كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
أشبه بعملية إصلاحية في دار الفتوى، بدت إنتخابات مفتي المناطق التي دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى إجرائها، بغية إخراجها من دائرة الإنقسامات التي رافقت الولايات الماضية لبعض المفتين بين معيّنٍ وممدّد له، إلى دائرة العمل والإلتفاف حول الدار وممثليها.إنتهت ولاية مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني الذي انتخب عام 1996 بخلافات وانقسامات تداخلت فيها السياسة مع الدين، إثر خلافات مع تيار «المستقبل» عام 2012 وتوجّهه في حينها إلى القوى السياسية الخصمة ففتح الأبواب لـ»جمعية المشاريع الخيرية» وشخصيات سنّية تدور في فلك «حزب الله»، ما أدّى إلى تشكيل مجلسين شرعيين في آخر ولايته، الأول برئاسته والثاني يدعمه رؤساء الحكومات السابقون وشخصيات سنيّة. ومع انتهاء ولايته لبلوغه السنّ القانونية، إنتخب المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان بتوافق عربي وبأصوات جامعة من مختلف الفئات والأحزاب ضمن الهيئة الناخبة.وقد قرّر عدم خوض غمار ما حصل قبل ولايته للوقوف على مسافة واحدة من الجميع، فاتسمت السنوات الست التي مضت من ولايته بالانفتاح على الجميع. وفي الوقت الذي انتظر الكثيرون العملية الإصلاحية، شرع في تحديد موعد لانتخاب مفتي المناطق والذي جرى آخر مرّة مطلع الستينات. ولهذا، تنتظر المناطق التي سيتم فيها انتخاب مفتٍ محلي، الإنتخابات بفارغ الصبر ليخرج بعضها من دائرة الخلافات إثر تعيين مفتٍ تارةً وتكليف آخر تارةً أخرى، ولملء الفراغ برحيل المفتين الذين كانوا يشغلون المنصب في زحلة والبقاع الغربي وراشيا.ومع انتهاء مهلة تقديم الطلبات للمنصب في التاسع عشر من الشهر الحالي، يُنتظر أن تبت اللجنة التي انبثقت من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى بالطلبات وتختار من تنطبق عليه المواصفات التي وضعتها، حيث كان تقديم طلبات الترشّح حصراً في بيروت وليس في المناطق، لتعلن الأسماء المقبولة في الثالث من كانون الأول بقرارٍ غير قابلٍ للطعن، وعلى أن تجرى الإنتخابات في الثامن عشر من كانون الأول عند الساعة التاسعة صباحاً بحضور ثلثي أعضاء الهيئة الناخبة لمفتي المنطقة، وفي حال تعذّر حضور ثلثي الأعضاء تجرى الإنتخابات عند الساعة العاشرة بمن حضر من الهيئة الناخبة.تتّسع دائرة الهيئة الناخبة للمفتي المحلي وتضيق بحسب ما حدّدت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية لوائح الشطب لكلّ منطقة، وتضمّ الهيئات الناخبة على اختلاف المناطق الهيئين التشريعية والتنفيذية العاملتين، أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، مدرّسي الفتوى وشيوخ القرّاء، القضاة الشرعيون العاملون، رئيس دائرة الأوقاف، الأئمة المنفردين العاملين المثبّتين والمتعاقدين والمكلفين، القضاة المسلمين السنّيين العدليين والاداريين والماليين العاملين وأعضاء المجلس الدستوري وموظفي الفئات الأولى في الإدارات العامة، رئيس وأعضاء المجلس البلدي من المسلمين السنّة، اللجنة القائمة بمهام المجلس الإداري. وفي وقتٍ تضمّ الهيئات الناخبة مختلف الفئات ومن توجّهات سياسية ودينية مختلفة، يبقى على كل مرشّحٍ أن يستميل أفراد الهيئة الناخبة وأن يكون جامعاً في وقت بدأت السياسة تدخل على خطّ الانتخابات والترشيحات.