عقد النائب الدكتور بلال الحشيمي مؤتمرا صحافيا، قال فيه: “بما أن دولة رئيس مجلس النواب قد دعا أعضاء المجلس النيابي إلى جلسة عامة، تعقد يوم غد الخميس في 17 آب 2023، لمناقشة بعض مشاريع واقتراحات القوانين، ومنها اقتراح قانون إنشاء الصندوق السيادي اللبناني للمواد البترولية.
وبما أن اقتراح القانون هذا والأسباب الموجبة التي بني عليها- كما عدلته لجنة المال والموازنة- يحدد الهدف المرجو منه، وهو إنشاء الصندوق السيادي اللبناني للمواد البترولية، والذي يتمثل- كما ورد حرفيا في الأسباب الموجبة- باحتفاظ الدولة برأسمال الصندوق وبعائدات استثماراته كصندوق استثمار لصالح الأجيال المقبلة، وذلك عبر تحويل الموارد البترولية الناضبة التي تكونت عبر ملايين السنين إلى أصول مالية منتجة، تحفظ للأجيال القادمة شرط عدم إلحاق أي ضرر بالاقتصاد الوطني.
وبما أن نصوص هذا الاقتراح وأسبابه الموجبة تحدد كيفية إنشاء هذا الصندوق السيادي، وكيفية إدارة المخاطر فيه والخبرات المطلوبة لإدارته، وضرورة إخضاع حساباته للتدقيق الخارجي، والالتزام بمبادئ الشفافية والعلانية، بما يفترض تأمين إدارة رشيدة لأموال الدولة من مواردها البترولية.
وحيث أن هذه الإيرادات المرتقبة لهذا الصندوق لن تبدأ بالتحقق قبل ست إلى سبع سنوات في أفضل الأحوال التقنية، وذلك ابتداء من تاريخ التثبت من وجود الاحتياطات الاحتمالية النفطية والغازية المؤكدة في باطن الأرض اللبنانية، أو في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، وهو ما يتطلب بالفعل وقتا طويلا من أجل تطوير الحقول بالطريقة التي يصبح من الممكن استخراج مكنوناتها ونقلها وتسويقها، والبدء بعدها بالحصول على تلك الإيرادات المرتقبة.
وحيث أن هذه الثروات بأشكالها كافة هي ملك حصري لجميع اللبنانيين وللأجيال اللبنانية القادمة.
لذلك، نرى أن هذا الأمر يطرح تساؤلا كبيرا حول أسباب هذا الاستعجال غير المبرر وغير المضمون النتائج في وضع اقتراح هذا القانون، والمصادقة عليه في لجنة المال والموازنة، وهو يثير الشبهات حول الأغراض السياسية والمالية الحقيقية المبيتة لإقراره، دون أن يكون حتى لرئيس الجمهورية المقبل وللحكومة اللبنانية أي دور في دراسة قانون كهذا يتوقف عليه مستقبل لبنان المالي والاقتصادي، وضرورة حمايته من تسلط أي قوى سياسية بعينها تتحكم به بفعل توازنات القوى الواقعية المختلة، والمتحكمة بالأوضاع العامة وبسياسات الدولة اللبنانية، لاسيما مع استمرار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم قيام مجلس النواب بدوره الدستوري في هذا الصدد، وعدم وجود حكومة مسؤولة”.
اضاف: “إن هذا التشريع، وفي ظل الظروف والأوضاع السياسية العامة، يشير بوضوح- ومن جهة أولى- أن البازار السياسي المكشوف يحاول أن يحقق تقدما إلى الأمام بمناورة تشريعية، هي عبارة عن دفعة على الحساب يقدمها الثنائي لحليفه المضطرب، وذلك لاستكمال مشروع الصفقة الرئاسية التي رفضها الشعب اللبناني وغالبية نواب لبنان.
كما أنه، ومن جهة ثانية، يجعل من عملية إقرار هذا الصندوق الآن بمثابة محاولة مكشوفة للهيمنة المسبقة، ولتمكين القوى السياسية القائمة حاليا من وضع اليد من الآن على هذا الصندوق، واستتباعه وفرض التحاصص وتبادل المنافع وضمان التحكم بإيراداته لصالحها لسنوات قادمة، بما لا يخدم المصلحة الوطنية العليا للبنانيين، ولا يشكل ضمانة حقيقية لمصالح اللبنانيين الدائمة، وذلك على الرغم من كل النصوص الواردة في اقتراح القانون لجهة ضمان الحوكمة فيه، وهي الشروط القابلة للاختراق، وبالتالي للتلاعب والتبديد- كما تعودنا على ذلك في لبنان- من تجارب سابقة وأليمة.
لذلك، فإنه من الأجدى الآن، وجريا على ما جرى بالنسبة للتشريع الذي أقره مجلس النواب رقم 86/42 في العام 24/09/1986، والمتعلق بمنع التصرف باحتياطات لبنان الذهبية، أن يصار إلى وضع تشريع يحظر على الدولة أو أي شخص معنوي مملوك منها أو منشأ من قبلها سواء كان هذا الشخص شركة خاصة أو شركة عامة أو شركة ذات صفة مختلطة أو صاحبة امتياز أو مؤسسة عامة أو هيئة عامة أو جهة عامة، أن يتصرف أو تتصرف بملكية حقول النفط والغاز المحققة أو المرتقبة، و/أو المناجم وإجراء أي تأمين عليها أو رهنها، أو التصرف بعوائد حقول النفط والغاز وإيراداتها، و/أو استعمال العائدات والإيرادات المرتقبة أو رهنها أو استعمالها في سداد الدين العام، أو الاقتراض بضمانتها، أو أي تصرف أو أداء من شأنه المساس بملكية الحقول والمناجم، أو التصرف و/أو استعمال إيراداتها المحققة أو المرتقبة في سداد الدين العام، أو الاقتراض بضمانتها، أكان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة ما لم يصدر نص تشريعي عن مجلس النواب بإنشاء هذا الصندوق في وقت لاحق وفي ظروف مناسبة وطبيعية ودستورية لا تشكو من اختلال وطني أو سياسي، أو تحكم من قبل أي جهة كانت”.