تستمرّ الجوائز العالميّة للرواية بابتداع محطّاتٍ مجزية لصناعة الرواية ونجومها، بالرغم من تراجع نِسَب القراءة وصعوبات الطباعة. تمنح هذه الجوائز صدقيّة وتقديراً عالميّين للروائيين الفائزين، فينتقلون بفضلها إلى دنيا الآداب العالميّة الفسيحة، ويسارع القرّاء المتابعون إلى اقتناء كتبهم، والمختصّون إلى نشر مقالاتهم النقديّة حول الرواية الفائزة وكاتبها وموازين التحكيم، سواء في ذلك الثابت منها والمتحوّل.
وتستمرّ جوائز الرواية العربيّة بتخصيب الإشعاع الثقافيّ والتّعبير الحرّ في منطقة الحروب والنزاعات والدكتاتوريّات، حيث ساهمت بتردّد أصداء الكتّاب الفائزين خارج رقعة المنطقة العربيّة، لقاء مكافأة ماديّة جيّدة قد تعوّض التناقص المطّرد في مردود النتاجات الأدبيّة.
2021: سنة الروائيين الأفارقة
اتّسمت السنة 2021 بفوز روائيين أفارقة بالعدد الأهمّ من جوائز الرواية الكبرى، نذكر منها “نوبل”، و”بوكر” و”غونكور”، وتتّصل مسوّغاتها عموماً بالتقدير المتنامي للأدب الأفريقي من النواحي التقنيّة والجماليّة، فضلاً عن مواكبته للقضايا المعاصرة التي تتفرّع من المعاناة الإنسانية على اختلاف تجلّياتها، وتبقى واحدة عبر الأزمنة، كالتمييز العرقي، والحروب، واللجوء، والهوية، والتفاعلات مع النظام العالمي.
في سياق متّصل، وَجَد كزافييه غارنييه، أستاذ الآداب الأفريقية في جامعة “السوربون الجديدة”، والناطق بالفرنسيّة والسواحليّة، في حديث لوكالة “فرانس برس”، “نهضةً في اهتمام عالم الأدب الأوروبيّ حيال أفريقيا”، ووصف “هذه الدفعة الواحدة” من الجوائز الأدبية الأوروبيّة بأنها “مذهلة”، فحضور الكتّاب الأفارقة في سجلّ الجوائز الدولية ضعيف تاريخياً إلى اليوم.
من جانب آخر، ارتفعت أصوات ناقدة لمعايير اختيار الرّوايات الفائزة، فسجّلت تحفّظاً على ما بدا “انحيازاً إيجابياً” للأفارقة، وربطَ بعضٌ آخر الانحياز بأهداف سياسيّة و”نيو-استعمارية”، تُحاول – بوساطتها – الدول الكبرى حجز مكانتها الثقافيّة أو استعادتها في القارة السمراء، فيما اعتبرت آراء أخرى أنّ الروايات تستوفي المعيار الموضوعيّ، شريطة ألّا يطغى عليها التصوّر الاجتماعي والسياسي الذي يحتفظ بمجالاته وروّاده، وبجوائزه في المقالة والأبحاث والمؤلّفات العلميّة.
وأيّاً تكن الخلفيّات، يبقى الثابت الوحيد ألا حقيقة ثابتة لجماليّة وجودة النّص الأدبي، ولن يجتمع عليها كلّ النقاد، مهما تقاربت خلفيّاتهم! ويبقى هذا الجدل مؤشّراً صحيّاً على غنى وتعدّدية الحقل الأدبي وتحرّك رماله الزمانيّة والمكانيّة. ويبقى أخيراً للقارىء المتلقّي كلمة قيّمة، فهو المخاطَب الأوّل، وحائك السّمعة الأدبية للروائيّ في المجالس، وعلى منصّات التواصل الاجتماعي.
ومع الأعياد، نستعرض للقراء أهمّ الكتب الحائزة على الجوائز الأدبية في السنة 2021، فيستفيد من حصادنا، سواء أكان مرجعاً لكتبٍ جدليّة لم يقرأها بعد، أم يرغب في إهدائها لمن يحبّ.
