كتبت سمر الخوري في “المركزية”:
أزمة جديدة تضاف الى سلسلة أزمات القطاع الاستشفائيّ في لبنان جراء استفحال الأزمة الإقتصاديّة. اليوم، وبعد أن تحوّلت المستشفيات الحكومية الى ملجأ اللّبنانيين شبه الوحيد في ظلّ دولرة الفاتورة الاستشفائية في المستشفيات الخاصة، يبدو أنّ خطر رفع فاتورتها الاستشفائية قيد الدرس والا الذهاب نحو الاقفال لاسباب كثيرة يعرضها رؤساء مجالس هذه المستشفيات على الوزارة فما الذي يحصل؟!
عملت المنظمات الدولية منذ بداية الأزمة الاقتصادية على تأمين مادة المازوت لغاية النصف الأوّل من العام 2022 للمستشفيات الحكومية، ودور رعاية المسنين.. بعدها، سعت وزارة الصحة العامة مع دولة قطر الى الحصول على هبة تم توزيعها على المستشفيات منذ حزيران 2022 وعلى مدى 9 أشهر أي لغاية شباط 2023، ما يعني فعليا انتهاء أموال هذه الهبة، من دون ايجاد متبرع آخر قادر على الاستمرار بهذه المهمة أو تمديد الهبة القطرية بحسب ما يشير عدد من رؤساء ومدراء هذه المستشفيات.
هذا القطاع بإنتظار التحرّك على المستوى الرسميّ لإيجاد حلّ للأزمة التي تطرق أبواب المستشفيات ودور العجزة وتتهدّدها، فحاجتها للكهرباء هي على مدار الساعة من دون توقف، وعليه جاءت المناشدة لوزير الصّحة والحكومة مجتمعة للتحرّك السريع مع الجهات المانحة لإيجاد آلية سريعة لتزويدها بالمحروقات.. والا فسيكون الاقفال الجزئي وحتّى الكلي من خياراتها الأساسية، خصوصا أنّ كهرباء الدولة مؤمنّة كحدّ أقصى لـ 4 ساعات يوميا فقط في بعض المناطق وأقل من ذلك في مناطق أخرى، ما يعني أنّ حاجة المستشفيات قد تصل الى 700 ألف دولار شهريا ثمنا للمازوت وهو طبعا ما يفوق قدرتها التحمليّة بالفريش دولار، في ظلّ اضطرارها الى دفع ثمن كلّ المواد الطبية بالدولار الطازج أيضا.
تشكّل الطاقة جزءا أساسيا من موازنة المستشفيات، لذلك فإنّ تعطّل عمل المستشفيات الحكومية اليوم يعني بحدّه الأدنى التخليّ عن عدد كبير من مراكز غسيل الكلى في لبنان، وتقليص أقسام الطوارئ، وانخفاض عدد مراكز علاج السرطان، وغيرها.. بإختصار إضافة أزمة جديدة الى أزمات وهموم المريض في البلاد، فأيّ دور لوزارة الصحة؟
تسعى وزارة الصحة اليوم للخروج من نهج “الشحادة” الذي أوصل البلاد الى ما هي عليه اليوم، واللّجوء الى خطّة طويلة الأمد، عبر حلول مستدامة، ومنها تزويد المستشفيات بأنظمة الطاقة الشمسية للتوفير من مصروف المحروقات على المستشفيات.
رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة العامة هشام فواز ، يشير عبر “المركزية” الى صعوبات الاستمرار في الحصول على هبات للتكاليف التشغيلية.
ويكشف عن أن وزارة الصحة وبالتعاون مع عدد من الجهات المانحة تكون مع نهاية شهر آذار، قد جهزت نظام الطاقة الشمسية لحوالى 20 مستشفى حكوميا، 15 منها تمّ تجهيزها بتمويل من الـundp ، و3 مستشفيات قيد الانشاء وواحدة انتهى تجهيزها بتمويل من الـ UNOPS، إضافة الى مستشفى راشيا التي تمّ تجهيزها من قبل رجال أعمال في المنطقة.
ويؤكّد أنّ التنسيق مع الجهات المانحة مستمر لتجهيز جميع المستشفيات الحكومية بشكل تدريجيّ، هذا إضافة الى أنه تمّ تجهيز حوالى 150 مركز رعاية صحيّة بالطاقة الشمسية.
ويلفت الى أنّ هذا العمل الذي تقوم به وزارة الصحة من دعم للمستشفيات وتجهيزها غير ملزم قانونا، فالمستشفى الحكومي هي مؤسسة عامة وماليتها مستقلّة، ومع ذلك فمساعي الوزارة مستمرّة مع الجهات المانحة لدعم هذا القطاع، وهي لن تتخلى عن دورها.
لكن، وفي مقابل التطمينات التي تطلقها وزارة الصحة فقد أثبتت تجربة الطاقة الشمسية في المستشفيات الخاصة عدم قدرتها على تلبية سوى 30 الى 40 في المئة من حاجة الاستهلاك، ومع ساعتين الى 4 ساعات يوميا من الكهرباء، والتي ارتفعت فاتورتها بشكل جنونيّ أيضا، وعليه تبقى حاجة المستشفيات الى تغطية أكثر من 50% من انتاجها الكهربائيّ بالمولدات، ما يعني أنّ الأزمة آيلة للاستفحال ما لم يتمّ ايجاد حلول سريعة في المدى القريب!