كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
تمرّ اليوميات اللبنانية بصعوباتها المعيشية والحياتية، وبتلك الأمنية التي تهدّد بأخذ المشهد في البلد الى كارثة تامّة.
فبعض المسؤولين اللبنانيين يؤكدون جهوزية لبنان للحرب، أي للانخراط في حدث إقليمي كبير جدّاً، فيما الأمن اللبناني الداخلي يحتاج الى من ينخرط لتوفيره، بعدما بات من “الآثارات القديمة”.
من دون قواعد
فعَن أي جهوزية لحرب إقليمية كبرى يتحدث البعض، طالما أنه يمكن لأي لبناني في أي منطقة أن “يتزعرن”، بدءاً من ركن سيارة، مروراً بسرقة سيارة، وصولاً الى حدّ ارتكاب اعتداءات (جسدية أو على ممتلكات)، فيما لن يجد من يقول له “وينك”، لا على صعيد شرطة بلدية، ولا على مستوى أي نوع من المتابعة الأمنية والعسكرية، إلا إذا تطوّرت الأمور الى حدّ ارتكاب جريمة ربما. ففي تلك الحالة، قد يجد الناس من يحضر اضطرارياً، طبعاً من دون أن يؤكد ذلك أن العدالة ستتحقّق.
وأمام هذا الواقع، عن أي جهوزية للحرب يتحدّث البعض، طالما أن الأمن المحلي بخطر، وبعدما بات البلد مرتعاً لكل أنواع وأشكال الممارسات؟ وعن أي قواعد اشتباك إقليمية يتحدث البعض، طالما أن لا قاعدة لمعظم ما يحصل في بلدنا يومياً؟
الهدف؟
شدّد العميد المتقاعد والنائب السابق وهبه قاطيشا على أن “من يريد الانخراط في حرب، يجب أن تكون لديه دولة أولاً. فهل لدينا دولة ومؤسّسات ورئيس جمهورية وحكومة وسلطة فعلية تمثّل الناس في لبنان حالياً؟ الجواب هو لا”.
وأكد، في حديث لوكالة “أخبار اليوم”، أنه “إذا أراد أي أحد خوض حرب، عليه أن يحدّد الهدف منها أيضاً. وبالتالي، لماذا يتوجّب على لبنان أن ينخرط في حرب غزة؟ هل سيحارب من أجل تحرير فلسطين؟ وهل ان الشعب اللبناني كلّه مُتَّفق على ذلك؟ الجواب هو لا. وبالتالي، لا هدف لبنانياً من الانخراط في الحرب”.
وأضاف: “حتى على مستوى الحديث عن مساندة غزة، نقول ونؤكد اننا جزء من العالم العربي، وإذا كان هذا الأخير كلّه غير مُنخرط في الحرب، فما شأننا نحن في لبنان بها؟ هذا مع العلم أن هناك اتفاقاً مع العالم العربي على أن لبنان دولة مُسانَدَة للقضية الفلسطينية، وليس دولة أساسية فيها، اي انه ليس دولة حرب ومواجهة. وبالتالي، لماذا الذهاب الى الحرب؟ وما هي مصلحتنا بها؟”.
وأشار قاطيشا الى أن “لا سبب يقول إن من واجب لبنان الانخراط في الحرب، خصوصاً أنه ليس جاهزاً لها. فهل الصليب الأحمر اللبناني جاهز؟ وهل الدفاع المدني جاهز؟ وماذا عن تأمين المحروقات والصيانة لآلياتهما؟ وإذا كان انهيار مبنى تطلّب أياماً لسَحْب الجثث، فعن أي جهوزية للحرب يتحدثون؟ وإذا توسّعنا الى أكثر من الصليب الأحمر والدفاع المدني، نسأل هل ان الجيش جاهز فعلياً للحرب في ما لو قرّرت بعض الأطراف جرّ البلد إليها؟ وماذا عن كميات ومخزونات الذخيرة والمحروقات الخاصة به، والتي تسمح له بالتعامل مع حرب؟”.
وتابع: “من يمكنه جرّ لبنان الى حرب من دون ضمان القدرة الفعلية للسيطرة على البحر؟ وماذا لو فُرِضَ الحصار البحري على لبنان؟ من يضمن في تلك الحالة استيراد المحروقات لآليات الجيش فقط، هذا إذا استثنينا الحديث عن الطعام والأدوية للجيش والناس؟ وبالتالي، هل يذهب الجيش للقتال في دبابات وآليات من دون بنزين؟”.
مُتحلِّلَة
ولفت قاطيشا الى أن “الأوضاع مُنهارة حتى في أوان السلم. فهل الحاجات الطبية متوفّرة؟ وماذا عن الطوابع التي بات المواطن يدفع ثمنها بضُعف الأضعاف، وهو دليل تام على أن الدولة تسرق نفسها بنفسها، انطلاقاً من أن هذا الوضع يحصل بإشراف أكبر المسؤولين فيها. وبالتالي، كيف يمكن لهؤلاء أن يحاربوا لصالح لبنان؟”.
وختم: “جرّ أي جيش في العالم للقتال يتطلّب توفُّر دولة أوّلاً، وتوفير حاجات أفراد عائلات عناصره كافة. فعن أي حرب يتحدثون في بلد إذا اشتكى أي مواطن فيه بمخفر، يسمع من يقول له إن لا سيارة قادرة على أن تقصد المكان المتعلّق بالشكوى، أو إن لا محروقات تسمح بتحريك السيارات والآليات؟ وعن أي حرب يتحدثون طالما أن الدولة كلّها مُتحلِّلَة؟”.