كتبت أسماء جمعة ،
بحسب سي ان بي سي، يحتل لبنان عالمياً المرتبة الثالثة والعشرون من ناحية غلاء المعيشة. فإن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 25% منذ بداية عام 2023. وبذلك فإنّ لبنان الذي كان يوصف بسويسرا الشرق بسبب مصارفه التي كانت تشدد على السرية التامة لا زال سويسرا الشرق، لكن ليس بنظامه المصرفي الذي انهار في السنوات الماضية، وإنما بغلاء أسعاره.
في شهر آذار من العام الجاري، قررت وزارة الاقتصاد السماح بتسعير السلع التجارية في البقالات والمحلات بالدولار لتفادي مشكلة تغيير الأسعار بالليرة اللبنانية بشكل مستمر، بسبب عدم استقرار سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار.
وقد لحق هذا السماح، دولرة جزء كبير من القطاعات في لبنان منها المطاعم والمحال التجارية وكذلك المؤسسات التعليمية الخاصة. وجديدأً انضمت الجامعة اللبنانية الى قطار الدولرة حيث قررت اخذ رسوم التسجيل بالدولار الأميركي في وسط تدهور ميزانية هذه المؤسسة التعليمية الحكومية وإضراب محاضريها بشكل متواتر خلال العامين الماضيين ما أدى الى عرقلة وتأخير التعليم أمام الطلاب.
ويؤكد مؤشر “جمعيه تجار بيروت” هذا الغلاء، حيث يقر أن معدلات نسب التضخم في الفترة ما بين بداية عام 2022 والنصف الأول لسنة 2023 قد ارتفعت بنسب هائلة في عدة قطاعات منها: قطاع الاتصالات، والتبغ، والمطاعم والفنادق، وقطاع الصحة، والألبسة والأحذية، والأثاث والتجهيزات المنزلية، والمواد الغذائية وفي قطاع النقل والاستجمام والثقافة، وقطاع التعليم.
وفي ظل هذا الغلاء الجنوني، تبلغ تكلفة المعيشة في لبنان كحد أدنى للعائلة المكونة من أربعة أفراد بين 40 مليون وال 70 مليون ليرة والذي بسعر صرف الدولار اليوم يساوي أكثر من 650 دولاراً. ولكن، إنّ مداخيل معظم العائلات في لبنان لا تصل قيمتها الى ربع المبلغ المحتسب أعلاه والذي لا يتعدى ال 200 دولار.
ولو أن بعض الشركات والمؤسسات الخاصة قد عدلت ميزانيتها وقامت تعطي موظفيها معاشاتٍ بالعملة الخضراء، فإن أكبر المتضررين من هذه الأزمة وأزمة التضخم بالذات هم الموظفون الحكوميون الذين لا يزالون يتقاضون رواتبهم بالعملة اللبنانية على سعر “صيرفة” وهي منصة أنشأتها الحكومة اللبنانية ليتمكن الموظفين من صرف رواتبهم على سعر منخفض قليلاً عن السوق السوداء. وقد وصف البنك الدولي في تقريره حول اقتصاد لبنان لعام 2023، منصة صيرفة بنموذج من السياسات الضعيفة والغير مستدامة لدى الدولة اللبنانية.
ويلاحظ البنك الدولي في تقريره أن في شهر شباط من عام 2023، فقدت العملة أكثر من 98% من قيمتها حيث تسارعت وتيرة انخفاض قيمة الليرة اللبنانية وتجاوزت ال140,000 ليرة مقابل الدولار الواحد وسط تصاعد التوترات وإضراب البنوك وتراجُع التدخلات في النقد الأجنبي نسبياً من جانب مصرف لبنان.
وأضاف تقرير البنك الدولي أنّ التضخم في لبنان في عام 2022 وصل إلى 483% وأنّ خسائر القطاع المصرفي قد بلغت 72 مليار دولار.
إنّ أسعار لبنان تعود الى ما سبق بل تتطور وتسبق دبي وسويسرا. السياحة تعود الى عهدها الذهبي والعملة الخضراء تتدفق. ولكن السؤال الاهم والاكبر: هل تعود رواتب المواطنين، وخاصة الذين يعملون في القطاع العام، كما سبق ؟