1-جائزة “نوبل للآداب”
فاز الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح (مواليد 1948) بجائزة “نوبل للآداب” بقيمة 1.14 مليون دولار أميركي. ولجنة التحكيم كانت أوضحت أن المؤلّف، الذي تشكّل رواية “الجنة” (Paradis) أشهر مؤلّفاته، تميّز بسرد للأحداث “يخلو من أيّ مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”، وهو يبتعد في مؤلفاته عن “الأوصاف النمطيّة”، ويفتح عيون القراء “على شرق أفريقيا المتنوّع ثقافيّاً، وغير المعروف جيّداً في أجزاء كثيرة من العالم”.
وكانت “النهار” سألته خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب إن كانت الأكاديمية السويدية أرادت “بمنح قرنح الجائزة تبييض صفحتها بعدما طاش سهمها خلال عقود بين اتهامات بالتحيّز والعنصريّة؟”.
“لست أدري”، يُجيب “النهار”، “أجهل السبب”.
وكان الروائي قد قال في مقابلة تعود إلى العام 2016 “أريد بكلّ بساطة أن أكتب بطريقة تكون أقرب ما يكون إلى الحقيقة، وأن أقول ما فيه نُبل”.
يُمكن القول إنّ رواية “الاستعمار” ومسائلها المتفرّعة أعيد لها مجدها مع قرنح، فجروحها الغائرة تأخّر شفاؤها بفعل الهجرة نحو بلاد المستعمر القديم، وما سيواجهه المهاجر الأسمر من تصادمات الهوية واللغة والدين بين عالمين مختلفين وعالقين في رواسب الاستعمار.
2-جائزة “بوكر” العالمية
وكانت جائزة بوكر الأدبية البريطانية من نصيب الروائي والمؤلّف المسرحي الجنوب أفريقي ديمون غالغوت عن روايته “الوعد” (بالإنكليزية: The Promise)، التي تروي قصة عائلة من المزارعين البيض بعد انتهاء نظام الفصل العنصريّ في جنوب أفريقيا.
وبعد نيله المكافأة الأدبية العريقة، قال المؤلّف الذي كتب روايته الأولى، وكان يبلغ من العمر 17 عاماً: “لقد استلزم الوصول إلى هنا وقتاً طويلاً، والآن بعد أن حقّقت ذلك، أشعر بأنّني يجب ألا أكون هنا”.
وأوضح الكاتب الجنوب أفريقي لوكالة “فرانس برس” أنّه أراد أن تظهر الرواية التي نالت استحسان النقّاد كيفيّة تأثير “مرور الوقت” على أسرةٍ وبلدٍ وسياسةٍ و”مفاهيم العدالة”.
وتدور أحداث الرواية في الفترة الممتدّة بين نهاية نظام الفصل العنصريّ ورئاسة جاكوب زوما، وهي تُصوّر انسلاخ أسرة بيضاء تدريجياً من بريتوريا مع تقدّم البلاد في مسار الديموقراطيّة.
وقد وصفت صحيفة “نيويوركر” روايتَه بأنّها “لافتة”، فيما اعتبرت صحيفة “صنداي تايمز” الصادرة في جنوب أفريقيا أن “من المفاجئ رؤية مقدار التاريخ الذي نجح غالغت في وضعه في هذه الرواية القصيرة”.
وتكافئ جائزة بوكر سنوياً منذ إطلاقها في العام 1969 صاحب “أفضل رواية مكتوبة بالإنكليزية”. وينال الفائز مكافأة مالية قدرها 50 ألف جنيه استرليني (68 ألف دولار) مع فتح أبواب الشهرة العالمية.
3-جائزة “غونكور” الفرنسية للآداب
حاز السنغالي “محمد مبوغار سار” على جائزة غونكور، وهي أبرز المكافآت الأدبيّة الفرنسيّة، عن روايته “ذاكرة البشر الأكثر سرّية “(La plus secrète mémoire des hommes).
وحاز مبوغار سار على هذه الجائزة عن كتابه الرابع الصّادر هذا العام عن دار “فيليب راي” للنشر، ويروي قصة كاتب سنغاليّ سيّء الطالع مستوحاة من سيرة الكاتب المالي يامبو أولوغيم (1940-2017) الحائز على جائزة رونودو في العام 1968.
ووفقاً لجريدة لوفيغارو الفرنسية، فإن الكاتب السنغاليّ البالغ من العمر 31 عاماً، والمفضّل لدى النّقاد “لاختياره موضوعات رائعة ومختلفة ومغايرة للثقافة الأوروبية، يقف مع القارئ في منتصف الطريق بين البحث والتفكير والتأمل في مهنة الكاتب، حيث يُعيد (سار) إلى الحياة ديجان، وهو كاتب سنغاليّ يروي القصّة ويشبهه بشكل غريب”.
