عندما دعا رئيس بلدية زحلة معلقة وتعنايل أسعد زغيب رؤساء بلديات 26 قرية في قضائها الى إجتماع لمناقشة موضوع إستمرارية العمل في مطمر زحلة الصحي الذي لم يواجه عائقاً في إستقبال نفايات المدينة والقضاء منذ سنة 1999، توجس بعضهم من الدعوة.فجميع هذه البلديات لا تزال تسدد لبلدية زحلة منذ تعاقدت على نقل نفاياتها الى مطمرها الحديث 13 دولاراً على السعر الرسمي لصرفه المحدد بـ 1500 ليرة، فيما هي مدركة بأن هذه الكلفة قد لا تكفي لتغطية مصاريف المازوت والكهرباء التي تستهلك في المطمر. توقع البعض بأن زحلة لا بد ان تكون بلغت حد السيف، ونضبت فعلياً قدرتها على الصمود التي ترجمتها في السنوات الماضية، تسخيراً لإمكانياتها المالية الكبيرة في خدمة المطمر ولو على حساب إنماء مطلوب في المدينة، حتى لا يغرق القضاء بنفاياته كما غرقت بيروت وباقي المحافظات التي عمتها صفقات النفايات.وبالفعل، لم يكن كلام زغيب ليكذب توقعاتهم. فبدأ حديثه بالأرقام في الإجتماع الذي دعا اليه أيضاً ممثلين عن كل من المنظمات المانحة الـ UNDP UNHCR، UNICEFF وعن وزارة الشؤون الإجتماعية ومحافظة البقاع، وأنهاه بالأرقام. ليخلص بأن زحلة ستستمر بحمل العبء عن القضاء، وإنما مع ضرورة إشراك المجتمع الدولي بتحمل ولو جزء من هذا العبء، مقدّراً كمية النفايات التي تنقل الى مطمر زحلة من مخيمات النازحين السوريين بنسبة 40 بالمئة من مجمل الكميات التي يستقبلها المطمر يومياً، والتي تصل الى 265 طناً. وطالب الهيئات المانحة بأن تغطي كلفتها بالدولار الطازج، الأمر الذي يمكن أن يوفر مبلغ 800 ألف دولار سنوياً، يؤمن ولو جزءاً من كلفة المطمر التشغيلية، على أن تمضي بلدية زحلة بتحمل العبء عن باقي البلديات في كمياتها المتبقية.ووفقاً للجردة التي قدمها زغيب فإنه بمقابل الـ 20 ألف ليرة التي تتقاضاها بلدية زحلة ككلفة محددة لمعالجة نفايات القضاء منذ بدء تشغيل مطمر زحلة الصحي سنة 1999، إرتفعت الكلفة التشغيلية الحالية للمطمر بعد إدخال التحسينات عليه لرفع قدرته الإستيعابية الى 22 دولاراً «FRESH». علما أن نفقات المطمر توزع بين كلفة تشغيلية وكلفة إستثمارية، وتبلغ الأخيرة وفقاً لدراسات بلدية زحلة 20 دولاراً عن كل طن نفايات، ما يجعل الكلفة الفعلية الإجمالية لمعالجة النفايات تصل الى 42 دولاراً عن كل طن يدخل الى مطمر زحلة الصحي. فيما البلدية تتقاضى حالياً أقل من دولار عن كل طن، وهذا يعتبر خدمة مجانية تقدمها للجوار.
يقرّ زغيب بأن مشكلة المطمر ليست في نفايات النازحين فقط، بل هي أولاً في الفرق الكبير بين السعر المحدد رسمياً للدولار، وسعره بالسوق الموازية. وفيما هو يشبه حال البلديات في تأمين نفقاتها، كحال الموظف النظيف في لبنان، مدخوله محدد، بينما نفقاته في تضاعف مستمر، لا يرى إمكانية لفرض زيادة بتسعيرة معالجة النفايات على البلديات. ولكنه يرى بالمقابل أنه من واجب المنظمات التي تدعم السوريين في تأمين المياه والكهرباء والتعليم والصرف الصحي، تسديد نفقات معالجة النفايات الناتجة عن المخيمات، بما يسمح بالمحافظة على البيئة التي تحتضنهم نظيفة. ومن هنا ولتأمين إستدامة العمل بالمطمر يشرح زغيب أن هناك حاجة للمحافظة على معدات المطمر وصيانتها بشكل سليم ومصان وتأمين الكهرباء الدائمة وتأمين المازوت الدائم للمعدات والمولدات، وتأمين رواتب العمال والمشغّل والمشرف على الأعمال.أما في حال لم تبد المنظمات الدولية رغبة بالمساعدة في إستدامة العمل بشكل مباشر، فأشار زغيب الى أن التوجه هو لتحميل اللاجئ كلفة معالجة طن النفايات مباشرة، على ان يتم تسديدها لمطمر زحلة الصحي مباشرة، من قبل من يقوم بجمع النفايات في اي من البلديات المجاورة. عارضاً على المنظمات ايضاً مساعدة البلديات مباشرة، على أن تسدد بدورها المبلغ المطلوب لقاء معالجة نفايات مخيمات اللاجئين للمطمر.كان واضحاً من خلال إجابات ممثلي الهيئات الذين شاركوا في الإجتماع، أن المطلب المحدد من زغيب لم يكن من ضمن حساباتها. ولذلك طلب الحاضرون مزيداً من الوقت حتى يعودوا الى إدارات منظماتهم التي عليها بدورها أن تعود للجهات الممولة، وصولاً الى البحث بمقترحات المساعدة. فيما بدا زغيب حازماً بالتأكيد بأن زحلة لم تعد تملك ترف الوقت، ملوحاً بالتوقف عن إستقبال نفايات القضاء، او أقله تحديد كمياتها، إذا لم يخرج الجميع بحلول حتى نهاية شهر حزيران المقبل.لم يكن وقع هذا الكلام مريحاً لا لرؤساء البلديات ولا لممثلي المنظمات، لأن ذلك وفقاً لبعضهم سيخلق تشنجات بين أهالي القرى والمخيمات وبينها وبين سكان المخيمات. ولكن زغيب أكد بالمقابل أن مشكلتنا ليست مع اللاجئ، وإنما مع واقعنا المالي الذي لا يسمح لنا بتحمل عبء شعب آخر أضيف الى شعبنا وفي ظروف صعبة جداً على الجميع.
#نداء الوطن