كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
هناك من يسأل عن سرّ الاهتمام الذي توليه قيادة الجيش للبقاع الشمالي، وشبكة الطرقات الواسعة التي شقّت وعبّدت في السلسلة الشرقية وصولاً الى الهرمل، وقد وضعها قائد الجيش العماد جوزاف عون في خانة إنماء المنطقة المحرومة منذ سنوات، فيما يرى البعض أنّ الشمال اللبناني في حاجة أيضاً الى مثل هذه المشاريع، لأنّ الجيش موجود فيه بكثرة، كما البقاع، لضبط الحدود.
وكان لافتاً الحضور في البقاع الشمالي الأسبوع الماضي لافتتاح سلسلة طرقات من رأس بعلبك إلى الهرمل، وصولاً إلى دير مار مارون عند نهر العاصي، فقد حضر إلى جانب قائد الجيش، البطريرك الماروني بشارة الراعي والوزيرة السابقة ليلى الصلح وشخصيات أخرى. فالإنماء الذي تشهده المنطقة في عهد قيادة الجيش هو الأول من نوعه، وإن كان طابعه عسكرياً لوصل المراكز بعضها ببعض، وهي المولجة حماية الحدود ومراقبتها بدعم بريطاني، لكنها تساعد أيضاً على وصول المزارعين إلى أراضيهم، كذلك تفتح باب السياحة الدينية إلى منطقة العاصي، مركز انطلاقة المارونية للتبشير في كل لبنان.
استقبالات شعبية ولافتات ترحيب بالضيوف انتشرت في القاع ورأس بعلبك، وهي المرة الأولى التي يزور فيها الراعي المنطقة، ومنها أراد الانفتاح على العشائر والعائلات، والتأكيد على الوجود المسيحي فيها ودعوة الناس إلى الثبات في أرضهم، والأهمّ هو رعاية مصالحة بين الكنيسة والعشائر، خصوصاً أنّ خلافات على أراضٍ لا تزال عالقة وتحتاج إلى حلول، الأمر الذي يمكن الوصول إليه بتنسيق بين البطريركية وقيادة الجيش التي مع توسيع شبكة الطرقات خلال سنتين، تعبّد علاقاتها بالعشائر أكثر.
وفيما يسأل البعض عن سرّ انفتاح القيادة على العشائر، تقول مصادر متابعة «إنّ هذه العلاقة الجديدة أثمرت تنسيقاً وحقناً للدماء بين الجيش والعشائر، خصوصاً خلال المداهمات وتوقيف مطلوبين، والشواهد سابقاً كثيرة، كذلك ساعدت على كشف خيوط خطف باسكال سليمان».
وتتابع المصادر: «اللافت أيضاً هو مقاطعة بعض الأحزاب الزيارة، خصوصاً «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ»، ورغم دعوة البلديات في المنطقة التي تمثل «الحزب»، لكنها لم تلبّ الدعوة، ناهيك بغياب «التيار البرتقالي» الذي كانت لنائبه في المنطقة خلال الفترة السابقة جولات من الهجوم على قيادة الجيش واتهامها بالفساد في ما يخصّ تلك الطرقات، لكن مناخ البلدات المسيحية في المنطقة مغاير، حيث كانت لافتات شكر لرجل الأعمال حسان بشراوي الذي جمع كل تلك الشخصيات في منطقة تعدّ محرومة وتحتاج إلى مثل هذه المشاريع والزيارات، وعدم حماسة «الحزب» للقاء يأتي في جانبٍ منه تضامناً مع العونيين، وفي جانب آخر لعلاقته بقائد الجيش والحسابات الرئاسية».
بدوره، قال رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ»نداء الوطن»: «إنّ ما عجزت عن تحقيقه حكومات متعاقبة ووزارات حقّقته قيادة الجيش عبر شبكة طرقات لوصل المراكز العسكرية، كذلك خدمت السياحة والزراعة والأمن في المنطقة وهي محل تقدير الأهالي. أما زيارة البطريرك فذات بعد تاريخي وأصبحت محطة تاريخية، وأهالي القاع استقبلوا الجميع بالدبكة ونثر الأرز وبكل حفاوة ومحبة تخطّوا فيها البروتوكول، تقديراً لتلك الزيارة… ونحن ننظر إلى الزيارة من منطلقها الوطني، وننتظر أن نصل إلى رفع التعدّيات ووصول المياه إلى القاع من اللبوة، وتثبيت الناس في أرضهم».