كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
مجدّداً تُدفع الأمور نحو تمديد ثالث لمشغّلي شركة كهرباء زحلة، وهذه المرّة تحت عنوان الإستمرار بتسيير المرفق العام. فقد إنقضت حتى الآن أربع سنوات ونيّف على منح الإدارة الحالية لشركة كهرباء زحلة عقداً تشغيلياً مع مؤسسة كهرباء لبنان يمكّنها من إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية لمصلحة مدينة زحلة والقرى التي كانت تقع سابقاً من ضمن امتياز شركة كهرباء زحلة، من دون أن تنجح مؤسسة كهرباء لبنان حتى الآن بالدعوة الى مناقصة لتلزيم تشغيل الشركة وفقاً لدفتر شروط واضح.
ومع أنّ التأكيد على هذه المناقصة ورد في القانون رقم 107 الصادر عن مجلس النواب بتاريخ 30/11/2018 وتمديده بالقانون رقم 198 الصادر في سنة 2020، دخلت مدينة زحلة مجدّداً ومعها 16 قرية بقاعية تقع ضمن نطاق خدمات الشركة، في مرحلة حرجة جداً بالنسبة لمستقبل إدارة كهربائها، بعدما لوّح رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء زحلة أسعد نكد قبل أيام، بأنّ عدم بتّ موضوع تمديد عقد الشركة خلال الأيام المقبلة، يعني تسليمها لمؤسسة كهرباء لبنان. ليلعب بذلك على وتر مخاوف المواطنين من تراجع خدماتها، متى انتقلت إدارة الشركة من القطاع الخاص الى القطاع العام.
وكان عقد شركة كهرباء زحلة المنتهي في نهاية عام 2022 قد مُدّد حتى 8 آذار المقبل بناء لرأي هيئة الإستشارات في وزارة العدل الذي سمح للشركة بأن تستفيد من قانون تعليق المهل الصادر في فترة الإقفال الشامل إثر جائحة كورونا سنة 2020. فتوسّع النقاش خلال هذ الفترة حول بنود دفتر الشروط الذي باشرت مؤسّسة كهرباء لبنان بوضعه بالتنسيق مع هيئة الشراء العام، ولكن من دون أن تبادر المؤسسة حتى الآن للدعوة إلى إجراء مناقصة، مع أنّ التعديلات التي طلبتها هيئة الشراء العام منها، كما أكدت المصادر،لا يحتاج البت بها سوى لجهد ساعات قليلة، ولكن فقط إذا توفرت النيّة بإجراء هذه المناقصة.
وإلى أن تجرى المناقصة وتستكمل إجراءات الإنتقال الى المشغّل الجديد، كان المقترح أن يقرّ مجلس النواب قانوناً جديداً يمدّد لمشغّل شركة كهرباء زحلة الحالي لفترة إضافية، وقد وُضع مشروعا قانونين تقدّم بهما نواب زحلة، على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية تعقد خلال هذه الفترة. إلّا أنّ مجلس النواب عجز عن الإنعقاد تشريعياً، بسبب إبقاء جلساته مفتوحة من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية حصراً، كما أصرّ عدد كبير من النواب.
إنطلاقاً من هذا الواقع يُفترض أن تتسارع الخطوات في الأسبوع الأخير الذي يفصل عن موعد 8 آذار، من أجل إيجاد صيغة بديلة لتمديد عقد الشركة. وقد كشفت نهاية الأسبوع الماضي عن بعض هذه الخطوات، من خلال سلسلة بيانات وتصريحات لنواب زحلة وقضائها، ولرئيس أساقفة المدينة المطران إبراهيم إبراهيم، بالإضافة الى مدير عام الشركة حالياً أسعد نكد. وقد جاءت أبرز التصريحات على لسان النائب الياس إسطفان في ردّه على دعوة النائب ميشال ضاهر لتوحيد موقف نواب المنطقة من «أجل دعم وتأييد وتبنّي استمرار شركة كهرباء زحلة بتسيير أعمال المرفق العام، الى حين تأمين الظروف القانونيّة التي تتيح تجديد العقد أو إيجاد حلّ شامل لملف الكهرباء».