وتبدأ الأحداث عندما يذهب ديجان إلى باريس للعثور على أثر “تي سي إليمان”، وهو مؤلف أسطوريّ، نشر كتبه في ثلاثينيّات القرن العشرين. وتتنقّل الرواية بين السنغال وفرنسا، وكذلك الأرجنتين، من أجل كشف أسرار هذا الرجل.
4-جائزة “رينودو” الأدبية
مُنحت جائزة “ورينودو”، التي يُكشف عن الرابح بها في المكان عينه بعيد الإعلان عن الفائز بجائزة “غونكور”، إلى الكاتبة البلجيكية الشهيرة أميلي نوتومب عن كتابها “الدم الأول” (Premier Sang) المهدى إلى والدها، الذي توفي في العام 2020. وقالت نوتومب في مطعم “دروان” في باريس إثر إعلان فوزها “أرغب حقاً في القول: أبي، لقد حصلنا على الجائزة”.
يُشير عنوان رواية “الدم الأول” إلى رابطة الدم التي لا يُمكن الانعتاق منها، والتي تُجبرنا دائماً على سبر أغوار ذواتنا أولاً، ثم في ذوات آبائنا وأمّهاتنا كي نعرفهم أكثر ونعرف ما تركوا فينا. وتنضمّ هذه الرواية إلى كتابات السيرة الذاتيّة في سجلّ نوتومب الإبداعي، إذ كشفت عن جوانب من حياتها الشخصية في عدّة روايات أشهرها “بيوغرافيا الجوع” و”ذهول ورهبة”.
5-جائزة “بوكر” للرواية العربية
فازت رواية “دفاتر الوراق” للأردنيّ جلال برجس بالجائزة العالمية للرواية العربية “بوكر” في دورتها للعام 2021. وهي برأي رئيس لجنة التحكيم، الشاعر اللبناني شوقي بزيع، تتميّز بقدرة الكاتب على تقديم “أشدّ البورتريهات قتامة عن عالم التشرّد والفقر وفقدان المعنى واقتلاع الأمل من جذوره، بما يحوّل الحياة إلى أرخبيل من الكوابيس”.
وتترافق هذه الجائزة مع مكافأة نقديّة قدرها 50 ألف دولار للفائز وتمويل لترجمة الرواية إلى اللّغة الإنكليزية.
وتقع أحداث “دفاتر الوراق” في الأردن وموسكو خلال الفترة ما بين 1947 و2019، وتروي قصة إبراهيم، بائع الكتب والقارئ النّهم، الذي يفقد كشكه ويُصبح أسيراً لحياة التشرّد.
وبعد إصابته بالفصام، يستدعي إبراهيم أبطال الروايات التي كان يحبّها ليتخفّى وراء أقنعتهم، وهو ينفّذ سلسلة من عمليّات السّطو والسّرقة والقتل، ويحاول الانتحار قبل أن يلتقي بالمرأة التي تغيّر مصيره.
احتفت جائزة كتارا للرواية العربية في العام 2021 افتراضياً بدورتها السابعة، تحت إشراف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، ففاز في فئة الروايات العربية المنشورة كلّ من الحبيب السّالمي (تونس) عن روايته “الاشتياق إلى الجارة”، أحمد القرملاوي (مصر) عن روايته “ورثة آل الشيخ”، فجر يعقوب (فلسطين) عن روايته “ساعات الكسل – يوميات اللجوء”، أيمن رجب طاهر (مصر) عن روايته “الهجّانة”، نادر منهل حاج عمر (فلسطين) عن روايته “مدن الضجر”. وتبلغ قيمة كلّ جائزة 60 ألف دولار أميركيّ، إضافة إلى ترجمة الروايات الفائزة إلى اللّغة الإنكليزية.
6-رواية “الاشتياق الى الجارة”
الرواية الصادرة عن دار الآداب 2020 تتمحور بشكل أساسيّ حول قصص المهاجرين، الذين أُجبروا على ترك أوطانهم، بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فاختبروا قساوة الغربة الممزوجة بالشوق الذي يأخذهم بصورة يوميّة إلى بلدانهم الأم، فيعثرون في كلّ فردٍ ينتمي إلى موطنهم الأصليّ على جذور الحنين وطعمه.
