صدر عن المكتب الاعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي البيان الاتي:
من المؤسف أن يطالعنا ببان صادر عن جمعية المصارف أقلّ ما يقال فيه إنّه مجاف للحقيقة، ويمثّل عملية هروب إلى الأمام في محاولة مفضوحة تدّعي حماية المودعين.
في حين أنّنا نتفهّم قلق مساهمي المصارف على ثرواتهم الخاصة نتيجة لخطّة النهوض الاقتصادي والمالي، وهو لأمرٌ طبيعيّ ومتوقّع، إلاّ أنّ الخطير وغير المسؤول يتجلّى في محاولة مكشوفة لربط مصير أموالهم بالمودعين، وهي محاولة للالتفاف على خطة متكاملة العناصر كانت محطّ تقييم وتقدير من قبل دول ومؤسسات دولية مستعدة لتقديم المساعدة للبنان.
ان خطة الحكومة التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي أتت بعد محادثات مضنية امتدت لعدة أشهر تستند الى مبدأ تراتبية الحقوق والمطالب لاستيعاب الخسائر ، وهو مبدأ عالمي يتماشى مع أبسط القواعد والمعايير الدولية، بمعنى انه لا يمكن المساس بأموال المودعين قبل استنفاد رؤوس أموال أصحاب المصارف. لقد زعمنا ولو لفترة وجيزة أن “العباقرة” ممّن يقفون خلف هذا البيان مدركون جيّداً لهذا المبدأ وظننا أيضا -قبل أن يخيب الظن- أنّهم يعرفون أنّ عدم تطبيق هذا المبدأ سيقضي لا محالة على أي أمل في الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في الحصول على أي مساعدة من الدول الأخرى. وهنا لا بدّ أن يكون الجميع على دراية أنّ لبنان لن يتمكّن من إبرام أيّ اتفاق مع صندوق النقد ولا الحصول على أي مساعدة من الدول الأخرى، ما لم يحترم هذا المبدأ ويطبّقه. كما لا بدّ من تسليط الضوء على أنّ ما يتردّد حول كون الخطة ترمي إلى إعفاء الدولة ومصرف لبنان من أي مسؤولية لا يعدو كونه اتهامات عارية من الصحة ومغلوطة، وأنّ تصريحات مشابهة -من حيث عدم توخّي الدقة وعدم التحلّي بالمسؤولية- لتلك التي صدرت اليوم يمكن أن تقضي على هذا الأمل لا سيّما إذا لاقت قبولا لدى المعنيين.
إنّ خطة النهوض بالقطاع المالي تحافظ على حوالي 90% من اموال المودعين، إلاّ أنّ هذا لا يعني أبداً أننا نتجاهل ال 10% المتبقية. فشطب جزء من ودائع المصارف الموجودة دفتريا لدى مصرف لبنان يهدف بالدرجة الأولى إلى تسوية وضع البنك المركزي حتى يتمكن من القيام بواجباته، لكن هذا لا يعني أن كل هذه الأموال قد شطبت من الودائع. وفي هذا الإطار، نحن لا نزال في خضم مفاوضات تسعى إلى حماية أكبر عدد ممكن من المودعين من دون أن نثقل كاهل الدولة بديون إضافية، سيّما وأنّ هذه الديون هي أساس الأزمة غير المسبوقة التي نعاني منها اليوم، او ان نفرّط بأصول الدولة التي هي مملوكة من المواطنين مع العلم ان أكثر من نصف اللبنانيين لا يملكون حسابات مصرفية.
لقد طوّرنا الكثير من المبادرات التي قد يكون لها أثر كبير على استعادة معظم الودائع، ولكن الخطر على هذه المبادرات كما على المودعين يبقى في تصريحات مماثله وغير مسؤولة كتلك التي طالعتنا اليوم.
لقد قلنا مرارا وتكرارا أننا نطمح لإرساء قطاع مصرفي سليم ومعافى يساهم في تمويل القطاع الخاص من اجل إطلاق عجلة الاقتصاد وتحفيز النمو. كما كرّرنا في عدة مناسبات أن القطاع المصرفي يمثّل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني وأننا نسعى لتحسين هذا القطاع وإعادة هيكلته خدمة للمجتمع. لذا فقبول بعض الخسائر في سبيل المحافظة على الوطن هو أقل ما يُطلَب أو يُتَوَقّع منّا في هذه الأوقات الصعبة.
إلى المودعين، لقد تعرضتم لضرر كبير نتيجة سياسات خاطئة، لذا أنتم على رأس أولوياتنا، فلا تدعوا أحدا يستثمر في حقوقكم المشروعة ويتكلّم باسمكم وكأنه الحريص عليكم. لا تسمحوا بأن يكبّلوكم بأغلال مصالحهم كي لا يغرقوكم معهم.
إلى المصارف، أنت ركيزة مهمة في الاقتصاد ولك دور أساسي في عملية الإنقاذ. إن هذه التصريحات التي تعبّر عن آراء قلة قليلة منكم لا تخدم مصلحة القطاع المصرفي ولا مصلحة البلد. ثمة من يعمل ليل نهار لاستعادة ما أمكن من أموال الناس، التي تم التفريط بها، وكسب ثقة المانحين الدوليين حتى نتساعد سوية على إنقاذ لبنان من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ الحديث. فرأفة بالذين يعانون الأمرّين والذين يصارعون يوميا لأجل تأمين أبسط مقوّمات الحياة الكريمة من الأكل والدواء، دعونا نكفّ عن المكابرة، لأن حالة الإنكار هذه إذا استمرّت، ستجعل الجميع يندمون على ما اقترفت ايديهم.