فكشف إسطفان في بيان صادر عنه أنّه إجتمع وزميله النائب جورج عقيص بتاريخ 16/2/2023 مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض بحضور ممثّل عن مؤسّسة كهرباء لبنان، وطالبا وزارة الطاقة والمؤسّسة بإتّخاذ كلّ الإجراءات الآيلة الى استمرار المرفق العام المتمثّل بإنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية في منطقة زحلة، عبر الطلب من شركة كهرباء زحلة الإستمرار في تشغيل هذا المرفق، بالنظر الى الخطر المحدق بانقطاع التيار الكهربائي عن 70 ألف مشترك في نطاقها.
وأكّد إسطفان «أنّ نتيجة الإجتماع كانت إيجابية، ووعد الوزير فياض بمتابعة الموضوع مع مؤسّسة كهرباء لبنان لإنجاز الحلّ بأسرع وقت ممكن»، مضيفاً أنّه في إتصال هاتفي مع الوزير فياض يوم الجمعة «تأكّدنا أنّ الأمور بالمسلك الإيجابي وبإنتظار قرار رسمي من مؤسسة كهرباء لبنان، يعقب إجتماع مجلس إدارتها»، علماً أنّ استمرارية المرافق العامة على ما ذكره إسطفان «هو موجب ملقى على الوزارات والإدارات العامة، يتعيّن السعي الى تأمينه، سواء بقوانين أو مراسيم او أي قرارات تصدر عن مرجع وزاري أو إداري مختصّ».
وكان النائب جورج عقيص قد أوضح لـ»نداء الوطن» سابقاً بأنّ هذا الحلّ سيكون من ضمن الحلول التي يمكن اللجوء إليها في حال عدم انعقاد المجلس النيابي. ويبدو أنّه بات الحل الوحيد حالياً.
إحباط على إحباط
غير أنّ تمديد عقد الشركة لمقتضيات تسيير أعمال المرفق العام، يشكّل بالنسبة للمواطنين إحباطاً لكافة المطالبات السابقة بالتخفيض من قيمة فواتير الكهرباء المُنهِكة لكافة الميزانيات، خصوصاً أنّ تأمين الخدمات سيستمرّ وفقاً للشروط نفسها المذكورة في العقد التشغيلي النافذ. وقد لفت رئيس مجلس إدارة الشركة أسعد نكد في هذا الإطار الى أنّ «مبدأ تسيير المرفق العام لا يسمح لنا بمعرفة الوقت الذي سيستغرقه التمديد، وهذا يشكّل عائقاً بالنسبة للمؤسّسة وللموظفين فيها»، مشيراً في المقابل إلى أنّ أي تمديد واضح ولفترة زمنية مناسبة «يسمح لنا بالمقابل بالإنطلاق بمشروع تركيب تجهيزات الطاقة البديلة لتوفير الكهرباء».
وهو ما ورد أيضاً على لسان المطران إبراهيم الذي التقى نكد في شركة كهرباء زحلة في نهاية الأسبوع، حيث أمل «أن تعطى الشركة المجال الزمني الكافي لكي تنطلق نحو الطاقة البديلة الى جانب الإنتاج الحالي، لكي تتمكّن من توسيع نطاق التغذية في ما بعد، مناشداً الدولة «الّا تحد من امكانيات هذه الشركة والّا تضع لها حدوداً يُمنع تخطّيها، والا تضيّق عليها كلّ سنتين وتضعها تحت مطرقة دائمة والتخويف والتسلّط، فإذا كانت الدولة غير قادرة على تأمين الكهرباء فلتفسح المجال أمام من يستطيع تأمينها».
اللافت في كلّ هذه التصريحات أنّها لا تزال تسقط الكلام عن المناقصات التي تخلق نوعاً من التنافس يتلقّى نتائجه المباشرة المواطنون المكلّفون كواجب ضروري، إذ أنّ معظمها لا يتحدّث عن المناقصة إلا من خلال ربطها بتمديد العقد أولاً، فيما يشكّل التمديد، تحت أي ذريعة، نوعاً من المراوحة المكانية التي لن تسمح بأيّ خرق لمشكلة فواتير الكهرباء المنهكة لميزانيات الناس. وبحسب المواطنين، فإنّ المطالبة بالتمديد يجب أن تقترن بإصرار على إجراء مناقصة لتلزيم تشغيل الشركة، حتى يفوز بإدارتها صاحب العرض الأفضل، سواء أكان المشغّل الحالي أو سواه، بعيداً من المماطلة المتسبّبة بلاإستقرار يؤخّر تنفيذ المشاريع المستدامة التي تصبّ في خدمة المواطنين أولاً.