في ظاهرة فريدة ومميزة اجتمع اهالي برالياس مسيحيين ومسلمين في استقبال رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في زيارته الرسمية الأولى لرعية مار الياس والبلدة، فنظّم استقبال شعبي حيث سار سيادته في شوارع البلدة تتقدمه فرقة الزفّة واصطف المواطنون على جوانب الطرقات ونثروا الأرز والورود من الشرفات مرحبين بسيادته الذي بادلهم التحية والإحترام، وصولاً الى كنيسة مار الياس حيث رفعت لافتات الترحيب وقدّم الأطفال باقة ورد الى المطران ابراهيم.
شارك في الإستقبال نائب رئيس البلدية خالد سلوم والمخاتير حمد شهاب، سليم ابو مراد، محمود عبيد، سعد عراجي، زياد عبد الغني، زاهر الهندي وقاسم عراجي، ابناء البلدة والرعية.
واحتفل المطران ابراهيم بالذبيحة الإلهية في كنيسة مار الياس بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، كاهن الرعية الأب ايليا عون والآباء اومير عبيدي وشربل راشد، وخدمته جوقة الكنيسة بمشاركة الأب ايلياس ابراهيم.
بعد الإنجيل المقدس القى الأب عون كلمة ترحيب بسيادة المطران ابراهيم وشكر ويارته ومحبته البوية لأبناء الرعية وقدّم لسيادته ايقونة النبي ايليا عبون محبة وتقدير واحترام.
المطران ابراهيم كانت له عظة اعرب فيها عن سروره بزيارة برالياس والرعية وقال :
” اشكر الأب ايليا على كلماته الجميلة النابعة من القلب والتي تمثل مشاعركم جميعاً، مشاعر اهل هذه البلدة العريقة برالياس التي تحمل اسم نبي عظيم، النبي ايليا او الياس ويبدو انه ترك اهم صفة لديه في كل الأشخاص في هذه البلدة من حماس وصدق وطيب الإستقبال. اشكركم على الإستقبال الرائع، والمجد نحوله دائماً الى الرب.
اشكر الكهنة المشاركين معي في القداس اليوم، النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، والآباء أومير عبيدي، شربل راشد وايليا عون كاهن الرعية. المهنة اليوم يتحملون هذا الظرف الصعب كما يتحمله كل الناس، ليس من السهل اليوم ان يكون الإنسان مكرّساً للخدمة وكل الوسائل المتاحة للخدمة اصبحت نادرة او صعبة المنال.
من المستحب اليوم كتابة الأيقونات من دون سلاح يدوي كالسيف او الخنجر، لأننا كمسيحيين سلاحنا الوحيد هو الصليب الذي هو صليب اللاعنف الذي تميز به يسوع المسيح، الرب الذي قبل ان يصلب من اجل خلاص العالم من دون ان يتفوه بكلمة. يسوع كان ملك اللاعنف وأمير السلام. ونحن اليوم احوج ما نكون الى السلام، قبل كل شيء وفوق كل شيء سلام القلب وسلام الفكر وسلام المنطق السليم، فاذا كان الإنسان غير سليم من المستحيل ان يكون ساعٍ للسلام.”
واضاف ” من الأشياء الجميلة التي صادفتها اليوم الى جانب الإستقبال الكريم، نثر الأرز والورود من قبل اخوتنا المسلمين وهذا مشهد رائع جداً لأنه يرمز الى أهمية العيش الواحد، ويسوع في انجيل اليوم تلا صلاة الوحدة ” أصلي لكي يكونوا واحداً كما انا وأنت ايها الآب واحد”. الوحدة هي ميزة الهية وميزة انسانية في نفس الوقت، فالذي لا يستطيع ان يرى الله في الآخر لا يمكن ان يتعرف عليه بغض النظر عن مدى اختلاف هذا الآخر باللون او الإيمان او العقيدة او المستوى الإجتماعي. وهذه الأشياء جميعها لا يمكن ان تشكل قاعدة تزرع التميز بين الناس بمستوى كراماتهم وأهميتهم، فالناس متساوون بالكرامة والأهمية . ”
وتابع ابراهيم ” عندما توليت مهامي الأسقفية في ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع قلت في خطاب التولية ان اهل زحلة اوجدوا لاهوت خاص دون ان يعلموا، فعندما بدأوا بمناداة الآخر ” يا ديني ” ، اي انت ايها الآخر بعد الله ديني، الله لا يحتاج شيئاً من البشر لأنه الكمال، هو يحتاج الصلاة لكي يجعلنا نصلّي، يحتاج محبتنا اليه لكي نحب نحن، الحاجة هي جهتنا، فكل ما قمنا بهذه الأشياء التي تظهر صورة الله فينا يفرح قلب الله. الله يحتاجنا لأنه يحبنا، من منطلق المحبة ولو لم يكن يحتاج محبتنا بهذا المعنى اللاهوتي لما كان مات على الصليب حباً بالبشر كما نقول في ليترجياتنا.
