرسال، حيث الآليات التي ستقلّهم الى الأراضي السورية، والسيارات الخاصة التي عبروا فيها الى لبنان والجرّارات الزراعية وجميع مقتنياتهم وخيمهم بما فيها المواشي وغيرها. ومن وادي حميد على أطراف البلدة إنطلقت الرحلة الى معبر الزمراني الذي استحدثه الأمن العام للغاية نفسها، حيث دقق عناصره بأسماء المغادرين والمطابقة للمسجلين الذين قرروا العودة إلى بلداتهم في القلمون الغربي لا سيما بلدات فليطة، جراجير، النبك، دير عطية وغيرها.
ونفّذ الجيش اللبناني ومديرية المخابرات إجراءات أمنية مشدّدة وانتشاراً في مكان تجمّع المغادرين، وعزّز دورياته داخل عرسال وسط حالات تأهب في المراكز الحدودية على أطراف البلدة وفي الجرود، بحضور وزير الشؤون الإجتماعية هيكتور حجار الذي أشرف على عملية العودة، وزار قبلها، البقاع الشمالي وبلدة عرسال، مطلعاً على الخطوات الميدانية والعملية المرافقة.
وبعدما دقّق الأمن العام في الأسماء، سلكت قوافل السيارات والشاحنات الطريق التي حُدّد مسارها بمؤازرة أمنية وصولاً الى الداخل السوري حيث أقام الأمن العام السوري أيضاً نقاط تدقيق لتسجيل العائدين الى سوريا، فيما استمرّت العملية حتى ساعات متأخرة رغم برودة الطقس وتساقط الأمطار في المنطقة.
وقد فاقت أعداد المسجّلين الراغبين في العودة أعداد المغادرين، بعدما تراجعوا عن خطوتهم لأسباب لا تزال مجهولة، وينتظر أن تنطلق رحلة أخرى خلال الأيام المقبلة، علّ ذلك يخفّف من الضغوط والمشاكل التي تحمّلتها البلدات والمناطق اللبنانية باستضافة النازحين.