كتب رمال جوني في نداء الوطن،
«يكفيني دعاء أمّ استفاد ابنها من أعضاء ابني»، هذا ما قاله والد علي حسن شرف الدين الذي وهب أعضاء ابنه لبنك وهب الأعضاء في لبنان، واستفاد منها حتى الآن 6 أشخاص. رغم الحزن الشديد الذي يلفّ عائلة علي إبن الـ15 ربيعاً، الذي قضى بحادث دراجة نارية، يدخل الفرح إلى العائلة المفجوعة من باب الإنسانية. مات علي لكنّه عاش في كثير من الناس. ما فعلته العائلة غير مألوف في لبنان، نظراً إلى أنّ ثقافة وهب الأعضاء لا تزال نادرة، إذ لم يعتد الناس هذه الفكرة، علماً أنها قد تنقذ حياة العشرات ممن ينتظرون كلى أو كبداً أو حتى قلباً.
قررت العائلة وبثقة، وهب أعضاء ابنها. لم يأخذ الأمر سوى «نصف دقيقة» وفق حسن شرف الدين الذي لم يتردّد لحظة، عندما سأله الطبيب في مستشفى الرسول الأعظم، عن وهب أعضاء علي، مشيراً إلى أنّ «هذه ثقافتنا وديننا وأخلاقنا، وهذا الأمر يجب أن يعمّم في كلّ لبنان، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة».
هي من الحالات النادرة في لبنان وربما لم يفكّر أحد بوهب أي عضو من جسمه، غير أنّ رؤية حسن مختلفة، قائلاً إنّ «وهب الأعضاء لإنقاذ حياة إنسان، أفضل من تحلّلها في التراب».
انتظر قاسم زلزلي ابن بلدة دير قانون النهر أربع سنوات ليجد من يهبه كبده. سنوات مرّت وهو يعاني آلام المرض، لكن بصيص الأمل حلّ مع تطابق كبد علي مع كبد قاسم الذي خضع لجراحة تكلّلت بالنجاح، تماماً كما نجحت عملية سالي جواد التي كتبت لها حياة جديدة بفضل كِلى علي.
لم تستوعب عائلة قاسم أنها وجدت من يعطيها الأمل والفرح، لأنّ فكرة وهب الأعضاء معدومة في لبنان، وقالت منى إبنة شقيق قاسم «إن فرحنا وحزننا امتزجا، غير أنّ عليّ قدّم نموذجاً إنسانيّاً فريداً في لبنان».
وأضافت «إنّ الأمر معجزة، هناك من لا يقبل الأمر، ولكن درجة الوعي والإيمان عند علي جسّدت صورة إيجابية للحياة، مات ولكن عاش في كل واحد منا».
في بلدة الطيبة، تعيش عائلة علي بين الغصة والألم، لكن ما يعزّيها ويبلسم جراحها، «أنّ ما قامت به أعطى الحياة للكثيرين، لأولئك المرضى المساكين المعلّقين بين الحياة والموت. هناك إنسان يحتاج إلى فرصة نجاة، إلى كبد يُثلج قلوبنا، يقول لنا إنّ علي سيبقى حيّاً»، وفق والد عليّ.
وقال: «ليست أعضاء ابنه التي ستنقذ الآخرين، بل الخلايا الجذعية التي سحبت منه ستنقذ عشرات الأشخاص». إنّ ما قمنا به هو باب رحمة. إبني سيعيش في كلّ إنسان». ودعا إلى «تعميم هذه الثقافة ونشرها»، لافتاً إلى أنّ «ما قمنا به شكّل حافزاً للكثيرين للإقتداء به».
عادت قضية وهب الأعضاء إلى الواجهة، بعد طول غياب. استفزّت خطوة العائلة العديد من الناس لأنّها كانت مفاجئة، وفي الوقت ذاته، شكّلت حافزاً لكلّ إنسان للتفكير في وهب أعضائه لينقذ طفلاً أو شاباً أو كهلاً. إنّها ثقافة الرحمة والوعي. ما فعلته العائلة يُشكّل مدماكاً أساسيّاً ومحرّكاً معنويّاً مهمّاً لتعزيز ثقافة وهب الأعضاء في لبنان.