كتب عيسى يحيى في نداء الوطن،
جنّ جنون الدولار نهاية الأسبوع المنصرم وألقى بظلاله على مختلف جوانب حياة المواطنين، فبدأوا يضربون أخماسهم بأسداسهم ويفكرون كيف يجارون غلاء الأسعار على اختلاف الأصناف في ظل انخفاض القدرة الشرائية وانعدامها.إلى حدودٍ غير مسبوقة وصل مسار انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار، واختلط حابل معاناة الناس وأوضاعهم المزرية بنابل ارتفاعٍ شامل لأسعار السلع الغذائية والخبز والمحروقات وجشع التجار الذين يستغلون القفزات البهلوانية للدولار لتغيير لائحة أسعارهم من دون الرجوع إلى النقابة المختصة تحت حجة الشراء على أعلى سعر. وفي حين سجل الأخضر أعلى مستوى قياسي له حيث وصل الى 39 ألف ليرة لبنانية، سعّر العديد من التجار أسعار بضائعهم على تسعيرة الأربعين ألفاً، في خطوة إستباقية تبقيهم على حدود عالية من الربح، وتضع المواطنين تحت خط الفقر أكثر وأكثر.نسي معظم اللبنانيين ما وصل إليه سعر صرف الدولار في السوق السوداء وانتظروا صباح يوم الإثنين ليشتروا الدولار من المصارف وفق سعر صيرفة بعد القرار الصادر عن حاكم مصرف لبنان وقد كبح به جماح التفلت الذي حصل، غير أن القرار دفع بالعديد من المواطنين للدخول في سوق المضاربة عبر تقديم الطلبات في المصارف للحصول على الدولارات الطازجة وبيعها في السوق السوداء، وعليه شهدت فروع المصارف في مدينة بعلبك زحمة مواطنين منذ ساعات الصباح الباكر بهدف تقديم طلبات لشراء الدولار، ومنهم ليقبض راتبه على سعر منصة صيرفة بقصد تحقيق زيادة على الراتب لا تتجاوز ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية وهم في أغلبهم من موظفي القطاع العام والقوى الأمنية والعسكرية.
وعلى وقع انقباض سعر الصرف وانفلاشه، تشهد سوق بعلبك ركوداً لا مثيل له، فالشوارع شبه فارغة، لا سيارات ولا مواطنين يتنقلون ويتسوقون، المحال خاليةٌ من روّادها وأصحابها يتذمرون من الحالة التي وصلوا اليها، فلا هم قادرون على مجاراة الدولار والبيع وفق أعلى سعر صرف، ولا الناس في وارد الشراء في ظل الأزمة الخانقة التي يرزحون تحتها، وعليه يبقى الوضع على ما هو عليه، لا بيع وشراء والحركة التجارية معدومة، والبضائع تتكدس عند أصحابها لحين الإستقرار ومعرفة وفق أي تسعيرة سيبيعون.أما المواد الغذائية واللحوم والدجاج فليست أفضل حالاً، وإن كان المواطن يستطيع الاستغناء عن الثياب وبعض الحاجيات، غير أن الطعام والشراب لا مفرّ منهما. وتزامناً مع ارتفاع الدولار زادت الأسعار بنسبةٍ وصلت إلى 40 بالمئة في العديد من الأصناف، حيث وصل سعر كيلو لحم البقر إلى 400 ألف ليرة لبنانية بعدما كان على عتبة الـ280 ألفاً، أما الدجاج فحلقت أسعاره أيضاً بنسبة 30 بالمئة وباتت طاولة الغداء لأي أسرة بقاعية تكلف نصف معاش، أما النصف الآخر فيذهب ثمن شراء بعض أصناف الخضار والفاكهة وقد تجاوزت حدود المعقول.وما بين كل الضغوط تفرض أزمة المحروقات من بنزين ومازوت نفسها، بعدما أرهق ثمن صفيحة البنزين الموظفين وعامة الناس، واستدعى استعجال عدد من المدارس في المحافظة إنهاء العام الدراسي لتخفيف الأعباء عن الكادر التعليمي والأهل معاً، فيما يشكو المزارعون من السعر الخيالي لسعر صفيحة المازوت وقد وصل إلى800 الف ليرة ويحتاجونها لرّي مزروعاتهم.