كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
أعلن وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان نهاية الأسبوع الماضي عن حلّ موقّت قصير الأمد لمشكلة الفراغ الذي بدأ يهدّد تأمين الكهرباء في منطقة زحلة وقضائها، بعدما شارف عقد شركة «كهرباء زحلة» التشغيلي على الإنتهاء، وذلك نهاية العام الجاري. فكتب على الـ»فايسبوك» أنّ «هيئة الاستشارات والتشريع عدّلت المهل القانونية لعقد تشغيل كهرباء زحلة، وبدلاً من انتهائه في نهاية العام الجاري، تمّ التمديد للعقد حتى تاريخ 8 آذار 2023»، واعتبر في المقابل أنّ هذا التعديل «سيفسح في المجال لتنظيم دفتر شروط من أجل إطلاق مناقصة جديدة للكهرباء في نطاق خدمة الشركة».
وأوضح بوشيكيان في إتصال مع «نداء الوطن» أنّ القرار إتّخذ حكومياً بعدما دخلت الشركة في مرحلة المهل الضاغطة، وبالتالي لم يعد هناك من حلّ آخر يؤمّن إستمرارية إدارة هذا القطاع في المنطقة الى ما بعد 31 كانون الأول المقبل، خصوصاً أنّ مجلس النواب لا ينعقد حالياً تشريعياً لإقرار إقتراحات القانون، وجلساته مخصّصة فقط لإنتخاب رئيس للجمهورية».
وكذلك شرح النائب الياس إسطفان «أنّ قرار التمديد جاء بعدما أخذت مؤسسة كهرباء لبنان رأي هيئة الإستشارات. وهو إجراء وقتي حتى لا تقطع الكهرباء عن مئات الوحدات السكنية».
الإستشارات: رأينا غير ملزم
رئيسة هيئة الإستشارات جويل فواز أوضحت لـ»نداء الوطن» أنّ «الهيئة بنت رأيها حول تمديد مهلة العقد التشغيلي لشركة كهرباء زحلة لمدّة شهرين فقط، على مقتضيات قانون تعليق المهل الذي صدر في فترة الإقفال الشامل إثر جائحة «كورونا» سنة 2020، والذي علّق كافة المهل القانونية والعقدية والإدارية بدءاً من 14 كانون الثاني من سنة 2020 وحتى 22 آذار منه. وبما أنّ هذا القانون قد صدر بعد قانون التمديد لعقد شركة كهرباء زحلة التشغيلي الذي كان قد إنتهى في سنة 2019، رأينا كهيئة إستشارات أنّ شركة كهرباء زحلة من حقّها أن تستفيد من قانون تعليق المهل». ولفتت فواز الى أنّ رأي هيئة الإستشارات ليس ملزماً، ولكن إذا رُفض يجب أن يكون ذلك معلّلاً خطّياً.
العليّة: لا يعود لها الاختصاص
إلّا أنّ لرئيس هيئة الشراء العام جان العليّة رأياً آخر، فقد اعتبر «أنّه ليس من اختصاص هيئة التشريع والاستشارات تفسير النصوص المتعلّقة بقانون الشراء العام، وإنما من إختصاص هيئة الشراء العام»، مشيراً الى أنه كرئيس لهيئة الشراء العام لم يبلّغ شيئاً بهذا المعنى. وأوضح أنّه بموضوع إنتهاء عقد شركة كهرباء زحلة يعود لمجلس النواب وحده التمديد للعقد التشغيلي، أو تفسير القانون الذي أجاز التمديد. ومن هنا اعتبر أن هيئة الإستشارات أبدت رأياً بمجال لا يعود لها الإختصاص فيه.
وبعيداً من الرأي القانوني الذي أجاز هذا التمديد لعقد شركة كهرباء زحلة، لم ير النائب إسطفان في التمديد حلّاً، بل إعتبره «ترقيعاً كالعادة»، فيما رأى النائب جورج عقيص أنّه يشكّل «تنفيسة حتى يعود إنتظام المؤسسات ويعقد مجلس النواب مجدّداً جلساته التشريعية وتطرح الإقتراحات المقدّمة» متسائلاً: «من يتحمّل أن يصبح نطاق إمتياز شركة كهرباء زحلة بلا كهرباء»؟
وبحسب بوشيكيان «نجحنا على الأقلّ حالياً بالحدّ من القلق الذي أصاب الجميع جرّاء الإقتراب من نهاية العام. وهذا كان الحلّ الأنسب الذي يحافظ على التغذية الكهربائية في هذه المرحلة بإنتظار من يربح المناقصة في مرحلة لاحقة».