واحببت شيء آخر لديكم هو اتباعكم البروتوكول الصحيح، من ناحية تظهرون احتراماً واهتماماً بمن لديه مسؤولية مميزة في البلدة او المنطقة او الوطن وتجلسوهم في الصفوف الأمامية، ونحن في صلواتنا نذكر دائماً المسؤولين ليس لأنهم كاملين بل ليكتملوا ، نحن نؤمن ان السلطة تعطى للناس من فوق. هؤلاء المسؤولون هم من اختيار الشعب ومن ارادة الشعب المبنية على الحرية التي احياناً تكون عظيمة واحياناً اخرى تكون حرية مهترئة مع الأسف، وهذه الحرية المهترئة توصلنا الى قرارات ونتائج مهترئة ومفككة ، لكن الله يحترم حريتنا حتى ولو كانت مفككة لدرجة ان هذه الحرية احياناً تختار ان تقول ” لا اله ” فقط وهذا الكفر بعينه والإلحاد ومع ذلك الرب يحترم حريتنا.
وبالعودة الى البروتوكل الثاني الذي لم اراه في غير كنائس وهو جلوس الأطفال في الصفوف الأمامية، وهذا برأيي افضل واجمل بروتوكول، هذا بروتوكول الوعي بأن الكنيسة هي الغد وليس فقط اليوم. اذا كنا نريد ابقاء الأولاد خارج الكنيسة لأسباب تعرفونها جميعاً، وهذا الأمر اكرره في كل الكنائس التي ازورها ليسمعوا هذا التفكير الذي علينا اتباعه في التعاطي مع الأطفال والأولاد والشباب، ونحن تعودنا انه اذا بكى الولد علينا اخراجه من الكنيسة مما يؤدي الى ردات فعل من الأهل بعدم العودة الى الكنيسة الى بعد ان يكبر، وهذا امر خاطئ. الأولاد يجب ان يعتادوا على الكنيسة وهم على ايدي اهلهم، يجب ان يروا الأيقونات ويسمعوا الترانيم ويتنشقوا رائحة البخور ومشاهدة الجماعة المصلية، يجب ان يعيشوا طفولتهم في الكنيسة هذه الطفولة التي تحدث عنها يسوع عندما قال ” ان لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات” مما يجعل اللاهوت حركة تنازلية لا تصاعدية في الحكمة والفهم.”
وختم سيادته ” اطلب من الرب ان يبارك هذه الرعية الحيّة وهذه الكنيسة التاريخية الجميلة، والأيقونات الحيّة الجالسة على المقاعد التي توازي وتفوق ربما الأيقونات الموجودة على جدران الكنيسة قيمةً.
اطلب من الرب ايضاً ان تكمّل هذه البلدة مسيرتها المميزة في العيش الواحد، وأن تكونوا دائماً في بر الياس عائلة واحدة لأن الإنسان هو واحد في الإنسانية والله هو واحد في اللاهوت، ومهما تفرقنا نحن البشر يبقى الله واحداً لا نستطيع تجزئته ومهما تفرّق الناس الإنسانية تبقى واحدة.”
بعد القداس انتقل الجميع الى صالون الكنيسة حيث كانت كلمة للمختار سليم ابو مراد رحب فيها بالمطران ابراهيم بإسم اهالي برالياس، كما كانت كلمة شكر من المطران ابراهيم، وقطع قالب حلوى بالمناسبة.