كتب عيسى يحيى،
لم ترقَ التحركات في بعلبك الهرمل التي دعا اليها اتحاد النقل البري الى مستوى يوم الغضب الموعود، وتزامنت مع ارتفاعٍ اضافي في أسعار المحروقات صباحاً، وهو السبب الرئيسي الذي من أجله نودي للإقفال.
كثيرةٌ هي الأسباب التي تستدعي أن تغضب الناس لأجلها، وتنزل الى الساحات تعبيراً عن رفضها لما آلت اليه الأوضاع الاجتماعية والإقتصادية، وتراجعت معها قدرتهم الشرائية حتى باتوا يحسبون لرغيف الخبز ألف حساب، ورغم كل الوجع والقهر وما يرافقه من توسع رقعة الفقر، لا تزال الناس تنتظر مرجعياتها السياسية لتعبر عن غضبها.
توقف المازوت الايراني
يختلف واقع البقاع الشمالي عن غيره من المناطق اللبنانية، فحاجات الناس هنا ومتطلباتها تزيد عن غيرها وخصوصاً خلال فصل الشتاء، ما يستدعي اطلاق الصرخة لتكون منطلق شرارة التحركات والاعتراضات، لتبقى المفارقة حول كيفية تدبر الناس أمورها وسكوتها عن الأوضاع المزرية، فأضعف الإيمان هو حاجة كل منزل بقاعي الى برميلٍ من المازوت كل شهر، حيث وصل ثمنه الى أربعة ملايين وثلاثمئة ألف ليرة بما يعادل ضعفي راتب الموظف، متزامناً مع توقف محطات الأمانة التابعة لـ»حزب الله» عن تسليم المازوت الايراني الذي كانت بدأت بالمرحلة الثانية منه مطلع كانون الأول على أن تستمر حتى نهاية شباط، لكن المفاجأة كانت بتوقف التسليم بقرار مركزي من دون معرفة الأسباب، وتركت الناس التي كانت تعول عليه لتوفير ما أمكن لمصيرها.
وذكرت مصادر متابعة لـ «نداء الوطن» أن توقف تسليم المازوت كان لعدة أسباب منها: تجارة معظم البقاعيين به، حيث باع الكثيرون حصصهم مقابل 500 ألف ليرة لكل برميل، وهو ما يستدعي القول بأن الهدف الذي تم لأجله استقدام المازوت ودعم العائلات خلال فصل الشتاء غير موجود وهي ليست بحاجة له طالما أنها تبيعه، أما السبب الآخر فهو رائحة الفساد التي انتشرت جراء التلاعب بالبونات والبيع من بعض القيمين والمكاتب التي أنشئت داخل البلديات.
وعلى خط الاقفال تنفيذاً ليوم الغضب الذي دعت اليه اتحادات النقل البري والاتحاد العمالي العام، بدأت التحركات في البقاع الشمالي منذ ساعات الصباح الباكر حيث قطع عدد من السائقين العموميين طريق بعلبك – حمص الدولية عند دوار بلدة دورس لجهة مدخل مدينة بعلبك الجنوبي بالفانات وإطارات السيارات بالاتجاهين، وشلوا حركة النقل، وتحول السير الى المداخل والمسارب الفرعية. وبعد ساعات من اقفال السوق التجاري في بعلبك، عادت الحركة الى طبيعتها وعاشت الناس يومها بشكل طبيعي فيما أبقي على قطع طريق دورس وسط انتشار لعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي منعاً لحصول أي اشكالات.
وتضامن مع الدعوة إلى الإضراب عمال ومستخدمو مؤسسة مياه البقاع، فتوقفوا عن العمل والتزموا دعوة رئيس النقابة حسن جعفر إلى الاقفال التام، متوجها إلى المسؤولين في بيان: «أبعدونا عن مصالحكم وانانياتكم وسياساتكم وانتماءاتكم التي تزيد من مأساتنا والضغوطات على كل المستويات، لأننا بتنا في وضع لا نحسد عليه، أقل ما يقال فيه اننا نعمل بالسخرة وكأنكم تعيدوننا الى مرحلة العبودية». كذلك التزمت المدارس الخاصة بقرار وزير التربية بالاقفال، وأقفلت بعض الدوائر الرسمية أبوابها، وتوقفت حركة الفانات عن العمل على الطرقات. وفي الهرمل قطع محتجون الطريق الرئيسي عند جسر العاصي والذي يربط المدينة بالبقاع الشمالي وبيروت، وبعد ساعات على توقف حركة السير ووسط مناشدات المواطنين، عمل عناصر الجيش اللبناني على فتح الطريق وعادت الحركة الى طبيعتها، فيما لم تسجل أي تحركات أخرى في مختلف البلدات البقاعية وعلى الطريق الدولية.
المصدر: نداء الوطن