كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن ،
أكثر من ثلاثة أشهر مرّت على إعلان وزارة الإتصالات الفوز المؤقت لتحالف شركة ميريت إنفست ش.م.ل. وشركة Colis Privé France ولكنها لا تنجح حتى الآن في ترسية العقد عليه. والسبب كما بات معلوماً، أنّ الملف لم يمر بسلاسة في الهيئات الرقابية. ففيما سجلت هيئة الشراء العام ملاحظاتها على نتائج المزايدة من دون أن ترفضها، رفض ديوان المحاسبة النتيجة في قرارين متتاليين. إلا أنّ محاولات وزير الإتصالات جوني القرم لتمرير العقد لا تنتهي، وهو نقل البحث في الملف إلى مجلس الوزراء الذي يفترض أن يتابع مناقشته في جلسته اليوم بعد الاستماع إلى رئيس هيئة الشراء العام جان العلية. وذلك بعد مواجهة أولى خاضها القرم مع رئيس ديوان المحاسبة محمد بدران، في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة.
في أحاديث جانبية يصر القرم على أنّ هيئة الشراء العام ورئيسها الدكتور جان العلية كانا من أكثر الداعمين له في إطلاق دفتر الشروط. وهو يؤكد بأن وزارة الإتصالات إلتزمت بكل التعديلات التي أدخلتها الهيئة على دفتر الشروط، بحيث لم تبد الهيئة إعتراضاً على نتيجة الإلتزام لدى إعلانها في 17 تموز الماضي.
إلا أن ما هو مكتوب معاكس لما يُقال. وتقارير هيئة الشراء العام المكتوبة لا تثبت الدعم المطلق للصفقة كما يدعي القرم. لا بل أظهر التقرير التقني الأخير الذي صدر عن هيئة الشراء العام إثر إعلان وزارة الإتصالات لقبولها «المؤقت» بنتائج الإلتزام، أن الهيئة وضعت ملاحظات عديدة على المزايدة منذ إطلاقها. وهي بالتالي لم تصدر توصية بقبول الصفقة أو رفضها، وتركت القرار لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة، فبنى الأخير قراره أيضاً بالإستناد إلى ملاحظات الهيئة الجوهرية.
وكانت أبرز الملاحظات التي وضعتها هيئة الشراء العام في كتاب الموافقة على إطلاق المزايدة، إصرارها على ضرورة أن يكون أي تحديد لحصة الدولة من الواردات قائم على دراسة مالية معمقة لوضع الإستثمار على مدى السنوات السابقة، للإنطلاق منها إلى توقعات على مدى السنوات التسع القادمة. الأمر الذي تبيّن لديوان المحاسبة، وفقاً لما ورد في قرار رفضه نتيجة المزايدة، أنه لم يحصل.
هذا في وقت أورد التقرير التقني لهيئة الشراء العام ملاحظة أساسية على قبول وزارة الإتصالات للعرض الوحيد. فذكرت الهيئة بأنّ «قرار التعاقد مع مقدم العرض الوحيد المقبول هو قرار إستثنائي جداً، يخرج عن مبدأ المنافسة، ولذلك حصر المشرع اللجوء إليه في ثلاث حالات محددة، إشترط توافرها مجتمعة وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 25 من قانون الشراء العام. وهي أولاً: أن تكون مبادئ وأحكام القانون مطبقة، والّا يكون العرض الوحيد ناتجاً عن شروط حصرية تضمنها دفتر الشروط الخاص بمشروع الشراء. ثانياً: أن تكون الحاجة أساسية وملحّة، والسعر منسجماً مع دراسة القيمة التقديرية. وثالثاً: أن يتضمن نشر قرار الجهة الشارية بقبول العرض الفائز «التلزيم المؤقت» نصاً صريحاً بتقدم العارض الوحيد المقبول ونيّة التعاقد معه». وفي وقت رأت الهيئة أن الجهة الشارية إلتزمت بالشرط الثالث، فإنها لم تجد ما يثبت توفر الشرطين الأول والثاني لقبول العرض الوحيد. هذا في وقت ذكّر تقرير هيئة الشراء العام التقني بما اعتبرته أساسياً من ناحية إعطاء العارضين المهلة الكافية لتحضير عروضهم، بالنظر إلى موضوع وحجم الصفقة.
مصدر في هيئة الشراء العام ذكر لـ»نداء الوطن» أن رئيس الهيئة سيعود إلى هذه التقارير الصادرة عنها في جلسة مجلس الوزراء اليوم للتذكير بمضمونها، مع تقديم إيضاحات إضافية في حال طُلب منه ذلك. وأكد أنّ رئيس الهيئة سيشرح مسار الأمور كما حصلت بناء للتقارير التي صدرت، والتي أرسلت نسخاً عنها إلى وزير الإتصالات. وتمنت مصادر متابعة في المقابل لو أن وزير الإتصالات قبِل بنتائج هذا المسار القانوني بعد صدور قرار ديوان المحاسبة الأخير، وبالتالي توقف عن محاولاته لتمرير الصفقة، والتي رأت المصادر أنّها «أصبحت تأخذ طابعاً من الشخصنة من جانبه».