إذاً، إشترت الدولة لنفسها بعض الوقت مع مسألة إنتهاء المهلة التشغيلية لشركة «كهرباء زحلة»، والتي تشكل حالياً المصدر الأساسي لتأمين الطاقة، والوحيد لتوزيعها في منطقة زحلة و16 قرية أخرى، تقع ضمن نطاق الخدمات التي توفرها الشركة.
ولكنّ شراء الوقت يستمرّ بتأجيل الحلّ المستدام الذي إنتظره أبناء زحلة وقضائها منذ أكثر من أربع سنوات. كما أن القرار المتّخذ وضع جانباً، على الأقلّ في المرحلة الحالية، إقتراحات القوانين التي تقدّم بها نواب المنطقة من أجل تأمين إستدامة تشغيل هذا المرفق في زحلة وقضائها.
وكان نواب زحلة والبقاع قد تقدّموا بإقتراحين منفصلين، الأول يطالب بالتمديد للإدارة الحالية لشركة كهرباء زحلة لعشر سنوات، والثاني طالب بتمديد لسنة واحدة فقط.
ويجمع كل من الإقتراحين بأنّ الحلّ المستدام لا يمكن أن يبدأ إلّا من خلال إجراء مناقصة، يلزّم على أساسها عقد تشغيل الشركة بناء لأسس ثابتة وطويلة الأمد، تحقّق المصلحة العامة أولاً. ووفقا لبوشيكيان «ما يهمّ الناس هو أن تتوفر لهم الخدمة الجيدة مع سعر أوفر». وهذا برأيه لا يكون «إلا متى ألغيت الإحتكارية، وكان هناك تنافس بالعروضات المقدّمة».
فهل يكون التمديد القصير الأمد هذه المرّة كافياً لإعداد دفتر الشروط المطلوب لإجراء المناقصة المطلوبة؟ يؤكد إسطفان أنّ هذا الأمر موضوع متابعة مع مؤسسة كهرباء لبنان ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية، ولكنّه لا يبدي تفاؤلاً كبيراً بأن تنجز المناقصة في ظلّ الظروف الموجودة في البلد.
دفتر الشروط
إلا أنّ العليّة يوضح في المقابل أنّ إعداد دفتر شروط لإجراء مناقصة لتلزيم شركة كهرباء زحلة لإدارة تشغيلية، يتمّ حالياً بين مؤسسة كهرباء لبنان التي تقوم بوضع دفتر الشروط وهيئة الشراء العام التي تبدي الملاحظات حوله. وهذا التبادل وفقاً للعلية «يفترض أن يثمر دفتر شروط واضحاً وشفّافاً يؤمّن المنافسة وحقوق الدولة المالية، وإلّا بكل بساطة لن نوافق عليه»، مؤكداً أنّ التعاطي إيجابي في هذا الإطار بين المؤسسة وإدارة المناقصات.
كلام العلية يفترض أن يذلل الشكوك في زحلة ونطاقها من أن يمهّد التمديد الإستثنائي الذي ستستفيد منه شركة كهرباء زحلة لسلسلة من التمديدات اللاحقة، خصوصاً أنّ شرط إجراء المناقصة ورد في القانون الذي أقرّه مجلس النواب لتلزيم تشغيل شركة كهرباء زحلة منذ سنة 2018، إلا أنّها لم تجر في المهلة التشغيلية الأولى التي إنتهت في أواخر سنة 2020. وعلى رغم إنتظار أكثر من سنة ونصف لطرح هذه المناقصة في مرحلة التمديد لعقد شركة كهرباء حتى أواخر سنة 2022، فقد فشلت محاولة إجرائها خلال أيلول الماضي، نتيجة لما إعتبر حينها شوائب شابت الدعوة لهذه المناقصة ودفتر شروطها الموضوع من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، الأمر الذي تحوّل جدلاً إعلامياً، إنتهى إلى عدم تقدّم أي جهة بعرض لدخول المناقصة، ولا حتى من جانب الإدارة الحالية المشغّلة للقطاع.