ويُحاك النموذج الاجتماعيّ الأهمّ حول أستاذ جامعيّ في السّتين من عمره، يعيش في فرنسا، وهو في الأصل مهاجر تونسيّ، تربطه صداقة بجارته التونسيّة التي تعمل خادمة في البيوت. تتناقض الشخصيّتان في كلّ الجوانب، ولا يجمع بينهما سوى الانتماء إلى وطن واحد. العلاقة حافلة بالشّغف وحبّ الحياة، وفي ذات الوقت، تسري فيها التراجيديا والغرائبية.
7-رواية “ورثة آل الشيخ”
يرسم الكاتب أحمد القرملاوي في “ورثة آل الشيخ” سرديّة صورة شاعريّة وشفّافة حول العائلة المذكورة، في زمنٍ ما بين الحرب العالمية وحتى نهاية الفترة الناصرية. وتتفعل البنية السّردية في عودة إلى الماضي بالتوازي مع حكاية الراوي التي تتطوّر في الزمن الحاضر.
والحبكة الرئيسة تقضي بالبحث عن كنزٍ مفقود لهذه العائلة المنتشرة، فيحاول الحفيد-الراوي اكتناه طرف الخيط ليحصل على الكنز، سعياً لكتابة رواية عائلته من ناحية أخرى، فيجعلنا نخوض معه في المغامرة وتفاصيلها: “لا أعرف شيئاً يربطني بهذا العالم الممسوخ، إلا حاجتي للكتابة عنه.. هل ثمة رابط آخر لا أدركه؟ يمكن، ولا سبيل أمامي لاكتشافه غير الكتابة”.
8-رواية “ساعات الكسل-يوميات اللجوء”
تدور رَحى هذا الكتاب في المجالين الوثائقي – الروائي، وينفذ إلى إشكاليّة معاصرة، تختبرها شعوب هاربة من الحرب والفقر في القوارب المطاطيّة التي باتت تسمّى “قوارب الموت”.
تواكب الرواية رحلات هذه القوارب التي أبحرت من شواطئ تركيا إلى أرخبيلات اليونان السنة 2015.
وخلال رحلة المؤلّف الشخصية، يحاول الأخير إعادة كتابة التاريخ، متجاوزاً الأسطورة التي جرى تناقلها حول إله البحر “فوسيدون”، الذي يَصبّ لعنته على الإنسان الأرضيّ “أوديسيوس”، ويحكم عليه بالفناء المائيّ، ويأسره في الماء إلى الأبد.
كتاب عن رحلة مرعبة في صور سينمائيّة، تواكبها لغة أدبيّة تكره القيود، بعكس شخصيات الكتاب المُكرهين عليها.
9-رواية “الهجّانة”
تنبثق “الهجّانة” من سياق تاريخيّ مغمور في مصر، تتشارك شخوصه العسكرية، من فرق العمّال و”الهجّانة”، الدفاعَ عن فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى تحت لواء الحلفاء بريطانيا وفرنسا وروسيا، ضدّ المحور الثاني الذي يضمّ ألمانيا والنمسا وإيطاليا.
تتوالى في الفضاء الروائيّ مشاهد ترحيل العمّال والكادحين من “بورسعيد” مرغمين على ترك قراهم. ومع ظهور الهجّانة، نخوض مع غلاب النّجار وابنته منصورة رحلة درامية. نشهد على فقدان البنت التدريجيّ لهويتها، منذ لجأ والدها إلى حمايتها، فطمس معالم أنوثتها بالتنكّر، وجعلها ترتدي ملابس الرجال، ويُناديها “منصور” بدلاً من “منصورة”.
ونواكب في خضم الرحلة التحاماً تدريجيّاً بين فرقة العمال، يشتدّ وثاقه من أجل استخدامه لمواجهة الخطر الداهم.4
10-رواية “مدن الضجر”
حلمَ عبد الحليم بالسّفر دائمًا خارج غزة، يقول لخالد: “انظر ماذا يجري في الخارج!”، يردّ خالد: “… أنا مثل السمك، إذا خرجت من غزّة سأموت!”. يبدأ سفره إلى دمشق لتحقيق حلم والده بدراسة الهندسة. امتلأ بالحلم فرحًا بحرية طارئة، قبل أن تتبدّد سريعًا أوهامه، ويبدأ الفشل والخيبات. في أوج انسجامه يفقد عبد الحليم أصدقاءه الثلاثة دفعة واحدة، حياة حبّ العمر، وجابر الصديق الذي لا يتكرّر، ورُقيَّة المرأة الطاهرة التي أحبّها جابر، فـ”من يجرؤ على البحث في حقول ألغام بلا خرائط؟ البحث عن ثلاثة أصدقاء كانوا عالمي الذي أحبّ، اختفوا دفعة واحدة، رُقيّة كانت أقلّ اختفاء، وأكثر ما يشعرني بقزامتي وعجزي، أثار اختفاء جابر حيرتي، لم يتّصل كما وعدني، جابر لا يخلف وعوده”.
