بقلم كارلا سماحة،
لم تسلم قلعة بعلبك الأثرية، التي تقع شرقي لبنان، من الهجمات الإسرائيلية العنيفة في البلاد، والتي أدت إلى سقوط آلاف الضحايا وتدمير مئات المباني والبنى التحتية، وصولاً إلى استهداف المواقع الأثرية التي تشكّل رمز لبنان وتاريخه وحضارته.
وأدت الغارات الإسرائيلية في محيط قلعة بعلبك إلى إصابة المعلم التاريخي بأضرار جزئية، وهو الذي يعود تاريخه إلى العصور الرومانية، خصوصاً تلك التي أدت إلى تدمير مبنى المنشية الأثريّ في السادس من تشرين الأول (أكتوبر)، والذي يعود إلى الحقبة العثمانية، ويقع بمحاذاة القلعة المدرجة على قائمة اليونسكو منذ العام 1984.
وبسبب مواصلة الهجمات الإسرائيلية على بعلبك، يتخوّف السكان من حصول خسائر إضافية في المواقع الأثرية والتاريخية، التي تشكّل رمز المدينة وأساس السياحة فيها.
في السياق، أكد رئيس جمعية safe side، حسين ياغي، أن “الغارات التي طالت محيط قلعة بعلبك تُشكل خسارة كبيرة للمدينة، خصوصاً أن القلعة هي روحنا، وتعنينا، ليس فقط لأنني مواطن من بعلبك بل لأنني مواطن لبناني، والقلعة هي جزء من تاريخنا وحضارتنا ومستقبلنا وثقافتنا”.
وأضاف لـ”النهار” أن “القلعة تعرضت ثلاث مرات لغارات في محيطها، وكانت الغارة الأقوى على مبنى المنشية، وأدّت إلى حصول أضرار كبيرة في القلعة؛ يظهر ذلك على الحجارة التي يغطّيها الرماد والتي تحرق القلب”.
وناشد ياغي “المجتمع الدولي تأمين حماية كاملة للقلعة التي هي للعالم بأكمله، وليس فقط للبنان”، آملاً أن “تنتهي الحرب بأسرع وقت ممكن كي تعود بعلبك إلى الحياة التي تليق بها”.
وقد أدّت الغارات المكثفة على بعلبك إلى دمار كبير ونزوح آلاف الأشخاص وإقفال كل المواقع الأثرية، فخيّم الموت على هذه المدينة، التي كانت تنبض حياةً قبل الحرب، بجمالها وحسن ضيافتها، فيما الخشية مستمرة من مواصلة العمليات العسكرية.
“أضرار مباشرة وغير مباشرة”
يلفت محافظ بعلبك-الهرمل، بشير خضر، إلى أن “الأضرار في قلعة بعلبك لا يُمكن إحصاؤها بعد، فعندما تنتهي الأعمال الحربية يمكن حينها الكشف عن الآثار الفعلية للأضرار المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن الارتجاجات التي تؤثر سلباً على الأحجار الكريمة والهياكل الهشة، إضافة الى الدخان الأسود المنبعث من الانفجارات”.
وشرح خضر لـ”النهار” بأن “السبب وراء إقفال الطريق المحاذية للقلعة منذ سنوات عدة هو الحفاظ على القلعة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكاربون من السيارات على المدى الطويل، فكيف الحال بالنسبة إلى هذه الغارات العنيفة”.
وتمنى خضر أن تتوقف الحرب منعاً لمزيد من الخسائر البشرية والمادية والتاريخية. وقال إن “القلعة هي رمز لبنان، فورقة الليرة اللبنانية عليها قلعة بعلبك، وعندما يريد السائح أو أي شخص زيارة لبنان، فإن أوّل ما يراه على الكتيّب السياحي هو القلعة التي هي إرثنا الثقافي، والتي تمثل جزءاً من تاريخنا وفخرنا؛ وكلّ ضرر يلحق بموقع أثري من هذا النوع يمسّ أيضاً الثقافة والإنسانية”.
وخوفاً من نسف المعالم الأثرية في لبنان، وجّهت الحكومة اللبنانية نداء إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لردع إسرائيل عن تنفيذ تهديداتها بالقرب من المواقع الأثرية، فدعت على إثرها الأمم المتحدة إلى حماية مواقع التراث الثقافي في لبنان بعد الإنذارات الإسرائيلية بقصف مدينة بعلبك.
وأدرجت اليونسكو 34 موقعاً تاريخياً فى لبنان على قائمة الحماية المعززة ضد الهجمات، قائلة إن “عدم الامتثال لهذه البنود من شأنه أن يشكل انتهاكات خطيرة لاتفاقية لاهاي لعام 1954، ويشكل أسباباً محتملة للملاحقة القضائية”.
ولكن السؤال اليوم، هل ستمتثل إسرائيل لهذه النداءات الدولية بعد خرقها كل المعايير الدولية والإنسانية؟
عن قلعة بعلبك… التاريخية!
تقع قلعة بعلبك في محافظة بعلبك-الهرمل، على بعد قرابة 80 كيلومتراً إلى الشرق من العاصمة بيروت. وسُمّيت بمدينة الشمس نظراً إلى أنها كانت تتضمن بعض المعابد لإله الشمس. وفي قلعة بعلبك يمكن التنقل بين:
– أهرام تاريخية، منها الهرم الأكبر، الذي أمر ببنائه الفرعون خوفو. ويتميز هذا الهرم بشكله وحجمه، وهو الوحيد الذي لا يزال متبقياً من عجائب الدنيا السبع القديمة.
حدائق بابل المعلقة التي تنسب إلى الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني.
– معبد أرتميس في إفيسس، الذي كان في داخل الأراضي التركية، وهو مخصص للإله الذي يحمل اسم المعبد.
– ضريح موسولوس.
– تمثال رودس وهو أعلى تمثال في العالم القديم.
– منارة الإسكندرية.
– تمثال زيوس في أوليمبيا، الذي قام النحات اليوناني فيدياس بنحته عام 435 قبل الميلاد.
– معابد جوبيتر، باخوس، وفينوس المستدير.
– 6 أعمدة تاريخية.