حمل سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري إلى البقاع رسالة تفاؤل بمستقبل البلد، مؤكّداً وقوف المملكة إلى جانب الشعب بمشاريع مقبلة لمصلحته، وأنّ “السعودية مع الخط السيادي وتريد أن يعود لبنان إلى طبيعته”، وأنّها “لا تريد خصومة مع أحد، بل تريد اقتصاداً لبنانياً مزدهراً بعيداً عن المشادات”، معتبرا أنّ “المرحلة هي للبناء وهي معركة بناء الإنسان والحجر”، متفاديا جرّه للدخول في الشأن الانتخابي.
هذا الكلام لم يقله السفير على الإعلام، بل نقله عنه من التقوه في زيارته البقاعية، التي كانت لافتة في توقيتها اذ صادفت قبل موعد الانتخابات ب 4 أيام، وفي الشخصيات التي التقاها بخاري، وهما مرشحان يتنافسان على استقطاب الصوت السنّي، والمقصود رئيس لائحة “سياديون مستقلون” المرشح عن أحد المقعدين الكاثوليكيين النائب ميشال ضاهر، ومرشح الرئيس فؤاد السنيورة عن المقعد السنّي على لائحة “القوات اللبنانية” “زحلة السيادة” بلال الحشيمي، فظلت الزيارة ملتبسة الأهداف نظراً لتفاصيل مجرياتها.
وقبل الدخول في مجريات الزيارة، يجدر التوقف عند محطات سبقت الزيارة. إذ كان النائب ضاهر قد دعا يوم الجمعة في 29 نيسان الفائت، إلى مأدبة إفطار على شرف السفير البخاري، إلّا أنّ الضيف عاد واعتذر عن الحضور لارتباطه بمتابعة “الصندوق السعودي – الفرنسي لدعم الشعب اللبناني”، على ما قيل في حينها، فألغى ضاهر المأدبة.
وكان المرشح بلال الحشيمي قد أقام قبلها بيوم واحد، أي يوم الخميس 28 نيسان الفائت، مأدبة إفطار للرئيس فؤاد السنيورة في تعلبايا، ودعا إليها السفير السعودي الذي اعتذر عن تلبية الدعوة لارتباطات مسبقة. وذلك في مقابل مشاركة السفير البخاري، في 25 من الشهر عينه، بسحور في دارة رئيس اتحاد العشائر العربية في لبنان الشيخ جاسم العسكر في البقاع الغربي. وما كادت مفاعيل كل هذه التطورات تخمد، حتى جاءت زيارة البخاري اليوم، لتعود وتذكي التحليلات والتأويلات حولها.
في مجريات الزيارة
تلقى المراسلون الصحافيون، دعوة ليل أمس، من المكتب الإعلامي للنائب ضاهر، للحضور عند التاسعة صباحاً إلى منزل النائب ضاهر في الفرزل لتغطية حدث سياسي، من دون توضيح طبيعته. ومع الصباح تأكّد أنّ الحدث هو زيارة للسفير السعودي.
التطور الأول في مجريات الزيارة كان إبلاغ الصحافيين بنقلها من منزل ضاهر إلى معمل “ماستر تشيبس”. والثاني كان محاولة إلباس الزيارة لباساً اقتصادياً، بحضور رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير الأسبق محمد شقير وصناعيين في استقبال البخاري، واستبعاد مرشحي لائحة الضاهر عن الاستقبال. وفيما كانت الشخصيات الاقتصادية تتقاطر إلى المعمل، ويستقطب الأنظار حضور منسق البقاع الاوسط في “تيار المستقبل” رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، والوزير الأسبق محمد رحال، كان الصحافيون يتلقون دعوة لتغطية زيارة السفير السعودي للمرشح بلال الحشيمي في مدرسة إبن رشد، التي يملكها الحشيمي، في تعلبايا.
استهلّ السفير زيارته لضاهر بجولة مقتضبة وسريعة في أرجاء المعمل، ومن ثم انتقل مع الوفد إلى مكتب ضاهر حيث عقدوا اجتماعاً بعيداً عن الإعلام، وفي المكانين رفض السفير السعودي التصريح. وبينما كان ضاهر والبخاري يهمّان لعقد خلوة بينهما في قاعة اجتماعات مقابلة للمكتب، تحيّن الصحافيون الفرصة، واعترضوا طريق البخاري لدى انتقاله من المكتب إلى القاعة، محاولين الاستفسار منه عن مغزى الزيارة في هذا التوقيت، ما أزعج السفير السعودي فأخذ طريقاً مغايرة وغادر.
إلى تعلبايا سبق الصحافيون السفير البخاري، حيث كانت باحة مدرسة ابن رشد تتزين على عجل بأعلام المملكة العربية السعودية، وبصورة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ووسط تعليمات صارمة بإبعاد الصحافيين، عقد لقاء موّسع حضوراً ومقتضب من حيث مدّته، خلف الأبواب المغلقة لمكتب الحشيمي، سمح بعدها للحضور بالتقاط الصور مع السفير السعودي، الذي غادر من بعدها منهياً زيارته البقاعية.
قد تكون مساواة السفير السعودي وزيارته لمرشحين اثنين، وضعت السعودية، من حيث الشكل، على مسافة واحدة من المرشحين المحسوبين عليها، ولكنها وعلى ابواب #الانتخابات النيابية ستزيد الشارع السني حيرة وهو المتردد في اماكن والمتحمس في اماكن اخرى، وبالتالي من المؤكد ان الزيارة فتحت باب النقاش والتأويلات حول مفاعيلها الانتخابية، بابا لن تغلقه سوى نتائج صناديق الاقتراع.