النّصّ مقتطف من رواية “مدن الضجر”، التي تصطحبنا من خلال الكاتب منهل حاج عمر اللاجئ إلى مخيم اليرموك، ونعرج خلالها في عوالم ولمحات من السيرة الذاتية. الرحلة تبدأ من غزة ثمّ تتطوّر أحداثها في سوريا.
تلتحم مساراتها بين ذكريات الوطن والحبّ، وثنائية الفقد والغياب/ الحضور، والعذاب مع بعض التفاصيل الظافرة، كأنّها تروي تاريخ الموطن العربي بجلجلاته غير المنتهية.
11-جائزة الشيخ زايد للكتاب
من خلال كتابها “في أثر عنايات الزيات”، عمدت الشاعرة والكاتبة والأكاديمية المصرية إيمان مرسال إلى تتبّع سيرة عنايات الزيات، الكاتبة المصرية الشابة التي رحلت في ستينيّات القرن الماضي، في ظروف مأساوية، تاركة رواية يتيمة هي “الحب والصمت”.
يتمايز مؤلَّف الزيات بكونه عملاً عابراً للأنواع، يولّف بين السّرد الروائي وأنماط البحث العلمي والصحافة الاستقصائية. ويوازي الكتاب بين السيرة الغيريّة والذاتيّة، في سياق نقديّ وقّاد، يُعيد قراءة تجربة الزيات النسويّة، ويُعيد روايتها في ضوء مراجعة اجتماعية متمعّنة، تأتي متعتها في بنية سرديّة متماسكة.
إشارة إلى أنّ مرسال التي تعمل اليوم على كتاب بعنوان “اللكنة: الصوت في غير مكانه”، تُرجمت مختارات من أعمالها إلى أكثر من عشرين لغة، وصدر لها خمس مجموعات شعريّة، آخرها “حتّى أتخلّى عن فكرة البيوت” في العام 2013، بالإضافة إلى كتاب “كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها” (2017). ويُعدّ كتابها “ممرّ معتم يصلح في تعلّم الرقص” واحداً من أهمّ الكتب الشعرية الصادرة عن جيل التسعينيّات في الشعر العربي.
12-جائزة الأدب العربي
فازت الروائية العُمانية جوخة الحارثي بجائزة الأدب العربي 2021، التي يمنحها “معهد العالم العربي في باريس” ومؤسّسة “جان لوك لاغاردير”، وذلك عن الترجمة الفرنسية لروايتها “سيدات القمر“(Les Corps Célestes) الصادرة عن دار “ستيفان مارسان”، وعن “دار الآداب” في نسختها الأصلية.
وقالت الحارثي: “يُسعدني أن تُسهم روايتي في التعريف بالأدب العربي، خاصّة العُماني باللغة الفرنسية”، مضيفة “آمل أن يشجّع ذلك القراء، سواء أكانوا على دراية بالكتّاب العُمانيين والعرب أم لا، على الغوص في عالم الأدب العربي الآسر والفاتن”.
تنقلنا جوخة الحارثي في “سيدات القمر” إلى جوف المجتمع العمانيّ وعاداته وطقوسه، من خلال شخصيّات تعكس أبعاداً واقعيّة ورمزيّة، تتفاعل مع أحداث هي كناية عن مواجهة بين عناصر تصبو إلى تغيير التقاليد والموروثات، وأخرى تعيق تحوّلات يفرضها تطوّر الزمن وقاعدة عدم الثبات.
وأشادت لجنة التحكيم برواية “سيدات القمر” باعتبارها “آسرة وشاعرية، تسمح باكتشاف مجتمع عُماني في تغيّر كامل، كما تُلقي الضّوء على الظروف المعيشيّة والتغيّرات السوسيولوجية وتغيّرات القيم وتطلّعات شعبها”.
