كتبت لوسي بارسخيان في نداء الوطن،
إذا كان البقاع قد اعتبر منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري قبل 19 عاماً، الخزّان الشعبي لـ»تيار المستقبل»، فعلى قواعده السنّية يعوّل التيار اليوم، لاستعادة مشهد الحشود التي ملأت الساحات إثر استشهاده.
كشف الجهد المبذول على صعيد كافة منسّقيات البقاع منذ بداية شهر شباط، أنّ التيار يتعامل مع حجم المشاركة في ذكرى 14 شباط اليوم كـ»استحقاق» رئيسي. وعليه، فإنه قد عمل على توفير كافة متطلبات هذا الحشد اللوجستية والمالية، بموازاة الحملات التي أطلقها على الطرقات، وعبر مكبّرات الصوت، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية المؤيّدة، وصفحات القرى البقاعية السنّية. ومن هنا، يتوقّع المنظّمون في صفوف التيار أن تترجم هذه الجهود اليوم تقاطراً للسيارات ووسائل النقل المشترك من البقاع الى بيروت.
يعوّل «المستقبل» من مجمل الحراك الذي رافق تحضيراته بالمقابل، على ما يحفظه شارع البقاع من عاطفة كبيرة للرئيس رفيق الحريري أوّلاً، بالإضافة الى الفراغ الذي خلّفه غياب الرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي. ومن هنا، حاول تحرّك المنسّقيات لحشد الجماهير، أن يوصل رسالة الى مناصري التيار أيضاً بأن العودة عن «الاعتكاف السياسي» ممكنة، وإنما القواعد الشعبية شريكة في هذا القرار، فكان شعارها «تعوا ننزل ليرجع».
أما المرتقب وفقاً لمصادر مواكبة، فهو إخراج الشارع السنّي من الصدمة التي عاشها منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة إثر ثورة تشرين التي اندلعت في العام 2019، والبدء بعلاج الإحباط الذي تسبّب فيه قرار الحريري بالابتعاد عن المشهد السياسي والاعتكاف عن المشاركة في الانتخابات النيابية الأخيرة.
وكانت هذه الصدمة وحالة الإحباط التي أعقبتها قد فتحتا ثغرات داخل البيئة السنّية البقاعية، حاولت «قوى الممانعة» من خلالها أن تتسلّل الى بعض المجتمعات، وخصوصاً خلال المرحلة الأولى للحرب الدائرة في غزة، حيث رصدت محاولات لتجنيد أشخاص إضافيين في صفوف «سرايا المقاومة»، إلا أنها لم تجد لها الأرض الخصبة كما كانت تتوقّع.
فالشارع السني البقاعي لا يزال، بأغلبيته، يضع ورقته في بيت الوسط. ولكن عتب جزء كبير منه على «المستقبل» ورئيسه، يجعله لا يبدي حماساً كبيراً لاستحقاقاته. وعليه، يرى بعض المصادر أن حجم المشاركة في ذكرى 14 شباط اليوم، قد لا يشكّل مؤشراً دقيقاً لواقع «تيار المستقبل» السياسي في الشارع البقاعي، وخصوصاً أن جمهور «المستقبل» غير واثق من عودة رئيسه، وثمة أسئلة تعزّز ترددّه بالمشاركة بالذكرى، وأبرزها «ماذا بعد 14 شباط؟ وهل اقترب سعد الحريري فعلاً من تعليق اعتكافه السياسي؟».