كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
سرقت إرتدادات الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر أمس الضوء من أمام العاصفة الثلجية «مريم» التي تعصف بلبنان والمنطقة، حيث شعرَ أهالي بعلبك الهرمل ولبنان بها، ودبّ الرعب بين الكبار والصغار، وعلت الصرخات جرّاء الخوف من أي أضرار.
استفاق أهالي البقاع الشمالي عند الثالثة والدقيقة 19 على اهتزاز الأرض تحت أقدامهم وأسرّتهم لمدّة أربعين ثانية، بعد وصول ارتدادات الزلزال الذي ضرب منطقة الشرق الأوسط، وعلى الأثر هرعوا إلى الإحتماء في الأماكن الآمنة، ولحماية أطفالهم الذين إرتفعت أصوات صيحاتهم مجبولةً بالخوف، فيما خرج بعضهم إلى الأماكن المكشوفة تحت زخّات المطر والثلج، متحمّلين صقيع شباط للحفاظ على أرواحهم، بعد تداول معلومات وأخبار عن حجم الدمار الذي أصاب المناطق المتضرّرة، وتحسّباً لارتداداتٍ جديدة تكون أقسى من تلك التي حصلت.
تقع محافظة بعلبك الهرمل على فالق اليمّونة الزلزالي، وبحسب الدراسات فإنّ هذا الفالق الذي يمتدّ على طول سلسلة جبال لبنان الغربية، ويُعدّ واحداً من ثلاثة فوالق رئيسية كبيرة في لبنان، يتحرّك مرّة كلّ نحو ألف عام، فيما تشير الدراسات الى أنّه يمكن أن يتحرّك ما بين أعوام (2000 -2300) وهو أكبرها وأخطرها، ويعدّ من أطول فوالق الأرض إذ يمتدّ من أعالي بحيرات فكتوريا عند منابع النّيل مروراً بالبحر الأحمر، فلسطين ولبنان، حتّى جبال القوقاز في روسيا، (وقد اشتقّ اسمه من بلدة اليمّونة البقاعيّة التي تقع غربي بعلبك على بعد 34 كلم وتتربّع في أعالي السلسلة الغربية على سفح جبل المكمل الشرقي)، ويشقّ لبنان نصفين.
وكان آخر زلزال على هذا الفالق عام 1202 وقد نتج عنه انخساف في السواحل وغرق العديد من الجزر الصغيرة التي كانت قائمة على طول الساحل اللبناني. ولم يبق منها سوى جزيرة الأرانب قبالة طرابلس، إضافة إلى تدمير طرابلس وبعلبك وسقوط نحو 30 عموداً من أعمدة قلعة بعلبك، وأكثر من مليون ضحية في لبنان وسوريا ومصر وأرمينيا وتركيا وجزيرة صقلية في البحر المتوسط، وحدوث موجة من المجاعة وانتشار الأمراض في المناطق المنكوبة، فيما حدثت هزة أرضية مساء يوم السبت الواقع في 26 كانون الأول عام 2020 بقوة 2.7 على مقياس ريختر، حدّد موقعها جنوب اليمّونة في منطقة وسطى ما بين أفقا غرباً، وحدث بعلبك شرقاً، وقد شعر بها بعض المواطنين. وعلى خط العاصفة الثلجية «مريم» التي استعادت زخمها منتصف الليل، وبدأ تساقط الثلج على علوٍ منخفض، لزم البقاعيون منازلهم، وعزل الرجل الأبيض المناطق والبلدات التي يزيد ارتفاعها عن ألف متر، فأقفلت طرقات عيناتا، اليمّونة، دار الواسعة، برقا، شليفا، أعالي بعلبك، النبي اسباط، حام، معربون، واستنفرت فرق وزارة الأشغال والبلديات في المنطقة للعمل على فتح الطرقات ووصل المناطق ببعضها، تحسّباً لحالات مرضية تستدعي نقلها الى المستشفى، غير أنّ سرعة الرياح وكمّيات الثلوج المتساقطة حالت دون التمكّن من فتحها، وأقفلت من جديد.
وفي وسط مدينة بعلبك، تحوّلت الطرقات الرئيسية التي بقيت سالكة أمام السيارات لا سيّما الرباعية الدفع، إلى مستنقعات وبرك مياه فاضت عن مستوى الأقنية المخصّصة لمياه الأمطار، ما تسبّب في تعطّل بعض السيارات حيث تمّ سحبها، كذلك استنفرت فرق الدفاع المدني في المحافظة وهيئة إدارة الكوارث، وأقفلت المدارس الرسمية والخاصة في مختلف أرجاء المنطقة من بعلبك حتى الهرمل، على أن تمتدّ العطلة يومين ويتّخذ القرار المناسب باستمرار الإقفال بحسب حالة الطقس والجليد، وقد توقّعت مصلحة الأرصاد الجوية أن يؤدّي تدنّي درجات الحرارة حتى خمس درجات تحت الصفر، الى تعطل حركة المرور وتوقّف المؤسسات العامة والخاصة والمدارس عن العمل.