ووفق بيان اللجنة، فـ”بالرغم من أن هذا الكتاب يتمحور ويركّز على الواقع العُماني، فإنه يتحدّث عن البشرية جمعاء ويخاطب الكون”. وأشادت اللجنة بالجودة الأدبيّة لترجمة خالد عثمان، الذي “تمكّن ببراعة من نقل روح العمل”.
يُذكر أن جوخة الحارثي (43 سنة) هي أوّل عُمانية تُترجم روايتها إلى الإنكليزية، وأوّل كاتبة عربية تفوز بجائزة “مان بوكر العالمية” في العام 2019.
13- جائزة نجيب محفوظ
كانت جائزة نجيب محفوظ للأدب للعام 2021 من نصيب الروائي الجزائري أحمد طيباوي.
حصل طيباوي (مواليد 1980) على الجائزة عن رواية “اختفاء السيد لا أحد” الصادرة في العام 2019 عن منشورات “ضفاف”.
وحسب “رويترز”، قالت لجنة التحكيم في مسوّغات منح الجائزة: “في هذه الرواية المقنعة والمصاغة بشكل متقن، يلعب طيباوي بشاعرية الأدب السوداوي، ليقدّم نقداً قاتماً ومثيراً للدهشة للدولة العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار وأساطيره”.
وأضافت: “الرواية أحداثها شديدة الوطأة، وتتعرّض الشخصيّة الرئيسية فيها للكثير من الأزمات الوجودية والحياتية. وبالرغم من ظلمة الرواية، فإن لغتها السّاخرة المحكمة الموجزة والشاعرية في الوقت ذاته، والبناء الفني المحبوك، الذي استمدّ من الحبكة البوليسيّة تشويقه، يشدّ القارئ ليقرأها حتى النهاية، ليجد أن الشخصيات تكاد تكون كلّها: السيد لا أحد”.
وتأسّست جائزة نجيب محفوظ للأدب في العام 1996، وتُقدّم لأفضل رواية معاصرة باللغة العربية جرى نشرها في عامين. وتقوم دار نشر الجامعة الأميركيّة في القاهرة بترجمة الرواية الفائزة إلى الإنكليزية.
14–جائزة الطيّب صالح للإبداع الكتابي
فاز بالمركز الأول في فرع الرواية للعام 2021 “نعيم عبد مهلّل منشد” من العراق عن روايته “أوروك هايكو الغرام على فم جلجامش”.
والرواية تنقل حلم القرى المجاورة للآثار العراقيّة في حماية ذلك الإرث التاريخيّ العظيم من طمع السارقين والجحافل المجوقلة التي تغزو العراق وتحتلّه، مستحوذة على مقدراته.
ويجسّد “جلجامش” أيقونة تلك الأرواح التي تريد صدّ الشرّ والأيادي العابثة بتلك الآثار. وفي بعدها الواقعي، تتماشى مع الصفحة التاريخية التي فتحها العراق في العام 2002 بفواتيرها المعنوية والبشرية والمادية العاجلة والآجلة.
15– جائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب
تُوّجت رواية “قيامة الحشّاشين” للكاتب التونسي الهادي التيمومي بجائزة “أفضل رواية عربية للسنة 2021” من قبل هيئة الشارقة للكتاب.
يقع الحدث الروائي حين وجدت الشخصيّة أثناء حفرها أساس بيتها قبرَ حسن الصباح “شيخ الجبل”، أو “قائد فرقة الحشاشين”. يضمّ القبر رقائق منقوشة على الجلد، تُسمى بـ”مزامير حسن الصباح، التي كان النّاس لا يُعيرونها اهتماماً.
أجواء فانتازيا تطغى في السّرد على اعتبار أنّ هذه النقوش يتكشّف عنها سحر أسود، يدفع إلى نبش القبر واستخراج هذه الرقائق التي تحتوي على تعليمات سريّة، تقضي بتأسيس دولة الصباح الأخيرة أو “دولة آخر الحشاشين” في الزمن الحاضر.
والرواية التي توّجت في تونس بجائزة “الكومار الذهبي” للعام 2021، عالجت كاريزما وقوة تأثير القائد المحلّي المتمثل بالصباح، فاندفع أتباعه بقوة عقيدتهم لبناء الدولة البديلة، مؤمنين بأنهم متمرّسون في الدين وفي معرفة بواطنهم، وأنّ الجنة بانتظارهم لأنّهم الأقرب إلى الله.